نلاحظ ازدياد شديد بمظاهر وسلوكيات اجتماعية ذات أبعاد سلبية، غريبة عن مجتمعنا بتحديثاتها، منها الجديد ومنها المطّور والمحدث برعاية فوضوية غير مسؤولة بتطبيق مادة الحرية الشخصية، وتنامي هذه المظاهر، ينذر بمستقبل يُحاكُ بخيوط وترية ضعيفة، بل ويحمل في طياته أبعادا سلبية تتعدى حدود التأثير الذاتي لتصنف بالتأثير الشمولي والمجتمعي، والحديث عن مثل هذه الظواهر يصعب حصره بسبب التنامي في الشكل والمضمون، وربما نحاول أن نصنف ذلك ضمن قواعد الحرية الشخصية، لكن تأثيراتها المزعجة بل والقاتلة، تجعلها اعتداء مبرمجا على حرية و?ياة الآخرين، وربما ازدياد معدل جرائم القتل واستخدام الوسائل المختلفة للعنف، هو أحد المواليد الشرعيين لمثل هذه الأمور، وسوف أسرد بعضا منها على سبيل المثال للقياس، ممزوجة بدعوة وأمنية لأصحاب الاختصاص لدراسة هذه الظواهر واتخاذ القرارات المناسبة لمعالجتها، قبل أن تصبح مزمنة وتتصعب الأمور.
هناك مثلاً زيادة مضطردة باستخدام الهواتف الخلوية أثناء القيادة بشكل يؤثر على التركيز وسلامة الطريق للآخرين، والمقصود بالاستخدام لا يقتصر على التحدث بالهاتف، بل يتعدى ذلك لتصفح وسائل التواصل الاجتماعي وكتابة الردود والتعليقات، التي يمكن الحكم عليها من خلال مراقبة دقيقة لسائق المركبة، الذي يتأخر بالتحرك بمركبته في الوقت المناسب متسببا باستخدام منبه السيارة، يبطئ بالقيادة لعدم القدرة على توزيع التركيز على المهمتين بآن واحد، الاستمتاع بتصوير بعض اللقطات أثناء القيادة لأسباب ليست مجال بحث ومناقشة الآن، وهناك من?يشاهد برامج أو مباريات رياضية أو محاضرات أو ينخرط بمكالمات هاتفية ذات مواصفات استفزازية وتحتاج للعصبية ورفع نبرة الصوت لتوثيق المحتوى، الذي يستنزف جزءا يسيرا من التركيز.
تنامي ظاهرة استخدام الدراجات النارية ضمن المفاهيم التي تطبق الآن، يبعث على القلق وينذر بخطورة على أطراف المعادلة في الطريق، خصوصا الفئة الأكثر انتشارا والمتمثلة بتوصيل الطلبات والخدمات المشابهة، التي تصدر أصواتا تحذيرية مزعجة تترجم بعض ملامح الخلط في التفكير، لا تلتزم بأدنى أساسيات القيادة، بل تعتمد مبدأ الهنبكة المتمثل بالتراقص والتداخل بين وسائل المواصلات، ولا مانع من استخدام الرصيف المخصص للمشاة لترجمة النقص الذاتي، حيث يتفاقم الوضع بطبيعة طرقنا التي لا تسمح بمثل هذه التصرفات لخطورتها، بل شاهدت أحد الشب?ب يستعرض منصات هاتفه الخلوي أثناء قيادته لدراجته النارية؛ واقع يحتم علينا الحذر واعادة النظر بترخيص هذه الوسائل التي تحتاج لمسرب خاص أسوة بالدول التي تتباهى باستخدامها ضمن قوانين صارمة يمنع مخالفتها، وربما اعادة النظر بترخيصها يجعل طرقنا أكثر أمانا.
التسوق على الإشارة الضوئية، ظاهرة جديدة وقديمة، لكنها آخذة بالتنامي، حيث ينطلق الباعة للأصناف المختلفة لمجرد التوقف على الإشارة الحمراء، باسلوب عرض مستفز، تمارس فيه كافة أنواع الرجاء والضغوطات والتسهيلات، بتسوق مفتوح الزمن يمتد حتى منتصف الليل، تختلط فيه أحياناً عبارات الاستجداء والعطف للمساعدة «التسول» اعتمادا على الشكل والهندام أو تقرير طبي يثير الشفقة والعطف، وتنامي هذه الظاهرة يعطي مؤشرا سلبيا على سلوكيات دخيلة آخذة بالتطور والتنامي بسبب مردودها المادي، يقابله تساهل غير مبرر من الجهات ذات العلاقة.
الاعتداء المبرمج مع سبق الإصرار على الأرصفة المخصصة للمشاة حسب قوانين الأمانة والبلديات، ظاهرة آخذة بالتطور بالرغم من سلبيتها وعدم قانونيتها، تتغذى بأفكار بالية لاستخدام المتنفذين كوسيلة تسهيل، بل يتعدى ذلك لحجز مواقف أمام المحلات ليكون الوقوف حصريا بالمتسوقين في تلك المحلات، وربما الزام المستخدمين بالاصطفاف عبر خدمة اصطفاف السيارات التي لم تنظم حتى تاريخه، لأن مخافة أوامر هؤلاء هي شكل من أشكال المغامرة التي قد تنتهي بإشكال بدني أو اذية للمركبة، وهي أمور علينا تجفيف منابع نموها قبل أن تستفحل وتدخل صنف المس?حيل وللحديث بقية.