اخبار البلد_ لم يتمكن أحمد سليمان (65 عاما ) من إجراء عملية تنظير للأمعاء منذ تسعة أشهر خلت، وذلك بسبب أعطال أجهزة الهضمية في مستشفى الجامعة الأردنية، وسليمان نموذج لمئات المرضى الذين تتزايد آلامهم يوميا بسبب أعطال الأجهزة بعامة في مستشفى الجامعة.
معاناة سليمان المؤمن طبيا لدى وزارة الصحة لم تتوقف عند هذا الحد، بل دخل في معاناة أخرى بعد تحويله لأحد المستشفيات الحكومية في العاصمة فضربت له موعدا جديدا مدته ثلاثة اشهر أخرى.
بعض المؤمنين صحيا يضطرون إلى اللجوء إلى مستشفيات خاصة رغم تردي أوضاعهم المالية بسبب شدة ألآمهم، وأم أحمد «48 عاما «أصابها اليأس بعد انتظار دام «45 يوما»،فاضطرت إلى «دفع أكثر من 400 دينار لإجراء التنظير لدى مستشفى خاص».
ولا يتوقف الأمر عند الأعطال شبه الدائمة للأجهزة لكنه يتعداه إلى نقص المواد الأساسية للجراحة، وفقا لمدير المستشفى الأسبق الجراح الدكتور محمود أبو خلف، وبحسبه فإن «المستشفى يخلو من الخيوط الطبية اللازمة لإجراء العمليات الجراحية»، مشيرا إلى أنه «يتكرر تأجيل إجراء العمليات أو تحويلها للقطاع الخاص».
ويقول مدير دائرة الباطنية الدكتور نذير عبيدات أن «سبب التردي عائد إلى العجز المالي الخطير الذي يعانيه المستشفى حاليا» ويشدد على «وجود أقسام مهددة بالتوقف عن العمل ومنها أقسام المراقبة الحثيثة للحالات المرضية».
ويشير عبيدات إلى ان «هناك مريضة نقلت من قسم العناية الحثيثة لاجراء تنظير للأمعاء في مستشفى أخر رغم ما يشكله ذلك من خطورة على المريضة».
ويبين عبيدات أن «الكوادر العاملة في المستشفى تتقاضى رواتبها استنادا الى حجم العمل اليومي، ولا يوجد مخصصات حكومية للمستشفى، ما يعني أن المستشفى في خطر».
وبحسب الوثائق فإن «الديون المطلوبة من المستشفى لشركات الأدوية 20 مليون دينار منها 14.5 مليون دينار لشركات الأدوية، وخمسة ملايين ونصف لصالح شركات المستلزمات الطبية».
وفي المقابل تكشف الوثائق عن 22 مليونا و500 ألف دينار هي ديون المستشفى على وزارة الصحة، منها 18 مليون و200 ألف لقاء معالجات للمرضى المؤمنين على حساب تأمين وزارة الصحة، وثلاثة ملايين و900 ألف لقاء معالجات المرضى المحولين من الديوان الملكي، و400 ألف لقاء معالجات المرضى المحولين من رئاسة الوزراء، وذلك عن عام 2011.
«توزيع الكادر التمريضي»
مراجعون وصفوا قسم الجهاز الهضمي «بالميت» لانعدام العمل فيه، ويؤكد رئيس القسم في المستشفى الدكتور عوني أبو سنينة أن «جميع أجهزة التنظير للجهاز الهضمي العلوي والسفلي (القولون) والقنوات المراريّة والأمعاء الدقيقة معطلة».
ويؤكد أبو سنينة «إن أجهزة التنظير البالغ عددها ثمانية أجهزة معطلة بالكامل ما استدعى توزيع الكادر التمريضي للقسم والبالغ عددهم زهاء 30 موظفا الى أقسام أخرى، وعدم استقبال المرضى في انتظار الإغلاق التام للقسم».
ويبين أبو سنينة أن «جهاز تنظير الأمعاء الدقيقة بالكبسولة وهو أول جهاز في الشرق الأوسط معطل لعدم وجود الكبسولات الذكية التي هي عبارة عن كاميرا لتصوير الأمعاء ما أدى الى شلل كامل في أقسام المستشفى وتوقف تدريب أطباء الاختصاص من مختلف الجامعات».
