*حمادة فراعنة: أخذني الراحل الحسين بحِلْمه عندما أخطأت بأصول مخاطبته
«زاوية» تستضيف من خلالها صحيفة «الرأي»، طَوال شهر رمضان المبارك، شخصيات سياسية واقتصادية ودينية وثقافية ورياضية، لتسلّط الضوء على سيرتهم ومسيرتهم الحياتية وآرائهم في بعض القضايا الوطنية.
ولد بمخيم الحسين في بيئة اللاجىء الفلسطيني، وعلى قدميه سار، الاولى: على الارض الاردنية، سياسياً، والثانية: الى الارض الفلسطينية، فدائياً.
في مراحل الدراسة الأولى، كان عليه مع زملائه أن يتميزوا تعليمياً، وأن يتحملوا المسؤولية مع أُسرهم لتخفيف أعباء المعيشة، ولأن الجميع أصحاب قضية.
يرى أن لقاء الراحل الملك الحسين في زيارة لصحيفة الدستور، والصدفة التي جعلته يحضر اللقاء، فرصة مهدت الطريق ليواصل مسيرته في العمل الاعلامي والسياسي.
ضيف «الرأي»، اليوم، النائب السابق، السياسي حمادة فراعنة، حيث يدلي بشهادته على نفسه.
النشأة؟
ولدت بمخيم الحسين بعد لجوء الأهل اثناء حرب الـ ٤٨'، كان التحدي الاول لي
البحث عن لقمة العيش في ظل متطلبات قاسية فقد وجدت نفسي أسكن في صفائح زينكو، والطرق المؤدية الى المدارس ترابية، صيفاً، وطينية، شتاء.
اما التحدي الثاني، فكان التعليم باعتباره الوسيلة للوصول الى حياة كريمة.
خلال المرحلة الابتدائية، قمت ببيع المثلجات «الأسكمو» والبوظة، وعملت على تنزيل البطيخ، لتغطية مستلزمات الدراسة.
المدرسون بمدارس وكالة الغوث كانوا أكثر صرامة مع الطلاب لإشعارهم بحالة التشرد واللجوء، ولأن التميز بالدراسة درب من دروب الوعي بالقضية الفلسطينية وسبيل للعودة الى فلسطين، كنا لمدرسينا السمع والطاعة، حيث المدرس عنده قضية والطلاب شركاء بها.
زاد على هذه المسؤولية، أن المدرسين حزبيون فمنهم الاخوان المسلمون والبعثيون والشيوعيون والقوميون والتحريريون، ودوافعهم الذاتية تملي عليهم انتماءاتهم السياسية والفكرية والعقائدية، ومعظمهم ولدوا في فلسطين، وكانت هذه الولادة حالة من الالتزام نحو الطلاب اللاجئين.
كرة القدم كانت الهواية وكلما اتاحت لنا الظروف، والمراكز الشبابية للمخيمات تميزت بلعبة الكرة الطائرة أيضاً.
جاءت نكسة حرب الـ٦٧ لتزيد في تداعياتها قسوة، اضافة لإحتلال الضفة الغربية، الا أن الاحتلال حول الأجواء الى تشكيل كتائب وانتماءات للفصائل الفلسطينية مثلما تحولت الأحزاب الى فصائل وكان أن تولى بعض قياداتها اشخاص شرق اردنية، أمثال نايف حواتمة وحاكم الفايز وضافي الجمعاني وغيرهم العشرات من ابناء الريف والبادية ومن لهم خبرات عسكرية وحزبية ليشاركوا الكفاح الفلسطيني المسلح في العمليات داخل الارض المحتلة.
الدراسة الجامعية؟
عقب «التوجيهي» سافرت الى القاهرة لدراسة الاقتصاد والعلوم السياسية، وعندما تخرجت سافرت الى لبنان وسورية ملتحقاً بالمقاومة الفلسطينية وكانت مهمتي التسلل الى الاردن ومنه الى فلسطين لإحضار الشباب المنظمين وتدريبهم على الأراضي اللبنانية والسورية.
في احدى الدوريات الاردنية تم اعتقالي وإيداعي السجن قبل أن التحق بالجامعة الاردنية لدراسة علم المكتبات كدراسة عليا، وفي الجامعة كان لي نشاطات طلابية، اعتقلت على أثرها مراراً.
