ليس جديدا أن تكون المساعدات والمنح التي تقدمها الدول المانحة مشروطة.
الشروط تختلف بين جهة واخرى وخيار الدول المستفيدة من هذه المنح ان تقبل بهذه الشروط أو ترفضها حسب حدودها المقبولة أو غير المقبولة.
المنح الأميركية طالما كانت مشروطة وكذلك الأوروبية وحتى اليابانية ولطالما كانت ترتبط بالإصلاحات الاقتصادية وبالسياسات المالية وأوجه الانفاق ومن هنا ربطت بمشاريع واستهدفت تمويل إصلاحات محددة.
تحول المنح الخليجية إلى ذات المسار ليس جديدا فمنذ المنحة الخليجية البالغة خمسة مليارات دولار بدأ هذا التغيير في توجيهها إلى مشاريع والى استثمارات وكانت تتم عبر صناديق التنمية في تلك الدول التي اختار كل منها مشاريع محددة بالتوافق ومولتها وساهمت في تنفيذها وحتى احالة عطاءاتها.
تحول المنح والمساعدات لا يعني اهتزاز الثقة بل على العكس فالاستثمار مثلا هو دليل ثقة بقوة الاقتصاد الأردني والفرص التي يتيحها.
الأردن يحتاج إلى استثمارات هادفة تتصف بالديمومة تدعم الاعتماد على الذات.
الطبيعي أن يحصل الاردن على منح وقروض لإقامة مشاريع اقتصادية لكن ما هو غير طبيعي أن يأخذ قروضاً ومنحا لإنفاقها على إيواء وغذاء ودواء اللاجئين.
وكان يجب على الدول المستفيدة أن تدرك هذه التغييرات وأثرها على المنح شكلا ونوعا وأن تتكيف معها وربما عدم وضع باعتبار انها مؤكدة وعدم إدراجها في الموازنة على أمل كما فعلت هذه الحكومة في موازنة هذه السنة التي خلت من بند يتوقعها ويحسب لها حسابا..
الأردن سعى للتحوط مبكرا للآثار المحتملة لمثل هذه المرحلة وبدأ إصلاحات مبكرة في الغاء الدعم الذي قوبل باعتراضات نجحت في أحيان كثيرة في إبطائها أو التراجع عنها لكن حتى اللحظة لم تترسخ القناعة العملية بأن حقبة الإعتماد على الذات يجب أن تبدأ.
هذا يعني أنه ليس من الحكمة أن تبقى القناعة سائدة بأن المساعدات والقروض هي الحل وأن المانحين المشكورين من الأشقاء في الخليج سيبقون على أيديهم مبسوطة كل البسط لدعم مواطنين في دول أخرى فالمساعدات والمنح الخارجية لا تكون إلا مشروطة، فالدول المانحة تريد أن تحقق أهدافاً معينة بعضها مرحب به وبعضها يستوجب التوقف عندها.
للأسف الأردن ما زال يعتمد كثيراً على المنح والمساعدات الخارجية كمصدر للتمويل، وقبل بشروط تنسجم مع خططه وبرامجه في الاصلاحات التي يدعمها صندوق النقد الذي يعطي الدول المانحة الضوء الأخضر أو الأحمر لتمرير المنح والمساعدات أو وقفها.