ويتخوف أطباء من أن يؤدي توقف دفع أجور الأطباء إلى هجرة الكفاءات منهم إلى القطاع الخاص او الى دول الخليج، فالطبيب محمد الخطيب - وهو خريج مستشفى «مايكلونك» التعليمي في بالولايات المتحدة «متوقف عن العمل منذ خمسة شهور»، ويقول الخطيب «تلقيت عروضا للعمل في دول الخليج برواتب تعادل خمسة أضعاف الراتب الحالي، ومن المؤسف تحول المستشفى إلى طارد للكفاءات الطبية».
«ديون متراكمة»
ويقول مدير مستشفى الجامعة الأردنية الدكتور مجلي محيلان ان وزارة الصحة تماطل في تسديد ديونها المستحقة للمستشفى عن العام الماضي».
ويضيف محيلان أن «الديون متراكمة أيضا منذ سنين على مستشفى الجامعة ما أوصل وضعه إلى هذه الخطورة «ويشير إلى «مشكلات قانونية ومالية بين المستشفى ووزارة الصحة فالوزارة تصر على تدقيق ملفات المتعالجين بطريقة عشوائية».
ويوضح أن «التدقيق العشوائي لملفات المتعالجين يعني اختيار شهر من كل ثلاثة شهور، واعتماد 10% من ملفات الشهر لتدقيقها، وفي حال اكتشاف فروقات مالية فإنها تعمم على المؤمنين صحيا خلال الشهور الثلاثة، ما يرتب فروقا مالية عالية».
ويقول «تنازل المستشفى خلال السنوات الخمسة الماضية عبر ادارته السابقة 31 مليونا كفروق نتيجة التدقيق العشوائي».
ويطالب «بحسم الفروقات الحقيقية من حساب كافة الملفات الموجودة دون تعميمها إذ لا يجوز اعتبار الخلل في عينة عشوائية خلل في كل الملفات». ويلفت محيلان «إذا توصلت اللجنة الى فرق حقيقي مقداره «31 «مليون فهذا يعني ان هناك فسادا كبيرا يجب التحقيق فيه».
ويعتبر أن آلية التدقيق «غير قانونية فهي مخالفة للاتفاقية والتي «تنص في المادة 7 الفقرة «و» على ان يكون تدقيق الفواتير خلال شهر وتحويلها إلى إدارة التأمين الصحي».
ويلفت محيلان «طالبنا لجنة التدقيق بتدقيق ملفات العام الماضي شهرا بشهر استنادا الى الاتفاقية إلا أنها تلكأت بتلبية طلبنا القانوني ولم تدقق أي ملف،وبدأت الشهر الماضي بتدقيق الملفات».
ويضيف «الغريب في التدقيق أن اللجنة تطالبنا بالتنازل عن ستة ملايين دينار عن الربعين الثالث والرابع من العام الماضي»،متوقعا أن «تصل الفروقات الى قرابة عشرة ملايين دينار». ويؤكد أنه «لن تتنازل ادارة المستشفى عن أي مستحق مالي فرض علينا «خاوة» بطريقة تدقيق عشوائية».
ويشير محيلان إلى أن «ما فجر هذا الخلاف المالي هو إرسال شركات الأدوية والشركات الأخرى إنذارات عدلية متتالية للمطالبة بحقوقها ورفضها ارسال طلبيات جديدة للمستشفى ما أدى إلى توقف بعض الأقسام».
ويتخوف محيلان «من صدور حكم قضائي بالحجز على موجودات المستشفى لتسديد ديونه»، ويشير إلى استلام المستشفى خمسة إنذارات عدلية وردت رسميا بناء على طلب من شركات أدوية ومستلزمات طبية».
ويوضح محيلان «أن التدقيق العشوائي عن نصف العام الماضي كشف عن فروقات بسيطة بلغت 600 دينار لشهر أيلول الماضي، فلو ضربنا هذا المبلغ بعدد أشهر السنة لتضاعف إلى سبعة آلاف و200 دينار بينما الوزارة تطالبنا حاليا بالتنازل عن ستة ملايين دينار مقابل هذا الفرق البسيط».
