تتفاقم الأزمة لدى المستعمرة نتاج انتخابات الكنيست يوم 1/11/2022، وتولي اليمين المتطرف مع الديني المتشدد إدارة حكومة المستعمرة، التي هدفت إلى تغيير الجهاز القضائي وسلطة القانون والمحكمة العليا، من أجل شطب اتهامات الفساد المتورط بها الحليفان نتنياهو وأريه درعي، الانقلاب القضائي الذي يقوده نتنياهو بواسطة وزيره يلفين مسؤول ملف القضاء لدى حكومة المستعمرة، دفع المعارضين إلى الشوارع بمظاهرات متواصلة متقطعة للأسبوع الثاني عشر على التوالي.
وزير الجيش يوآف غالانت من حزب نتنياهو الليكود، طالب بتأجيل التصويت لدى الكنيست إلى ما بعد الأعياد اليهودية، معترضاً على آلية فرض وسرعة تغيير القوانين الخاصة بالجهاز القضائي لقراءته أن الانقسام الشعبي الممتد إلى العديد من المدن، أخذ تأثيره المباشر على الجيش، ببيان أصدره بهذا المعنى، وبات مفهوماً بسبب هذا الموقف من قبل يوآف غالانت أنه ضد «الانقلاب القضائي».
نتنياهو استدعى غالانت، وأخبره أنه فقد الثقة به، لأن موقفه المعلن بات ضد الحكومة، وضد التحالف الذي يقود الحكومة، بل وضده شخصياً، وقام بإقالته، وأعلن نتنياهو بوضوح: «يجب علينا جميعاً الوقوف بوجه من يرفض الإصلاحات» أي من يرفض الانقلاب القضائي.
يائير لبيد وبيني غانتس قادة المعارضة أصدرا بياناً مشتركاً قالا فيه: «لا يمكن أن يكون أمن الدولة ورقة في اللعبة السياسية، نتنياهو تجاوز الخط الأحمر» رداً على خطاب نتنياهو وعلى إقالة وزير الجيش يوآف غالانت، وقالا في بيانهما: «ندعو الوزراء وأعضاء الكنيست من الليكود إلى عدم المساعدة في سحق الأمن القومي، ومن يتولى منصب وزير الدفاع –بعد إقالة غالانت- يجلب العار على نفسه».
الثلاثي يهود براك رئيس الحكومة الأسبق، وموشيه يعلون وزير الجيش الأسبق، ودان حالوتس رئيس الأركان الأسبق، أصدروا بياناً مشتركاً أيدوا فيه يوآف غالانت وعبروا عن دعمهم له وإنحيازهم لموقفه، مما وفر مناخاً صادماً وحافزاً لزيادة عدد المتظاهرين المحتجين.
نتنياهو راكب رأسه، لا خيار أمامه سوى مواصلة التمسك بالتحالف مع أكثر الأحزاب تطرفاً، والتمسك بإجراءات الانقلاب القضائي، لأنها وحدها ستحميه من المحاكمة والسجن وتعطيه الفرصة لمواصلة توليه رئاسة الحكومة، عبر تغيير الأنظمة والقوانين باتجاه السماح له للتخلص من إتهامات الفساد التي يُحاكم على أساسها.
نتنياهو يُسارع الوقت حتى لا تخرج المحكمة العليا بقرار تنزع عنه الشرعية وتمنعه من مواصلة التكليف بإدارة الحكومة مثلما سبق وأصدرت قراراً يمنع حليفه أريه درعي من تولي وزارة الداخلية على خلفية محاكمته في التورط بقضايا فساد وتهربه الضريبي.
الفساد والأنانية الذاتية الضيقة عنوان الاحتجاجات، وعمق الفجوة والصراع بين المتدينين والعلمانيين، هما مصدر الاحتجاجات المتواصلة، تعبيراً عن حجم المرض الداخلي الذي يجتاح المستعمرة، والمرض الثالث والأهم لم ينفجر بعد المتمثل بالاحتلال والاستعمار والتوسع والعنصرية ضد 7 ملايين عربي فلسطيني ما زالوا صامدين مقيمين على أرضهم وفي وطنهم.