الدابي.. (غلطة الشاطر) للجامعة العربية
مع أن الفريق محمد الدابي رئيس بعثة مراقبي الجامعة العربية في سوريا وصف الوضع بسوريا بأنه "حالة حرب" في المؤتمر الصحفي الذي عقد في الخرطوم إلا أنه أعلن عن رضاه التام عن أداء بعثة المراقبين العرب خلال شهر المراقبة في سوريا، وفي حين تعددت الأسئلة المطروحة على الفريق الدابي.. فقد توحد الجواب منه على جميع الأسئلة بأنه الوحيد الذي يرى الوضع كما يجب.. وبخلاف ذلك هو غباء أو إستغباء مسبب.
فقد أشار أن الحملة التي تقاد ضده وضد البعثة كانت بسبب عدم فهم دور بعثة المراقبين العرب حيث استرسل في سرد (نجاحات) على ارض الواقع في المسألة السورية التي يشعر بأنه له الفضل فيها والتي شملت إطلاق عدد من المعتقلين وحماية بعض المظاهرات من القتل.. الخ من الدعايات المشابهة لدعايات قناة دنيا الفضائية السورية.
ربما لم يفهم احد الفريق الدابي كما فهمه النظام السوري الذي استطاع من خلال دراسته لتركيبة الدابي الاستخبارية والشخصية أن يضع له خارطة الطريق التي أدت الى ما وصل إليه الدابي، فالدابي الذي يبلغ من العمر ثلاث وستون عاما عاش اثنان وأربعون سنة منها في موظفا رسميا في الحكومات السودانية وكان معظم عمله في العمل الإستخباري السوداني وضمن فريق المهمات الصعبة والقذرة أحيانا التي تلجأ لها الأنظمة لإخماد أية ثورات أو (مؤامرات )، فقد تميزت مهمات الدابي بالدموية في دارفور وبالفشل رغم الصلاحية المطلقة في جنوب السودان وبالمجنونة في قمع الاحتجاجات الطلابية وحركة حسن ترابي ..
هذه العقود الأربعة التي قضاها الدابي في خدمة الأنظمة الرسمية المتتالية على السودان جعلت منه ماكينة مبرمجة تبجل السلطة وتلتزم بالأوامر العسكرية التي تأتي من رأس الهرم ودون الخوض في أسبابها أو قانونيتها، وذلك ربما ما قد يفسر مراعاته (حين كان سفيرا للسودان في الدوحة حتى عام 2004) لتوجيهات قطر في ملف دارفور التي تبنته الدوحة سابقا وبأكثر من مصلحة السودان آنذاك حسب رأي الكثير من الوطنيين والسياسيين السودانيين.. فالعقل الباطني لديه انتقل لتلقي الأوامر تلقائيا من اقرب الأجهزة الرسمية مكانيا على محيطه الشخصي.
لقد أخطأت الجامعة العربية حين اختارت عسكريا (بغض النظر عن جنسيته وانتماؤه الفكري) لمراقبة الوضع في سوريا، فالعسكري سينظر الى الأمر من عدة نواحي بعيدا عن النواحي الإنسانية والاجتماعية والأمنية للمجتمع.. فهو سينظر الى الجو العام كمعركة مفترضه فيها الغالب والمغلوب وفيها طرفين عليهما أن يتصالحا أو يغلب احدهما الآخر والعسكري سيتمنى أن يكون مع الطرف المنتصر حتما، وكذلك يؤمن العسكري بلزوم وقوع الضحايا وبلزوم تجاوز ذلك ورؤية الأمر على انه استحقاق عادي لا ضير فيه وليست هي قضيته.
وأخطأت الجامعة العربية حين اختارت رجل مخابرات لقيادة المراقبين فالإستخباري سينظر الى الشعب تلقائيا بأنه متآمر وسينظر الى أية مظاهرة بأنها مدسوسة وسيكون الشك هو محتواه ومبدأه مما يجعله يرى الأطفال الرافضين للذل كمأجورين ويرى النساء الثكلى بأبنائهم كأنهن مدسوسات ويرى الشباب في المظاهرات يحملون المتفجرات بين ثنايا اليافطات.
وقد أخطأت الجامعة العربية حين اختارت الدابي الذي يحمل كل الصفات السابقة التي لا تصلح لمهمة إنسانية بالتأكيد بالإضافة الى ما يتمتع من صفات شخصية سربها زملاء الدراسة والجيش له تجعل اختيار الدابي غلطة العمر بالنسبة للجامعة العربية في أول مهمة لها خارج نطاق الاحتفالات.. فالدابي أطلق عليه زملائه لقب (أفعى دارفور) وكان يعيش دور المخالف دوما (يحمل مبدأ خالف تعرف)، ربما ذلك ما جعله يعمل على تحويل قضية المراقبين العرب كقضية شخصية له ربما استفاد منها على أكثر من صعيد..!، ومنحت له شهرا إعلاميا ذهبيا تخيل نفسه فيها (كولومبو).. ولكنه اسقط بتفرده وتصرفاته خلال ترأسه للبعثة كل القيم والمنطق وفضح اثنين وأربعين عاما من تاريخه العسكري.
