أخبار البلد ــ قالت وزيرة الثقافة هيفاء نجار، أننا عندما نحتفي بمدينة إربد عاصمة
للثقافة العربية، فأننا نحتفي بكل ما يتصل بالأردن؛ هذا البلد الذي يعمل من أجل
الاحتفاء بالسردية الوطنية الأردنية.
وأضافت: "نحن بحاجة إلى إعادة التعمق
في سرديتنا الوطنية الأردنية"، مشيرة إلى أننا قدمنا الكثير بحثيا، ولكن
أمامنا الكثير أيضا لنقدمه.
وأكدت النجار خلال محاضرة بعنوان:
"التاريخ في الرواية والسينما" نظمها منتدى مؤسسة عبد الحميد شومان
بالشراكة مع وزارة الثقافة ضمن فعاليات إربد عاصمة للثقافة العربية، مساء أمس
الاثنين، تحدث فيها الكاتب والمؤرخ والروائي الدكتور محمد عفيفي، وأدارتها الكاتبة
والمؤرخة الأردنية الدكتورة هند أبو الشعر، أن الفعاليات الثقافية التي تأتي ضمن
الاحتفاء بإربد عاصمة للثقافة العربية لن تنتهي بنهاية هذا العام، بل سيبقى العمل
قائما، مشيرة إلى أن الوزارة بصدد تنفيذ بحث إجرائي أكاديمي اجتماعي انثروبولوجي معمق
حول كل البرامج التي تم تقديمها في إربد وأثرها على حياة المواطنين وكيفية
الانطلاق ليكون الفعل الثقافي مستداما.
وقالت الوزيرة النجار، "حينما نتحدث عن التاريخ والرواية والسينما،
فإننا نتحدث عن وسيلتين مهمتين، ترتبطان بالتاريخ لجهة الأحداث والشخصيات، ولكل من
هاتين الوسيلتين فنونها الكتابية ومعالجاتها، التي يمكن أن تجنح إلى المتخيل أو الايديولوجيا
أو المتطلبات الجمالية للتلقي الذي يختزل التاريخ أو يشوهه.
الدكتور محمد عفيفي قال إن التاريخ شكل
مادة خصبة مع ظهور فن الرواية وفن السينما، مشيرا إلى العلاقة الوثيقة جدا ما بين
التاريخ والسينما والأدب وهي علاقة شيقة وشائكة في نفس الوقت.
وضرب الدكتور عفيفي المثل بروايات المؤرخ
جورجي زيدان الكلاسيكية، إذ أن رواياته أوصلت التاريخ إلى الناس بشكل كبير جدا،
كما نوه كذلك إلى أن الأفلام حتى في السينما العالمية بدأت بأفلام تاريخية أو
دينية تاريخية.
وقال: "إننا نحاكم العمل الأدبي أو
العمل السينمائي بميزان"، وهذه النظرية كانت سائدة لزمن طويل، مشيرا إلى أن
أسئلة ما بعد الحداثة غيرت هذا الموضوع لأنها طرحت العديد من الأفكار والاسئلة
الجديدة، موضحا أن الحقيقة نسبية كذلك الموضوعية، وأنه ليس هناك سردية تاريخية واحدة،
بل هناك عدة سرديات.
وأشار إلى أن أسئلة ما بعد الحداثة طرحت
فكرة أنه لا يمكن محاكمة الرواية التاريخية، وأنه ليس من مهمة الرواية التاريخية
أن تقدم التاريخ، موضحا في هذا الصدد أن الرواية التاريخية والفيلم التاريخي ليس
من مهمتهما أن يكونا "كتاب تاريخ". كما بين أن أفكار ما بعد الحداثة
تقول إن هناك مساحات يستطيع أن يعمل عليها الروائي في الرواية التاريخية مثلما
يوجد مساحات يستطيع أن يعمل عليها السيناريست والمخرج إذا ما أرادوا العمل على
فيلم سينمائي؛ وهي مساحات وصفها الدكتور عفيفي بـ "المسكوت عنه في التاريخ "
أو ما تم تهميشه.
وبين أن الرواية تعطي مساحة للتحرر أوسع من
مساحة المؤرخ المقيد بكهنوت القواعد الأكاديمية.
وقال الدكتور عفيفي، إن السينما صناعة
كبيرة وأن الأب الشرعي للعمل السينمائي هو المخرج، مبينا أن الأفلام التاريخية
غالبا ما تواجه مشاكل أثناء العمل والتي من أهمها التمويل المالي حيث إنها مكلفة
جدا، مؤكدا أهمية الأفلام والمسلسلات التاريخية لأنها تعمل على صناعة وعي مجتمعي.
وأضاف أن تدريس التاريخ في العالم العربي
يعتمد على التلقين والتحفيظ فقط، ولا يعتمد على الحوار والنقاش ونقل الأفكار.
وقال إن السينما تحاسب الحكام بعد ذهابهم،
مشيرا إلى (الكرنك) لنجيب محفوظ سواء الرواية أو الفيلم، منوها إلى أن الفيلم خلق
ظاهرة في تاريخ السينما المصرية وهي "الكرنكة".
والدكتور محمد عفيفي مصري الجنسية، حصل على درجة الماجستير عن رسالته
التي تناولت الأوقاف في العصر العثماني، ثم حصل على درجة الدكتوراه من جامعة
القاهرة عن دراسة حول الأقباط في العصر العثماني. اتسمت الدراسات الخاصة به بالعمل
على أرشيفات المحاكم الشرعية والمخطوطات.
وقد تولى العديد من المناصب الأكاديمية والثقافية، مثلما حصل على العديد من
الجوائز منها أحسن رسالة ماجستير في التاريخ لعام 1986 مقدمة من الجمعية المصرية
للدراسات التاريخية، وجائزة الدولة التشجيعية في العلوم الاجتماعية لعام 2004،
وجائزة الدولة للتفوق في العلوم الاجتماعية لعام 2009، وجائزة الدولة التقديرية في
العلوم الاجتماعية لعام 2020/2021.