ويضيف محيلان أن «المستشفى مستعد لرفد الوزارة بثلاثة موظفين على حسابه للتدقيق اليومي لكافة الملفات المالية والفنية المحوسبة». ويقول «عدد الملفات اليومية لا يزيد عن سبعين وفي حال التزمت الوزارة بذلك فان إدارة المستشفى على استعداد لإعفاء إضافي قدره 5% ما عدا الأدوية في حال إتمام عملية التدقيق من الجهات المعنية والدفع شهريا ما يؤدي لمنع وقوع أية مخالفات قد يرصدها ديوان المحاسبة وتحقيقا للشفافية».
ويشدد على أن «الأكثر تضررا من تراكم الديون وتراجع الخدمات هم المرضى والطلبة المتدربين باعتبار أن المستشفى تعليمي يستفيد منه طلبة كلية الطب».
وسألت «الرأي «محيلان، لماذا لا تخفض قيمة حوافز الأطباء المالية لما تواجهه من انتقادات رسمية لارتفاعها؟ فأجاب محيلان: «مجموع الحوافز السنوية للأطباء سبعة ملايين دينار وبنسب تتراوح ما بين 800 إلى تسعة آلاف دينار لكل طبيب».
«خسائر مالية»
وحصلت «الرأي» على كتاب «سري» وجهه ديوان المحاسبة إلى وزير الصحة الدكتور عبد اللطيف وريكات في الثالث عشر من تشرين الأول الماضي يؤكد «على إدارة التأمين الصحي في الوزارة صرف مستحقات المستشفى خلال ثلاثة اشهر من استلام مطالبة المستشفى وصرف المبلغ دفعة واحدة».
ويبين الديوان في كتابه أن «الاتفاقية تنص على إجراء التدقيق من بداية العام الماضي إلا أن اللجنة لم تباشر عملها الى تاريخ صدور الكتاب».
وفيما يخص اختيار شهر عشوائي عن كل ربع من السنة يوضح الكتاب أن «هذا الشرط يلحق خسائر مالية لا يمكن تحديد المسؤولين عنها بسبب صعوبة الرجوع الى المرضى والأطباء والعاملين وغيرهم بعد مرور عام في حال اكتشاف أية أخطاء مالية».
ويحذر الكتاب من «أن هذا الشرط سيؤدي الى عدم توفر السيولة النقدية في المستشفى وعدم دفع الرواتب وتسديد فواتير الأدوية والمستلزمات الطبية وتوقف الشركات عن تزويد المستشفى بمتطلباته واستغلال أصحاب الديون لرفع أسعار المواد المورده نظرا لضخامة المبالغ المالية المستحقة على المستشفى».
ويدعو «الكتاب الموقع من رئيس ديوان المحاسبة مصطفى البراري إلى الإيعاز للجنة التدقيق بمباشرة عملها لتدقيق كامل مطالبات مستشفى الجامعة في الوزارة وبشكل شهري وبنسبة100% تنفيذا لبنود الاتفاقية وإعلامي».
اللافت ان المادة الثالثة من قانون»ضم مستشفى عمان الكبير الى الجامعة الأردنية» لعام 1975تنص على «تخصيص الحكومة منحة من الخزينة مقابل توفير الرعاية الطبية بالاتفاق والتعاون مع وزارة الصحة».
«آلية تدقيق قديمة»
مدير إدارة التأمين الصحي الدكتور خالد أبو هديب بين ان آلية التدقيق المتبعة حاليا مطبقة منذ عام 2001على المستشفيات الحكومية كافة ومنها الملك المؤسس ومركز السكري وغيرها ووفق لجنة بينها ديوان المحاسبة.
ويضيف أبو هديب إن «هناك توجه لإحالة عمليات التدقيق على احدى الشركات المتخصصة في مجال المحاسبة». ويوضح «أن عمليات التدقيق الأخيرة كشفت عن وجود ستة ملايين مستحقة لنا منها ثلاثة ملايين عن الربع الثالث من العام الماضي وثلاثة ملايين عن الربع الرابع».
ويرد ابوهديب على قول «محيلان» بعدم قانونية مطالبة الوزارة بخصم هذا المبلغ ان «هذه إجراءات رسمية، ولمدير مستشفى الجامعة الحق في اللجوء الى القضاء في حال بقي على شكواه».
