شهد الأردن خطوة نوعيةً عام 2011 م وذلك بتعديل جوهري أُدخل على قانون الاجتماعات العامة رقم (7) لسنة 2004م؛ حيث تمّ إلغاء الموافقة المسبقة على عقد الاجتماعات العامة وتنظيم المسيرات والاكتفاء بمجرد إشعار يقدم من قبل منظمي الاجتماع يبين مكان وزمان عقده وأسماء منظميه والغاية من الاجتماع.
وتضمنت التعديلات في حينها أيضًا حصر مسؤولية الإخلال بالأمن العام أو النظام العام أو حصول أضرار بالغير أو بالأموال العامة أو الخاصة بالأشخاص المسببين لهذه الأضرار بعد أن كانت في السابق من مسؤولية منظمي الاجتماع العام.
جاء هذا التعديل لينسجم والمعايير الدولية لحقوق الانسان والدستور الأردنيّ الذي كفل الحق في التجمع السلمي في اطار المادة السادسة عشرة منه دون أن يفرض عليه قيودًا باستثناء ما يتعلق بتنظيم الحق ضمن حدود القانون.
بالرغم من هذه الخطوة المضيئة في مجال احترام الحق في التجمع السلمي وكفالته وإعماله احترامًا للدستور الأردنيّ ابتداء وانفاذا لالتزامات الأردن بموجب الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وفي مقدمتها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، إلا أنّ ممارسة الحق في التجمع السلمي ما زالت تواجه بعض الاشكاليات التي تُبرز في بعض الاحيان عدم وجود فهم واضح وعميق لمضامينه.
من أبرز هذه الإشكاليات الخروج عن الاطار العام الضامن لوجود وممارسة هذا الحق والتي تجعل ممارسته تتسم بالمشروعية، ويتمثل هذا الإطار العام بمبدأ السلمية؛ فالسلمية هي الضابط الأهم والمعيار الفيصل عند الحديث عن الحق في الاجتماع العام او ما يقال له ايضا الحق في التجمع السلمي.
ممارسة الحق في التجمع السلمي باستخدام وسائل التعبير المشروعة هو أمر أكده الدستور الأردني وكذلك المعايير الدولية لحقوق الانسان، وهو قبل هذا وذاك ضابط يتفق والمنطق القانوني والطبيعة الانسانية القائمة على الحوار والتعبير عن الرأي في نطاق لا يتجاوز حدود الآخرين وحرياتهم أو أرواحهم أو ممتلكاتهم.
تأتي هذه السطور وقد شهدنا يوما أردنيا حزينا بفقدان أحد شهداء الواجب والحق من جهاز الأمن العام أثناء أداء واجباته ومسؤولياته المهنية والوطنية، هذا الحدث الجلل الذي يجعل من الضرورة ان نستذكر ونذكر بأن الاعتداء على الأرواح أو الممتلكات والخروج عن الأطر السلمية لن يضيف لأي قضية سوى مزيد من التحديات على الوضع الراهن، ويشكل في الوقت ذاته خروجا عن النهج الوطني القائم على الحوار والتفاعل والتمسك بالمبادئ مهما اختلفت وجهات النظر.
سلمية التعبير
أخبار البلد - أخبار البلد-