أخبار البلد - اي ثروة معنوية كبيرة كهذه كانت تدّخرها الأيام لبعض من تقدم بهم العمر من امثالي وقد تكثفت في محبة جيل لاحق من الاطباء العلماء المتفوقين وهم يكرّموننا في احتفال المجلس العربي للاختصاصات الصحية يوم السبت الماضي في أحد منتجعات البحر الميت بمناسبة مرور خمسة واربعين عامًا على تأسيسه، باعتبارنا الثلاثة الحاضرين من الستة المؤسسين حسب الوثيقة التي وُزعت على الحضور وهم:
1. الراحل د. عبدالرحمن العوضي/الكويت.
2. د. حسين الجزائري/السعودية الذي اعتذر بوعكة عارضة عن عدم تلبية الدعوة.
3. علي فخرو/البحرين.
4. د. زيد حمزة/الأردن.
5. الراحل د. زهير ملحس/الأردن
6. فيصل الموسوي/البحرين، الذي فاجأني اثناء الاحتفال بصورة قديمة لا أملكها لكني اتذكر جيدًا مناسبتها التي جمعتني معه والرئيس الكوبي التاريخي فيدل كاسترو بعد خطابه العظيم في احتفال منظمة الصحة العالمية في جنيف بعيدها الخمسين عام ١٩٩٨ وكان الموسوي يومها رئيسًا لجمعية الصحة العالمية وكنت مدعوًا كرئيس سابق لها.
لقد أعرب ثلاثتنا في لقاء البحر الميت للقائمين عليه كيف أنه أنعش شيخوختنا بآمال قابلة للتحقيق بعمل عربي موحد كهذا حين يكون مدروسا بعناية وقائمًا على العلم والمعرفة، إذ تحمل شعلته نخبة من ذوي العزم الصادق المجرد من الهوى الذين بلغوا به نجاحا فاق توقعاتنا أيام زمان، حتى تجاوز عدد خريجي المجلس العربي للاختصاصات الصحية منذ تأسيسه ٢٥ألفًا في ٥٩ اختصاصاً طبيا عاليًا ودقيقًا، بعد تدريب عملي ونظري ممنهج في مراكز معتمدة من لدُنْهُ في مختلف الدول العربية، وبذلك لم يخيّب أمل وزارات الصحة التي وضعت في صلب قوانينها مادة?تنص على ان (البورد العربي) هي اعلى شهادة اختصاص في الوطن العربي.
لا أريد الاسترسال في التعبير عن سعادتي بالمشاركة في هذا الاحتفال التكريمي النادر المثال الا للإشارة للمغزى الرمزي الهام بوجود وزيرة الصحة الفلسطينية الدكتورة مي الكيلة بيننا، وقد عرفت منها اعتزازها بانها عملت ذات يوم طبيبة في الاردن وحصلت على إقامة امراض النساء والولادة في الفترة التي كنت أتولى اثناءها مسؤولية وزارة الصحة.
وبعد.. فمع اني ومنذ عامين قد نأيْتُ بنفسي عن التعليق على المجلس الطبي الاردني خصوصًا بعد التعديلات الأخيرة المثيرة للجدل والتي أدخلت على قانونه في العام الماضي مما لا ينسجم مع اهتمامي الحثيث المرهق الذي لم ينقطع عنه منذ تأسيسه وكنت اعاني منه عندما أشير الى دور تضارب المصالح بداخله، لكني أريد اليوم فقط ان ألفت النظر إلى فرصة لإعادة التقييم الجذرية بالمجلس الطبي الاردني حيث ان وزير صحتنا الان هو رئيس الهيئة العليا (بالنيابة) للمجلس العربي الذي قررت الجامعة العربية نقل اعماله الى مقره المؤقت في عمان لأسباب مف?ومة بعد ان احتضنته ورعته وأنفقت عليه سوريا الشقيقة منذ تأسيسه وتبرعها بإنشاء مقره الدائم في دمشق، فهي فرصة عملية واقعية لإعادة النظر في مجمل عمل المجلس الطبي عندنا حتى لا يبقى مجرد لجان امتحانات تعقد لأطبائنا الطموحين الذين تجشموا عناء التخصص في مختلف دول العالم وعادوا ليخدموا شعبهم،فمنهم من اجتازوا الامتحان واستقروا في الوطن، ومنهم من لم يحالفهم «الحظ» -وهم كثر- فعادوا بالخذلان الى اوطان اخرى يخدمونها !!