ويضيف أبو هديب انه «لا يوجد أية مشاكل بيننا وبين المستشفى، فقد دفعنا 17 مليون دينار من اجمالي 32.5 مليون تمثل ما نسبته 50% من المطالبات المقدمة وحسب الاتفاقية الموقعة بين الطرفين».
ويشير إلى انه «سوف نسدد باقي المبلغ المترتب على صندوق التأمين الصحي في حال الانتهاء من عملية التدقيق التزاما من الوزارة مع كافة المستشفيات المتعاقد معها ببنود الاتفاقية».
ويقول أبو هديب «تقوم ادارة التأمين الصحي في وزارة الصحة بتسديد مطالبات المستشفيات المتعاقد معها لمعالجة المرضى غير المؤمنين في حال توفر المبالغ المالية لدى الوزارة».
ويبين ان عمليات التدقيق المالية تجريها لجان فنية ومالية يشكلها الوزير استنادا لقرار صادر عن مجلس الوزراء». ويوضح أن «اللجنة تختار شهرا عشوائيا من كل ربع سنة وتأخذ عينة عشوائية لا تقل عن 10% من ملفات المرضى وفي حال اكتشفت فروقات فانه يتم تعميمها على الربع كاملا».
وبين وزير الصحة الدكتور عبد الطيف وريكات في تصريح سابق في مجلس النواب فان «الوزارة سددت 55 مليون دينار من حجم المطالبات المالية الاجمالية المترتبة عليها والبالغة100 مليون دينار متراكمة عليها منذ عام2007».
ويذكر أن 54 نائبا طالبو الحكومة بدفع المبالغ المالية المترتبة على وزارة الصحة لمستشفى الجامعة الأردنية.
وقالوا في مذكرة ان المستشفى لا يتلقى اي دعم حكومي، وان شركات الأدوية أرسلت إنذارات عدلية للمستشفى للمطالبة بديونها البالغة 20 مليون دينار.وطالبوا الحكومة بتفعيل النصوص القانونية التي تنص على تخصيص منحة من الخزينة لا تقل عن 60% من موازنة المستشفى إضافة الى تسديد الديون.
«الرأي القانوني»
ويطالب النائب المحامي وصفي السرحان الطرفين المتخاصمين بالعودة للاتفاقية فهي المرجع الأساسي والعمل بها وفق دولة القانون المؤسسات.ويضيف السرحان في تصريح إلى «الرأي» أن «أي إخلال في الاتفاقية من قبل أي طرف يكون الطرف الاخر غير مسؤول عما ارتكب من أفعال».
ويشير إلى أنه «على وزارة الصحة أن تصوب عملية التدقيق العشوائي بالعودة للاتفاقية التي تنص صراحة على «تدقيق الفواتير المقدمة من الفريق الثاني خلال شهر وتحويلها الى ادارة التامين الصحي والتنسيب بخصوصها على ان يقدم الفريق الثاني هذه الفواتير خلال شهرين من تاريخ خروج المستفيد».
وحصلت «الرأي» على كتاب وجهه رئيس الوزراء عون الخصاونة قبل شهرين الى وزير الصحة عبد اللطيف وريكات يظهر موافقة الخصاونة على تشكيل لجنة مشتركة تضم في عضويتها مندوبا عن كل من: الصحة، المالية، صندوق التأمين الصحي، الموازنة العامة، ديوان المحاسبة، مستشفى الجامعة».
ويطلب الكتاب «دراسة امكانية تطبيق التدقيق الفوري والحاسوبي المشترك لمطالبات المستشفى، وتخصيص منحة من الخزينة لا تقل عن 60% من موازنة المستشفى مقابل توفير الرعاية الطبية بدلا من شراء الخدمات الصحية من الوزارة».
اللجنة المذكورة شكلت، وما تزال تدرس مقترحات الرئيس، ومن المتوقع احالة التدقيق على شركة محاسبية خاصة بحسب مدير إدارة التأمين خالد أبو هديب.
ويذكر إن مستشفى الجامعة الأردنية أنشئ في عام 1973 وسمي مستشفى عمان الكبير ومن ثم الحق بالجامعة الأردنية ليصبح اسمه في عام 1975 مستشفى الجامعة الأردنية.
