تتباهى الولايات المتحدة الأميركية، أن قوانينها وإداراتها المنتخبة تتم وفق المعايير الديمقراطية، وأنها السباقة في ولادة حكمها الديمقراطي، في وقت مبكر من التاريخ الحديث، أي بعد انتصار الثورة الأميركية ضد الاستعمار الأوروبي.
تتباهى أنها نموذج يُحتذى في سلوكها داخلياً وعالمياً، وهي حقيقة بموضوعية ليست كذلك، فهي ليست نموذجا ديمقراطيا إطلاقاً على المستوى العالمي، فهي تنحاز لمصالحها حتى ولو كانت على حساب الشعوب الأخرى، والضعيفة منها خاصة.
لقد سقطت عالمياً بفعل ظاهرتين أولهما تبنيها للمستعمرة الإسرائيلية، بعد وراثتها لهذا الدور من الاستعمار الأوروبي الذي صنع المستعمرة على أرض فلسطين بفعل ثلاث دول هي:
1- بريطانيا بقراراتها وإدارتها لفلسطين، سهلت المهمة والبرنامج وتحقيقه الفعلي على الأرض، في فلسطين، منذ وعد بلفور، والوصاية الانتدابية، والسماح للهجرة الأجنبية، على حساب الفلسطينيين وجعل أرضهم طاردة لهم، وتشريدهم، والتصدي بالقمع والبطش لنضالهم ضد الاحتلال البريطاني وضد الاستيطان الأجنبي اليهودي.
2- فرنسا بتقديمها للأسلحة التقليدية والنووية للمستعمرة، وقيادتها عبر نابليون المهزوم الذي لم يتمكن من النزول إلى الشاطئ الفلسطيني، الذي سعى من أجل جعل فلسطين مستعمرة لهم ولليهود الأجانب، ولكنها فشلت، فعملت بعد قيام المستعمرة بتزويدها بالأسلحة المتفوقة.
3- ألمانيا التي قدمت الخدمة للمشروع الصهيوني بنقل يهود ألمانيا وأوروبا هرباً من الاضطهاد القيصري الروسي، والنازي الألماني، والفاشية الإيطالية ضد مواطنيهم اليهود، فهربوا من الاضطهاد إلى فلسطين، حيث نقلوا ومارسوا الاضطهاد ضد الشعب الفلسطيني، كما فعل الأوروبيون بهم.
كما قدمت ألمانيا التعويضات بمليارات اليورو، حيث تمكنت المستعمرة في بناء اقتصادها اعتماداً على هذا الدعم، مباشرة بعد قيام المستعمرة.
الظاهرة الثانية أن الولايات المتحدة إلى جانب تبني المستعمرة، وقفت إلى جانب الأنظمة الديكتاتورية غير الديمقراطية ودعمها لمواجهة حركات التحرر وإحباط مساعيها نحو الحرية والاستقلال.
أما على المستوى الداخلي، فقد قدمت إدارة ترامب نموذجاً يُحتذى للأنظمة الرجعية، فقد نقلت البرازيل تجربة رفض ترامب لقبول نتائج الانتخابات عام 2020، وانعكس ذلك على قاعدته الانتخابية التي حرضها، فقاموا باجتياح الكونغرس يوم 6 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، رافضين نتائج هزيمة رئيسهم ومرشحهم ترامب.
في البرازيل فشل مرشح اليمين جايير بولسونارو، ونجح مرشح اليسار لويس إيناسيو لولا دا سيلفا في رئاسة الجمهورية، ولكن الجمهور اليميني، لم يستوعب النتيجة ورفض الإقرار بنجاح مرشح اليسار لولا دا سيلفا، فأقبل على نقل التجربة الأميركية، واقتحموا مبنى مجلس النواب البرازيلي، في محاولة لرفض النتائج الانتخابية، وهكذا زودت أميركا أدواتها وحلفائها ومن يسيرون على دربها، لتكون نموذجا سيئا مقيتا لهم، من تجربة مؤذية ومشينة للقيم الديمقراطية.