يندرج تضخيم مكانة الرئيس الأوكراني «اليهودي» في إطار حملة الترويج الإعلامية التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية فضلاً عن قادة دول الاتحاد الأوروبي الذي يرفعون علم أوكرانيا على صدورهم ويذهبون إلى كييف لالتقاط الصور التذكارية معه، في الوقت ذاته الذي يرومون التأكيد على «يهوديته» وأنه من أحفاد ضحايا المحرقة الألمانية, وخصوصاً الطمس على حقيقة أن أوكرانيا تُعجّ بتيارات وميليشيات نازية ذات نفوذ خصوصاً في الجيش والإدارة الأوكرانية. وأن زيلينسكي نفسه متورط في دعمها بل الانصياع لها بعد أن كان «وعد» قبل وبعد انتخابه رئيساً في العام 2019 بـ"تطهير الحياة السياسية من الفساد وإحلال السلام في المناطق الشرقية من البلاد، لكنه ما لبث أن تماهى مع خطاب كتيبة آزوف النازية (التي تم ضمها إلى الجيش الأوكراني) إضافة بالطبع الى باقي الميليشيات القومية المتطرفة التي لا تخفي إعجابها بالتجربة النازية.
قائمة الصحيفة الإسرائيلية المخصصة لأكثر اليهود نفوذاً في العالم, بعدما أجلستْ زيلينيسكي على رأسها، وضعت رئيس الوزراء الحالي/لبيد في المرتبة الثانية, وشاركته المرتبة ذاتها اليزابيث بورن/رئيسة الوزراء الفرنسية, التي نجا «والداها» من الهولوكوست وِفق الصحيفة، فيما جاء السفير الأميركي لدى إسرائيل/توم نايديس في المرتبة الرابعة. وكان المركز الخامس من نصيب «نتنياهو", أما انتوني بلينكن/وزير الخارجية الأميركي فجاء في المرتبة الثامنة. إضافة بالطبع إلى «50» اسماً من بينهم سياسيون وشخصيات عامة وعلماء ورجال أعمال وشخصيات ثقافية «يهودية» بعضهم يعيش في إسرائيل وغيرهم خارجها.
صدور القائمة المئوية لأكثر اليهود نفوذاً يتزامن سنوياً مع حلول رأس السنة اليهودية, التي احتفلت بها إسرائيل الأحد الماضي وحملت الرقم «5783» وفق التقويم اليهودي.
قائمة كهذه تنظر إلى «يهود» العالم ولا تحفل بـ» جنسياتهم» وسيادة الدول التي يقيمون فيها, ويحملون جوازات سفرها ويعملون في مؤسساتها. وهي تندرج في إطار زعم دولة الاحتلال انها الممثل الوحيد ليهود العالم. وإذا ما قام باحث, أكاديمي, إعلامي أو سياسي بالإضاءة على «الهوية الدينية» لهؤلاء الذين يشغلون وظائف رفيعة في دولة ما وخصوصاً في الولايات المتحدة وإداراتها المختلفة, وبخاصة إدارة بايدن الحالية التي تضم نسبة كبيرة من «اليهود» فإن سيف «معاداة السامية» يُشهر في وجهه وتتم ملاحقته وتشويه سمعته وشيطنته.
ثمة إشارة أخرى في هذا الشأن، إذ جاء في المعطيات التي نشرتها الوكالة اليهودية بمناسبة حلول السنة العبرية الجديدة, أن عدد اليهود «في العالم» بلغ 15.3 مليون نسمة، وأن غالبيتهم ليسوا «إسرائيليين». إذ يبلغ عدد اليهود خارج إسرائيل 8.25 مليون, فيما يصل عددهم في إسرائيل إلى 7.08 مليون. ما يعني أن يهود إسرائيل لا يُشكلون سوى 46.2% من مجمل يهود العالم (وفق الوكالة اليهودية), التي تُضيف أن الولايات المتحدة هي ثاني أكبر تجمّع لليهود في العالم (قرابة «6» ملايين يهودي).
لكن أكثر ما يلفت الانتباه في جملة الأكاذيب والأضاليل التي تبثها إسرائيل/والحركة الصهيونية, أن دولة العدو تُصنّف 25.5 مليون شخص في العالم, انهم مُستحقو قانون العودة «اليهودي»، ويشمل هذا العدد غير الواقعي/والمُختلق، كل الذين يُعرِّفون أنفسهم كـ«يهود» وأفراد عائلتهم المُوسّعة وبينهم بالطبع غير يهود, مُعتبرة أن «8» ملايين منهم يعيش في دول مختلفة, فيما يستقر في اسرائيل 7.5 مليون يهودي, تقول هذه الفِريَة الصهيونية المؤسطرة.
طبعاً دون إهمال «نصف مليون» شخص «هاجروا» إليها بموجب «قانون العودة», الذي يسمح لليهود فقط بالهجرة إلى إسرائيل والحصول على جنسيتها. ومعروف أن هؤلاء هاجروا من جمهوريات الاتحاد السوفياتي خلال حكم غورباتشوف أواخر ثمانينيات القرن الماضي, ليسوا مُسجّلين منذ ذلك الوقت وحتى الآن كـ«يهود» في السجل السكاني, في الوقت نفسه هم أيضاً ليسوا مُسجلين كأتباع «ديانة أخرى».
ولكم أن تتخيلوا أن آلافاً منهم يقيمون في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية, ولم يعمل جيش العدو منذ ثلاثة عقود على ترحيلهم أو اعتبار إقامتهم غير قانونية, فقط لأن إسرائيل تريد إطاحة «التفوّق» الديموغرافي للفلسطينيين في فلسطين التاريخية, بكل أساليب التزوير والقتل والإبعاد ومصادرة الأراضي وتقليص عدد المواليد الفلسطينيين.