ويعتبر المستشفى تعليميا للأطباء والكوادر الصحية الاردنية والعربية ويراجعه يوميا أكثر من ألفي مريض، ويعمل فيه 105أطباء و35 استشاريا و25 اختصاصيا و165 مقيما، ويوجد في المستشفى 620 سريرا.
معاناة سليمان المؤمن طبيا لدى وزارة الصحة لم تتوقف عند هذا الحد، بل دخل في معاناة أخرى بعد تحويله لأحد المستشفيات الحكومية في العاصمة فضربت له موعدا جديدا مدته ثلاثة اشهر أخرى.
بعض المؤمنين صحيا يضطرون إلى اللجوء إلى مستشفيات خاصة رغم تردي أوضاعهم المالية بسبب شدة ألآمهم، وأم أحمد «48 عاما «أصابها اليأس بعد انتظار دام «45 يوما»،فاضطرت إلى «دفع أكثر من 400 دينار لإجراء التنظير لدى مستشفى خاص».
ولا يتوقف الأمر عند الأعطال شبه الدائمة للأجهزة لكنه يتعداه إلى نقص المواد الأساسية للجراحة، وفقا لمدير المستشفى الأسبق الجراح الدكتور محمود أبو خلف، وبحسبه فإن «المستشفى يخلو من الخيوط الطبية اللازمة لإجراء العمليات الجراحية»، مشيرا إلى أنه «يتكرر تأجيل إجراء العمليات أو تحويلها للقطاع الخاص».
ويقول مدير دائرة الباطنية الدكتور نذير عبيدات أن «سبب التردي عائد إلى العجز المالي الخطير الذي يعانيه المستشفى حاليا» ويشدد على «وجود أقسام مهددة بالتوقف عن العمل ومنها أقسام المراقبة الحثيثة للحالات المرضية».
ويشير عبيدات إلى ان «هناك مريضة نقلت من قسم العناية الحثيثة لاجراء تنظير للأمعاء في مستشفى أخر رغم ما يشكله ذلك من خطورة على المريضة».
ويبين عبيدات أن «الكوادر العاملة في المستشفى تتقاضى رواتبها استنادا الى حجم العمل اليومي، ولا يوجد مخصصات حكومية للمستشفى، ما يعني أن المستشفى في خطر».
وبحسب الوثائق فإن «الديون المطلوبة من المستشفى لشركات الأدوية 20 مليون دينار منها 14.5 مليون دينار لشركات الأدوية، وخمسة ملايين ونصف لصالح شركات المستلزمات الطبية».
وفي المقابل تكشف الوثائق عن 22 مليونا و500 ألف دينار هي ديون المستشفى على وزارة الصحة، منها 18 مليون و200 ألف لقاء معالجات للمرضى المؤمنين على حساب تأمين وزارة الصحة، وثلاثة ملايين و900 ألف لقاء معالجات المرضى المحولين من الديوان الملكي، و400 ألف لقاء معالجات المرضى المحولين من رئاسة الوزراء، وذلك عن عام 2011.
«توزيع الكادر التمريضي»
مراجعون وصفوا قسم الجهاز الهضمي «بالميت» لانعدام العمل فيه، ويؤكد رئيس القسم في المستشفى الدكتور عوني أبو سنينة أن «جميع أجهزة التنظير للجهاز الهضمي العلوي والسفلي (القولون) والقنوات المراريّة والأمعاء الدقيقة معطلة».
ويؤكد أبو سنينة «إن أجهزة التنظير البالغ عددها ثمانية أجهزة معطلة بالكامل ما استدعى توزيع الكادر التمريضي للقسم والبالغ عددهم زهاء 30 موظفا الى أقسام أخرى، وعدم استقبال المرضى في انتظار الإغلاق التام للقسم».
ويبين أبو سنينة أن «جهاز تنظير الأمعاء الدقيقة بالكبسولة وهو أول جهاز في الشرق الأوسط معطل لعدم وجود الكبسولات الذكية التي هي عبارة عن كاميرا لتصوير الأمعاء ما أدى الى شلل كامل في أقسام المستشفى وتوقف تدريب أطباء الاختصاص من مختلف الجامعات».
