أخبار البلد ــ تشهد الأسواق المالية العالمية وأسواق النفط والذهب تقلبات وتذبذبات وعدم استقرار في الأسعار مدفوعة بعوامل سياسية واقتصادية وعسكرية وأمنية ، من الحرب في أوكرانيا التي لا يبدو في الافق نهاية لها وتقليص امدادات الطاقة الروسية عن أوروبا والمخاطر الجيوسياسية والتضخم ومخاوف الركود وارتفاع أسعار الفائدة والنفط والغاز وعدم توفر البدائل المناسبة للطاقة المستخدمة بكلف معقولة ومصادر متاحة وكافية لتعويض النقص والاستعداد لموسم شتاء قاس والتقنين في الاستهلاك بكميات محددة كما في المانيا حيث يعتبر الغاز الروسي المصدر الرئيسي للتدفئة في القارة الأوروبية ، وقد بدأت بعض دولها بالبحث عن مصادر الغاز من دول أخرى كالجزائر كما تفعل الرئاسة الفرنسية في الجزائر في الوقت الحالي .
فأسعار النفط تشهد ضغوطا وتراجعا بفعل ضعف الطلب من الصين ، باعتبارها أكبر مستورد ومستهلك للنفط الخام في العالم في ظل عمليات الاغلاق العام على اقتصاد البلاد وأزمة العقارات والتوقعات السلبية بشأن وضع الاقتصاد الصيني ثاني أكبر اقتصاد في العالم وضعف البيانات الاقتصادية حوله ، حيث تستحوذ بمفردها على نحو 25% من الطلب العالمي على النفط .
كما أن ارتفاع الدولار له نتائج عكسية على سعر النفط ، وتتوقع كبريات بنوك الاستثمار العالمية استمرار ارتفاع الدولار الى نهاية العام الحالي بفعل التضخم ومواصلة مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الرفع التدريجي لسعر الفائدة للعودة بمستوى التضخم الى مستهدفه البالغ 2% للعام 2022 ، وقد ارتفع الدولار بنسبة 12% عن مستواه في بداية العام الحالي .
كما من المرجح تراجع أسعار النفط مع قرب توقيع الاتفاق النووي الوشيك بين ايران والغرب ، والسماح لايران على ضوء ذلك بتصدير النفط .
وساهم ارتفاع معدل التضخم والتحذير من مخاطر الركود والنمو القوي وقوة التوظيف الى التشدد النقدي من الفيدرالي الأمريكي وعدم ثنيه عن مواصلة رفع سعر الفائدة بشكل أسرع من البنوك المركزية الكبرى الأخرى مثل البنك المركزي الأوروبي حيث انخفض اليورو الى مستوى التكافؤ مع الدولار ويقل عن مستواه حاليا ومن المتوقع أن يبقى كذلك العام الحالي وهو أدنى مستوى له منذ بدء التداول به في العام 2002 ، وبنك انجلترا حيث انخفض الجنيه الاسترليني بنسبة 10% مقابل الدولار هذا العام وتشير التوقعات وصوله الى 1،14 دولار مع نهاية هذا العام مقابل 1،20 دولار حاليا تحت وطأة التضخم والتحذير من المخاوف من حدوث ركود طويل الأمد وعدم اليقين السياسي واضطرابات ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ، وبنك اليابان حيث شهد الين في هذا العام أسوأ مراحله .
وهذه الظروف والتوتر بين الصين وتايوان تؤدي الى جذب تدفقات رأس المال نحو الولايات المتحدة مما يساهم في تعزيز الدولار ووضعه كملاذ أمن .
وستواجه الدول النامية والأسواق الناشئة من جراء صعود الدولار مهمة صعبة في خدمة الديون الخارجية من الأقساط والفوائد المقومة بالدولار ، ويزيد من أعبائها وارتفاع تكاليف الاقتراض .
أما من ناحية الذهب ، فان ارتفاع سعر الفائدة وارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات يجعل من اقتناء الدولار أفضل من اقتناء الذهب ويقلل من جاذبيته الذي لا يدر عائدا وهو أداة تحوط من التضخم ، لذلك من المتوقع أن تتحرك أسعار الذهب ضمن نطاق محدد في الأمد القريب .
وفيما يتعلق بسوق الأسهم ، فان رفع سعر الفائدة وضعف البيانات الاقتصادية الأمريكية تعني تراجع العقود الاجلة للأسهم ، والتحذيرات من البنوك الاستثمارية الأمريكية من أن تقلبات الأسواق ستستمر وتقديمها النصيحة للعملاء بتخفيف المراكز في سوق الأسهم ، وأن النتائج الايجابية للخطة الأمريكية في حصار التضخم لن تظهر في العام المالي الحالي أو العام القادم وربما تتأخر لعامين .
ان رفع الفائدة الأمريكية شكل ضغطا على بعض عملات الدول العربية وأبرزها الجنيه المصري ، حيث فقد نحو 22% من قيمته أمام الدولار منذ شهر اذار الماضي ، مع التوقعات المصرية ياستمرار وتيرة الانخفاض نتيجة خروج نحو 20 مليار دولار دفعة واحدة من أدوات الدين الحكومية هذا العام وارتفاع تكاليف الواردات والمحاولات للتوافق مع متطلبات صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد .
خبير اقتصادي*