اما ما جاء متعلقًا بالجغرافيا السياسية فقد التقطتُه قبل ايام من الرسالة الثانية لهذا العام التي وجهها الكاتب الهندي الكبير ڤيجاي پراشاد من معهد القارات الثلاث للأبحاث الاجتماعية وقال فيها ان المبادرة الأولى لتنشيط وتقوية التعاون بين دول المنطقة بإنشاء ((المجلس القطبي)) جاءت من فنلندا عام ١٩٩١ وتم إصدار إعلان روڤاتيمي تمهيداً لوضع استراتيجية المحافظة على البيئة من التلوث الذي يدمرها، وفي عام ٢٠٢١ انعقد الاجتماع الوزاري لهذا المجلس في ريكاڤيتش بآيسلاندا وكانت روسيا الرئيسة الدورية له، أما في آذار٢٠٢٢ اي بعد ?سبوع من الحرب على اوكرانيا فقد بدأت الدول الاعضاء السبع الاخرى في المجلس مقاطعة اجتماعاته احتجاجًا على مشاركة روسيا فيه! وفي حزيران ٢٠٢٢ وافقت تلك الدول على المشاركة في مشاريعه بشرط ألا تساهم فيها روسيا! وبذلك اصبح مستقبل المجلس في مهب الريح رغم ان هذا الخلاف ليس جديدًا بل منذ اكثر من عقد من الزمن، وليس في التنافس للقضاء على أخطار التغير المناخي بل لاستغلال المخزون الهائل من رواسب الوقود الاحفوري في مساحة ٢١ مليون كيلومتر مربع من الدائرة القطبية التي تحتوي على 22% من النفط والغاز غير المكتشفيْن في العالم ك?ه رغم انه استخراج مكلف، أمًا الاوفر ربحية فهو استخراج المعادن النادرة من باطن الارض (مثل النيودايميوم المستخدم في المكثفات والمحركات الكهربائية والتريبيوم في الأجهزة المغناطيسية والليزر) والتي تقدر قيمتها الإجمالية بتريليون دولار على الأقل، وهي ما زالت حتى الان تحت الجليد الذائب.
وبعد.. هكذا عرفنا ان المنطقة القطبية بحكم موقعها الفريد لم تعد تشكّل ساحة تعاون لمصلحة دولها والعالم، بل تتحول لساحة صراع واحتكاك، مدججة بمزيد من الاسلحة والقواعد العسكرية، كما عرفنا بكل أسىً وأسف غيابًا كاملًا لقبائلها ومجتمعاتها المحلية، وهم اصحابها وسكانها الأصليون!.