ويتخوف أطباء من أن يؤدي توقف دفع أجور الأطباء إلى هجرة الكفاءات منهم إلى القطاع الخاص او الى دول الخليج، فالطبيب محمد الخطيب - وهو خريج مستشفى «مايكلونك» التعليمي في بالولايات المتحدة «متوقف عن العمل منذ خمسة شهور»، ويقول الخطيب «تلقيت عروضا للعمل في دول الخليج برواتب تعادل خمسة أضعاف الراتب الحالي، ومن المؤسف تحول المستشفى إلى طارد للكفاءات الطبية».
«ديون متراكمة»
ويقول مدير مستشفى الجامعة الأردنية الدكتور مجلي محيلان ان وزارة الصحة تماطل في تسديد ديونها المستحقة للمستشفى عن العام الماضي».
ويضيف محيلان أن «الديون متراكمة أيضا منذ سنين على مستشفى الجامعة ما أوصل وضعه إلى هذه الخطورة «ويشير إلى «مشكلات قانونية ومالية بين المستشفى ووزارة الصحة فالوزارة تصر على تدقيق ملفات المتعالجين بطريقة عشوائية».
ويوضح أن «التدقيق العشوائي لملفات المتعالجين يعني اختيار شهر من كل ثلاثة شهور، واعتماد 10% من ملفات الشهر لتدقيقها، وفي حال اكتشاف فروقات مالية فإنها تعمم على المؤمنين صحيا خلال الشهور الثلاثة، ما يرتب فروقا مالية عالية».
ويقول «تنازل المستشفى خلال السنوات الخمسة الماضية عبر ادارته السابقة 31 مليونا كفروق نتيجة التدقيق العشوائي».
ويطالب «بحسم الفروقات الحقيقية من حساب كافة الملفات الموجودة دون تعميمها إذ لا يجوز اعتبار الخلل في عينة عشوائية خلل في كل الملفات». ويلفت محيلان «إذا توصلت اللجنة الى فرق حقيقي مقداره «31 «مليون فهذا يعني ان هناك فسادا كبيرا يجب التحقيق فيه».
ويعتبر أن آلية التدقيق «غير قانونية فهي مخالفة للاتفاقية والتي «تنص في المادة 7 الفقرة «و» على ان يكون تدقيق الفواتير خلال شهر وتحويلها إلى إدارة التأمين الصحي».
ويلفت محيلان «طالبنا لجنة التدقيق بتدقيق ملفات العام الماضي شهرا بشهر استنادا الى الاتفاقية إلا أنها تلكأت بتلبية طلبنا القانوني ولم تدقق أي ملف،وبدأت الشهر الماضي بتدقيق الملفات».
ويضيف «الغريب في التدقيق أن اللجنة تطالبنا بالتنازل عن ستة ملايين دينار عن الربعين الثالث والرابع من العام الماضي»،متوقعا أن «تصل الفروقات الى قرابة عشرة ملايين دينار». ويؤكد أنه «لن تتنازل ادارة المستشفى عن أي مستحق مالي فرض علينا «خاوة» بطريقة تدقيق عشوائية».
ويشير محيلان إلى أن «ما فجر هذا الخلاف المالي هو إرسال شركات الأدوية والشركات الأخرى إنذارات عدلية متتالية للمطالبة بحقوقها ورفضها ارسال طلبيات جديدة للمستشفى ما أدى إلى توقف بعض الأقسام».
ويتخوف محيلان «من صدور حكم قضائي بالحجز على موجودات المستشفى لتسديد ديونه»، ويشير إلى استلام المستشفى خمسة إنذارات عدلية وردت رسميا بناء على طلب من شركات أدوية ومستلزمات طبية».
ويوضح محيلان «أن التدقيق العشوائي عن نصف العام الماضي كشف عن فروقات بسيطة بلغت 600 دينار لشهر أيلول الماضي، فلو ضربنا هذا المبلغ بعدد أشهر السنة لتضاعف إلى سبعة آلاف و200 دينار بينما الوزارة تطالبنا حاليا بالتنازل عن ستة ملايين دينار مقابل هذا الفرق البسيط».
ويضيف محيلان أن «المستشفى مستعد لرفد الوزارة بثلاثة موظفين على حسابه للتدقيق اليومي لكافة الملفات المالية والفنية المحوسبة». ويقول «عدد الملفات اليومية لا يزيد عن سبعين وفي حال التزمت الوزارة بذلك فان إدارة المستشفى على استعداد لإعفاء إضافي قدره 5% ما عدا الأدوية في حال إتمام عملية التدقيق من الجهات المعنية والدفع شهريا ما يؤدي لمنع وقوع أية مخالفات قد يرصدها ديوان المحاسبة وتحقيقا للشفافية».