جرير خلف
مع أن الفريق محمد الدابي رئيس بعثة مراقبي الجامعة العربية في سوريا وصف الوضع بسوريا بأنه "حالة حرب" في المؤتمر الصحفي الذي عقد في الخرطوم إلا أنه أعلن عن رضاه التام عن أداء بعثة المراقبين العرب خلال شهر المراقبة في سوريا، وفي حين تعددت الأسئلة المطروحة على الفريق الدابي.. فقد توحد الجواب منه على جميع الأسئلة بأنه الوحيد الذي يرى الوضع كما يجب.. وبخلاف ذلك هو غباء أو إستغباء مسبب.
فقد أشار أن الحملة التي تقاد ضده وضد البعثة كانت بسبب عدم فهم دور بعثة المراقبين العرب حيث استرسل في سرد (نجاحات) على ارض الواقع في المسألة السورية التي يشعر بأنه له الفضل فيها والتي شملت إطلاق عدد من المعتقلين وحماية بعض المظاهرات من القتل.. الخ من الدعايات المشابهة لدعايات قناة دنيا الفضائية السورية.
ربما لم يفهم احد الفريق الدابي كما فهمه النظام السوري الذي استطاع من خلال دراسته لتركيبة الدابي الاستخبارية والشخصية أن يضع له خارطة الطريق التي أدت الى ما وصل إليه الدابي، فالدابي الذي يبلغ من العمر ثلاث وستون عاما عاش اثنان وأربعون سنة منها في موظفا رسميا في الحكومات السودانية وكان معظم عمله في العمل الإستخباري السوداني وضمن فريق المهمات الصعبة والقذرة أحيانا التي تلجأ لها الأنظمة لإخماد أية ثورات أو (مؤامرات )، فقد تميزت مهمات الدابي بالدموية في دارفور وبالفشل رغم الصلاحية المطلقة في جنوب السودان وبالمجنونة في قمع الاحتجاجات الطلابية وحركة حسن ترابي ..
هذه العقود الأربعة التي قضاها الدابي في خدمة الأنظمة الرسمية المتتالية على السودان جعلت منه ماكينة مبرمجة تبجل السلطة وتلتزم بالأوامر العسكرية التي تأتي من رأس الهرم ودون الخوض في أسبابها أو قانونيتها، وذلك ربما ما قد يفسر مراعاته (حين كان سفيرا للسودان في الدوحة حتى عام 2004) لتوجيهات قطر في ملف دارفور التي تبنته الدوحة سابقا وبأكثر من مصلحة السودان آنذاك حسب رأي الكثير من الوطنيين والسياسيين السودانيين.. فالعقل الباطني لديه انتقل لتلقي الأوامر تلقائيا من اقرب الأجهزة الرسمية مكانيا على محيطه الشخصي.
لقد أخطأت الجامعة العربية حين اختارت عسكريا (بغض النظر عن جنسيته وانتماؤه الفكري) لمراقبة الوضع في سوريا، فالعسكري سينظر الى الأمر من عدة نواحي بعيدا عن النواحي الإنسانية والاجتماعية والأمنية للمجتمع.. فهو سينظر الى الجو العام كمعركة مفترضه فيها الغالب والمغلوب وفيها طرفين عليهما أن يتصالحا أو يغلب احدهما الآخر والعسكري سيتمنى أن يكون مع الطرف المنتصر حتما، وكذلك يؤمن العسكري بلزوم وقوع الضحايا وبلزوم تجاوز ذلك ورؤية الأمر على انه استحقاق عادي لا ضير فيه وليست هي قضيته.
وأخطأت الجامعة العربية حين اختارت رجل مخابرات لقيادة المراقبين فالإستخباري سينظر الى الشعب تلقائيا بأنه متآمر وسينظر الى أية مظاهرة بأنها مدسوسة وسيكون الشك هو محتواه ومبدأه مما يجعله يرى الأطفال الرافضين للذل كمأجورين ويرى النساء الثكلى بأبنائهم كأنهن مدسوسات ويرى الشباب في المظاهرات يحملون المتفجرات بين ثنايا اليافطات.
وقد أخطأت الجامعة العربية حين اختارت الدابي الذي يحمل كل الصفات السابقة التي لا تصلح لمهمة إنسانية بالتأكيد بالإضافة الى ما يتمتع من صفات شخصية سربها زملاء الدراسة والجيش له تجعل اختيار الدابي غلطة العمر بالنسبة للجامعة العربية في أول مهمة لها خارج نطاق الاحتفالات.. فالدابي أطلق عليه زملائه لقب (أفعى دارفور) وكان يعيش دور المخالف دوما (يحمل مبدأ خالف تعرف)، ربما ذلك ما جعله يعمل على تحويل قضية المراقبين العرب كقضية شخصية له ربما استفاد منها على أكثر من صعيد..!، ومنحت له شهرا إعلاميا ذهبيا تخيل نفسه فيها (كولومبو).. ولكنه اسقط بتفرده وتصرفاته خلال ترأسه للبعثة كل القيم والمنطق وفضح اثنين وأربعين عاما من تاريخه العسكري.
جرير خلف