اخبار البلد - كتب: زهير العزه
الحديث عن مملكة فلسطين الهاشمية على أرض الاردن وعلى حساب الشعب الاردني حديث سخيف ومشبوه، فمنذ أن تم تأسيس الدولة الاردنية الحديثة مطلع عشرينيات القرن الماضي بعد هزيمة الدولة العثمانية وإنهيارها ،ومنذ ان تم التوقيع عام 1897على سواحل الخليج العربي على أول و ثيقة يتم بموجبها القبول بإنشاء كيان قومي للهيود الصهاينة على أرض فلسطين وما لحقها من وثائق توطينية لليهود الصهاينة ، إعتقد بعض النظام الرسمي العربي ومن خلفه بريطانيا والصهاينة اليهود أن الجغرافيا القلقة التي قامت عليها إمارة الأردن ومن ثم المملكة فيما بعد ككيان سياسي، هي المكان الوحيد في هذا العالم الذي يمكن تهجير الفلسطينيين اليه وتوطينهم ، بل وإنشاء وطن لهم حتى وإن كان اسمه فلسطين ، وقد واجه الشرفاء من أبناء الشعب الاردني وأبناء الشعب الفلسطيني وشرفاء العرب كل المخططات والمشاريع التصفوية للقضية الفلسطينية وما زالوا يواجهون هذه المخططات .
اذا ما طرحه كاتب العربية السوري الاصل السعودي الجنسية علي الشهابي ليس جديدا ، وأن كان قد إعتمد مصطلحات جديدة ، فقبل ذلك بسنوات تزيد عن عمر الكاتب بل وعمر "دول .." تم طرح مثل هذا المشروع بل ومشاريع أخرى تشابهه في النتيجة ، وهو ما عبرعنه قادة الكيان الاستيطاني اكثر من مرة "بأن الاردن هو فلسطين".
واضح أن الكاتب الشهابي ومن موقعه الرسمي "كمستشار في دولة" سواء كان مدفوعا لقول ذلك أو انه قالها "من رأسه" يريد هو ومن يقف خلفه أن يحل مشكلة العامل الديموغرافي الفلسطيني الذي أصبح يؤرق قادة الكيان على اكثر من صعيد أولهما: أن فلسطيني الارض المحتلة عام 1948اثبتوا أن سنوات الاحتلال الاستيطاني لم تستطع مسح هويتهم وارتباطهم بشعبهم وبنضالاته، وما جرى ويجري في موضوع التضامن المقاوم مع قضية أبناء فلسطين في منطقة الشيخ جراح والقدس وغزة ومقاومتها كان اكبر برهان على ذلك الارتباط ، ثانيا :ومن هنا تنبع أهمية ما يجري في فلسطين، حيث يقوم الفلسطينيون بإبداع مقاوم مثير للذهول وذلك بتفكيك الكائن المصنع في جغرافية المنطقة من داخله ، من خلال المواجهة اليومية التي يقوم بها شبان وشابات فلسطين من البحر الى النهر ومن الشمال الى الجنوب، بحيث أثبت هؤلاء الابطال أن المال والسلاح الدولي الذي أغدق على الكيان ما أدى الى إنجابه على ارض فلسطين هو قوة خرساء وسيبقى كذلك في مواجهة أهل الارض والتاريخ والجغرافيا وسيتهاوى هذا الكيان حتما بفعل ذلك ،بالرغم مما يقال انه كيان عصيّ على الهدم والزوال ، وهو ما تؤكده فلسطين المنتفضة يوميا من أقصاها الى أقصاها وفي قلبها القدس ومقدساتها، ، وهذا مايؤكده العديد من قادة الكيان الاستعماري الاستيطاني في العديد من المناسبات ما يدفعهم للبحث عن حل لخطر العامل الديموغرافي الفلسطيني عليهم وعلى كيانهم .
اليوم ثبت للقاصي قبل الداني أن ما توهّمه البعض من موت القضية الفلسطينية كان مجرد سراب، وأن هوية فلسطين والفلسطينيين والقدس وعروبتها وهوية الاردن والاردنيين بين شعوب العالم لايزال لهما قوة الحضور المقاوم للمشروع الصهيوامريكي الذي يريد محو الشعبين الاردني والفلسطيني من خلال تذويب الشعب الفلسطيني بالاردن وعلى أرض غير أرضه التاريخية بإستغلال كل عمليات التخريب المبرمج للهويات من خلال استغلال التحديات الوجودية التي يواجهها أبناء الشعبين الفلسطيني والاردني من الداخل أوالخارج العربي والدولي على حد سواء.
إن الدعوة لتوطين الفلسطينيين في الاردن وعلى حساب قضيتهم اوإنشاء دولة تحمل اسم فلسطين على حساب الشعب الاردني هو محاولة فاشلة للتلاعب بالتاريخ والجغرافيا، وقد اثبتت التجارب التاريخية ذلك ، كما أن محاولات مسح فلسطين من الخريطة العالمية ومسح الاردن من الوجود تحت اية شعارات يمكن طرحها قبل تحرير فلسطين لا يعبرعن ارادة الشعبين المقاومين للمشاريع التصفوية( وزيارة واحدة لاي مخيم في الاردن تؤكد ذلك) وبالتالي فأن ارادة التحدي والمقاومة سترتفع في مواجهة هذه المخططات ،وما نشهده اليوم في الاردن من موقف حازم معادي من قبل الشعب الاردني للإدارة الامريكية وللكيان الصهيوني ولبعض أنظمة الحكم العربية، دليل واضح على أن هذا المشروع او اية مشاريع مشابهة لن تمر الا على نهر من الدماء وعلى مزيد من الشهداء من قبل الشعب صاحب أول هزيمة تلحق بالكيان المحتل لفلسطين .
نعود ونكرّر لنقول ان إطعام حكام بعض الانظمة العربية معادلات وهمية لبناء نظام إقليمي يشكل التطبيع ركيزته يحقق لهم توازن قوة يحميهم من عدو ثانوي أو وهمي متجسد في إيران كما يدعون ويوجهون شعوبهم لن يحقق لهم الامن والامان، بل سيكتشفون وستكتشف شعوبهم معهم أن جل ما قاموا به هو تسديد فاتورة أميركية لدعم كيان الاحتلال الصهيوني من رصيدهم وعلى حسابهم، وسيتحملون المخاطر الناجمة عن ذلك وحدهم.
واليوم أيضا لابد من التأكيد أنّ فلسطين أكبر من كل المشاريع التصفوية، وقد أثبت التاريخ والاحداث والمقاومة قديما وحديثا ذلك ، كما أثبتت الاحداث والتاريخ والمقاومة أن الاردن والاردنيين قدموا وسيقدمون الدماء من أجل تحرير فلسطين مهما كبر شأن المؤامرة ومهما تصاعد الحصار، ومهما حاول البعض شيطنتهم تحت شعارات توطينية او عنصرية او انعزالية ، فهم الاقرب الى فلسطين روحا وجسدا وحياة.....