ويشدد على أن «الأكثر تضررا من تراكم الديون وتراجع الخدمات هم المرضى والطلبة المتدربين باعتبار أن المستشفى تعليمي يستفيد منه طلبة كلية الطب».
وسألت «الرأي «محيلان، لماذا لا تخفض قيمة حوافز الأطباء المالية لما تواجهه من انتقادات رسمية لارتفاعها؟ فأجاب محيلان: «مجموع الحوافز السنوية للأطباء سبعة ملايين دينار وبنسب تتراوح ما بين 800 إلى تسعة آلاف دينار لكل طبيب».
«خسائر مالية»
وحصلت «الرأي» على كتاب «سري» وجهه ديوان المحاسبة إلى وزير الصحة الدكتور عبد اللطيف وريكات في الثالث عشر من تشرين الأول الماضي يؤكد «على إدارة التأمين الصحي في الوزارة صرف مستحقات المستشفى خلال ثلاثة اشهر من استلام مطالبة المستشفى وصرف المبلغ دفعة واحدة».
ويبين الديوان في كتابه أن «الاتفاقية تنص على إجراء التدقيق من بداية العام الماضي إلا أن اللجنة لم تباشر عملها الى تاريخ صدور الكتاب».
وفيما يخص اختيار شهر عشوائي عن كل ربع من السنة يوضح الكتاب أن «هذا الشرط يلحق خسائر مالية لا يمكن تحديد المسؤولين عنها بسبب صعوبة الرجوع الى المرضى والأطباء والعاملين وغيرهم بعد مرور عام في حال اكتشاف أية أخطاء مالية».
ويحذر الكتاب من «أن هذا الشرط سيؤدي الى عدم توفر السيولة النقدية في المستشفى وعدم دفع الرواتب وتسديد فواتير الأدوية والمستلزمات الطبية وتوقف الشركات عن تزويد المستشفى بمتطلباته واستغلال أصحاب الديون لرفع أسعار المواد المورده نظرا لضخامة المبالغ المالية المستحقة على المستشفى».
ويدعو «الكتاب الموقع من رئيس ديوان المحاسبة مصطفى البراري إلى الإيعاز للجنة التدقيق بمباشرة عملها لتدقيق كامل مطالبات مستشفى الجامعة في الوزارة وبشكل شهري وبنسبة100% تنفيذا لبنود الاتفاقية وإعلامي».
اللافت ان المادة الثالثة من قانون»ضم مستشفى عمان الكبير الى الجامعة الأردنية» لعام 1975تنص على «تخصيص الحكومة منحة من الخزينة مقابل توفير الرعاية الطبية بالاتفاق والتعاون مع وزارة الصحة».
«آلية تدقيق قديمة»
مدير إدارة التأمين الصحي الدكتور خالد أبو هديب بين ان آلية التدقيق المتبعة حاليا مطبقة منذ عام 2001على المستشفيات الحكومية كافة ومنها الملك المؤسس ومركز السكري وغيرها ووفق لجنة بينها ديوان المحاسبة.
ويضيف أبو هديب إن «هناك توجه لإحالة عمليات التدقيق على احدى الشركات المتخصصة في مجال المحاسبة». ويوضح «أن عمليات التدقيق الأخيرة كشفت عن وجود ستة ملايين مستحقة لنا منها ثلاثة ملايين عن الربع الثالث من العام الماضي وثلاثة ملايين عن الربع الرابع».
ويرد ابوهديب على قول «محيلان» بعدم قانونية مطالبة الوزارة بخصم هذا المبلغ ان «هذه إجراءات رسمية، ولمدير مستشفى الجامعة الحق في اللجوء الى القضاء في حال بقي على شكواه».
ويضيف أبو هديب انه «لا يوجد أية مشاكل بيننا وبين المستشفى، فقد دفعنا 17 مليون دينار من اجمالي 32.5 مليون تمثل ما نسبته 50% من المطالبات المقدمة وحسب الاتفاقية الموقعة بين الطرفين».