المجال الاعلامي؟
في المجال الإعلامي عملت في جميع الصحف المحلية التي اتاحت لي التقرب من الناس وبخاصة في المناطق الشعبية مثل منطقة طارق في عمان ونشرت قضايا تلك المناطق وسكانها، ما هيّأ لي مناخاً جنيت ثماره لاحقاً، وتحديداً في مجلس النواب، بعد أن تلقيت دعماً مالياً من الناس وما توفر لي من مال شخصي، لغاية دعمي في الحملة الانتخابية، وكان الدعم بمثابة ثقة متبادلة وتعزيز وجودي في المجلس.
وفي هذا المجال (الاعلام) وفي احد الأيام عند قدومي الى صحيفة الدستور، تفاجأت بأعداد يطوقون الصحيفة، وعندما سألت عنها، اخبروني أن جلالة الملك الحسين سيزورها اليوم، دخلت المكتب وكتبت مقالي، وقد دعيت لحضور اللقاء.
فتح الحسين باب الأسئلة، فلم يكن هناك من يسأل، فاستأذنت جلالته وتحدثت بأمور حساسة وخانني التعبير باصول المخاطبة ما ازعج رئيس الوزراء ووزير الاعلام، وقد قذعاني بعبارات قاسية، حتى أنني في حديثي للمرة الثانية وموجهاً الحديث للملك، قلت: والله يا جلالة الملك إنك كبير وعظيم ومحترم، دون من هم حولك» في اليوم التالي كتبت مقالاً اشكر فيه حلم وسعة صدر الملك، وعندما قدمت المقال لرئيس التحرير قام بتمزيقه دون أن يقرأه، وأنني مفصول من الصحيفة.
ذهبت الى البيت، وفي اليوم التالي كان شخص يتصل بهاتف المنزل، فردت زوجتي مستفسرة مَن المتصل، فقال «أبو عبدالله» ولم تعرف أنه الملك، وطلبت مني الرد، وكان يسأل عن مقالي في الصحيفة الذي اعتاد على قراءته، فقلت «لقد فصلوني من الصحيفة»، فقال جلالته «تسمح لي أن أتدخل»؟ فشكرته، وبعد دقائق، كان رئيس الوزراء يخبرني بعودتي الى العمل.
ماذا عن العمل السياسي في الاردن؟
العمل السياسي مارسته فلسطينياً واردنياً، فقد كنت عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني، وعضواً في اللجنة الملكية لصياغة الميثاق الوطني الاردني، وهذه الازدواجية شكلت لي مشكلة عندما تقدمت بطلب الترشح لخوض الانتخابات النيابية عام ١٩٩٣،وكانت في البداية رفض الطلب، فذهبت لمحكمة بداية عمان وكان رئيسها القاضي عبد اللوزي وقدمت ثلاثة عناوين تبطل قرار المنع وهي (١)تعيين عضو المجلس الفلسطيني عبدالمجيد شومان وهو من مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية، عضواً في مجلس الاعيان الاردني، (٢) تعييني والمحامي ابراهيم بكر وتيسير الزبري، ?جميعنا في المجلس الفلسطيني، وأعضاء في الميثاق الوطني الاردني، (٣) كان يتم اعتقالي وانا عضو في المجلس الفلسطيني، فأين الحصانة؟!فصدر قرار المحكمة بأحقية ترشحي للبرلمان، وقد نجحت في عضويته.
التجربة البرلمانية؟
خرجت بتجربة نيابية مفادها، أن أغلبية أعضاء المجلس ليسوا سياسيين، ومنهم من ينتمي لوجوه متنفذه ورجال أعمال واصحاب المال، ومن جماعة الاخوان المسلمين.
واستطيع القول انني كنت واحداً من الذين قادوا المصالحة الوطنية في بيئة المعارضة والأحزاب والقصر.
كيف تقضي طقوس شهر رمضان والوجبة المفضلة على مائدة الافطار؟
تماشياً مع التقاليد، حيث تجمعنا اللقاءات العائلية للإخوان والأخوات بما فيها من قيم إيمانية وروحانية، وأن الشهر الفضيل كبح للشهوات، سواء عند المتدين أو غير المتدين، أما الوجبة المفضلة فهي السلطة والفول.