نحاول أن نبحث بين حطام الركام والاشياء المبعثرة ، بعد الزلزال الذي ضرب المكان ، أملا ان نجد شيئا من مقتنياتنا نسعف به ذاكرتنا ، ويبقي ( بضم الياء) فينا حالة التواصل مع ماضينا .
وعند كل عملية بحث والنظر ببن الأشياء المبعثرة ، لا نجد الا ما يزيد حزننا ، ويحرك القهر فينا، فكل شيء قد دمر، ولم تعد له فائدة او قيمة في حياتنا، بعد ان تم تدميره واتلافه بسبب الركام وعمليات الانهيار التي تراكمت فوقه لتدفن كل شيء معها.
وفي ظل البؤس وفقدان الأمل ثمة امر غريب يدفعنا للعودة الى المكان نفسه، واعادة المحاولة مرة أخرى، لكن هذه المرة في زاوية جديدة ، علنا (بشد اللام ) نجد شيئا يعيد الحياة فينا ، او يبعث الأمل من جديد، الا انه لا فائدة ترجى .
فيزداد قهرنا وتتحطم قلوبنا فوق اشياءنا البسيطة لتقتل معها احلامنا التي اختفت في ظروف غامضة ، بين حطام ودمار ، كما تبعثرت اوراقنا وما تحتضنه من ذكرياتنا لتتوه في نفس المكان ، المليء بالفوضى ، فتضيع معها الحكاية بكل تفاصيلها ، كما يغيب الشهود عن المشهد تماما ، دون ان نعرف اين ذهبوا ومتى سيعودون _ إذا كانوا سيعودون اصلا،_ .
فهناك ثمة امر غريب يحرك الخراب وينقله من مكان إلى مكان ويخفي كل اشياءنا الجميلة او يشوهها ، وكأن لعنة اصابت المكان، فاتت على كل شيء ، ليصبح بعدها كئيبا ومغبرا، وما ان تحرك بصرك إلى زاوية اخرى لا تجد الا الدمار نفسه ، واللون الأسود يغطي المكان .
لنغرق بعدها في بحر من الأسئلة ونغوص في كم من الإجابات ، او بمعنى اخر من الاحتمالات وسط احساس بأن ثمة انفجار يقترب من رأسك ، بسبب الفوضى ، وما يزدحم به من افكار لم يعد يقوى على تحملها ، فكأنه بركان اقتربت ساعة صفره ليخرج من أعماقه ويدمر كل شي فوقه وحوله .
لكن سرعان ما تزول هذه الحالة عندما نطفئ نار أجسادنا ونخفف من صداعنا ،" بحبتين من احدى المسكنات" التي ادمنت عليها اجسامنا، الا ان ذلك مؤقتا ، سرعان ما نعود إلى سيرتنا الأولى ، لنبحث معها من جديد علنا (بشد اللام ) نسلي أنفسنا او نقضي أوقاتنا بين ركام وتفكير ، وكأننا ننتظر امر مجهول .