ويشير إلى انه «سوف نسدد باقي المبلغ المترتب على صندوق التأمين الصحي في حال الانتهاء من عملية التدقيق التزاما من الوزارة مع كافة المستشفيات المتعاقد معها ببنود الاتفاقية».
ويقول أبو هديب «تقوم ادارة التأمين الصحي في وزارة الصحة بتسديد مطالبات المستشفيات المتعاقد معها لمعالجة المرضى غير المؤمنين في حال توفر المبالغ المالية لدى الوزارة».
ويبين ان عمليات التدقيق المالية تجريها لجان فنية ومالية يشكلها الوزير استنادا لقرار صادر عن مجلس الوزراء». ويوضح أن «اللجنة تختار شهرا عشوائيا من كل ربع سنة وتأخذ عينة عشوائية لا تقل عن 10% من ملفات المرضى وفي حال اكتشفت فروقات فانه يتم تعميمها على الربع كاملا».
وبين وزير الصحة الدكتور عبد الطيف وريكات في تصريح سابق في مجلس النواب فان «الوزارة سددت 55 مليون دينار من حجم المطالبات المالية الاجمالية المترتبة عليها والبالغة100 مليون دينار متراكمة عليها منذ عام2007».
ويذكر أن 54 نائبا طالبو الحكومة بدفع المبالغ المالية المترتبة على وزارة الصحة لمستشفى الجامعة الأردنية.
وقالوا في مذكرة ان المستشفى لا يتلقى اي دعم حكومي، وان شركات الأدوية أرسلت إنذارات عدلية للمستشفى للمطالبة بديونها البالغة 20 مليون دينار.وطالبوا الحكومة بتفعيل النصوص القانونية التي تنص على تخصيص منحة من الخزينة لا تقل عن 60% من موازنة المستشفى إضافة الى تسديد الديون.
«الرأي القانوني»
ويطالب النائب المحامي وصفي السرحان الطرفين المتخاصمين بالعودة للاتفاقية فهي المرجع الأساسي والعمل بها وفق دولة القانون المؤسسات.ويضيف السرحان في تصريح إلى «الرأي» أن «أي إخلال في الاتفاقية من قبل أي طرف يكون الطرف الاخر غير مسؤول عما ارتكب من أفعال».
ويشير إلى أنه «على وزارة الصحة أن تصوب عملية التدقيق العشوائي بالعودة للاتفاقية التي تنص صراحة على «تدقيق الفواتير المقدمة من الفريق الثاني خلال شهر وتحويلها الى ادارة التامين الصحي والتنسيب بخصوصها على ان يقدم الفريق الثاني هذه الفواتير خلال شهرين من تاريخ خروج المستفيد».
وحصلت «الرأي» على كتاب وجهه رئيس الوزراء عون الخصاونة قبل شهرين الى وزير الصحة عبد اللطيف وريكات يظهر موافقة الخصاونة على تشكيل لجنة مشتركة تضم في عضويتها مندوبا عن كل من: الصحة، المالية، صندوق التأمين الصحي، الموازنة العامة، ديوان المحاسبة، مستشفى الجامعة».
ويطلب الكتاب «دراسة امكانية تطبيق التدقيق الفوري والحاسوبي المشترك لمطالبات المستشفى، وتخصيص منحة من الخزينة لا تقل عن 60% من موازنة المستشفى مقابل توفير الرعاية الطبية بدلا من شراء الخدمات الصحية من الوزارة».
اللجنة المذكورة شكلت، وما تزال تدرس مقترحات الرئيس، ومن المتوقع احالة التدقيق على شركة محاسبية خاصة بحسب مدير إدارة التأمين خالد أبو هديب.
ويذكر إن مستشفى الجامعة الأردنية أنشئ في عام 1973 وسمي مستشفى عمان الكبير ومن ثم الحق بالجامعة الأردنية ليصبح اسمه في عام 1975 مستشفى الجامعة الأردنية.
ويعتبر المستشفى تعليميا للأطباء والكوادر الصحية الاردنية والعربية ويراجعه يوميا أكثر من ألفي مريض، ويعمل فيه 105أطباء و35 استشاريا و25 اختصاصيا و165 مقيما، ويوجد في المستشفى 620 سريرا.