في ظل مؤشرات مُؤكدة عن قرب انهيار الائتلاف الذي يرأسه نفتالي بينيت بعد أن لم يعد يتوفر إلاّ على 59 نائباً، خصوصاً بعد استقالة عضو آخر من حزبه/ «يمينا»، راجت شائعات (أكَّدها موقع «واللا» الإلكتروني الأشهر في إسرائيل)، بأن رئيس الحكومة بينيت وزَّع ليل الإثنين/الثلاثاء استطلاعاً مجهول المصدر عبر الرسائل القصيرة SMS، على مُصوِّتي حزب"يمينا»، لفحص مدى تأييدهم الانضمام إلى حكومة يقودها الليكود في الكنيست الحالي (أي بدون الذهاب إلى انتخابات خامسة)، وقد «فسَّر» موقع «واللا» سبب لجوء بينيت إلى خيار كهذا، بأنّ ثمَّة ضغوطاً شديدة تُمارس على الأخير لإعادة «المسار» ودراسة إمكانية الانضمام إلى نتنياهو وكتلته لتشكيل حكومة بديلة، خصوصاً أن تلك الضغوط تأتي من معسكر قوي داخل «يمينا»، تقوده وزيرة الداخلية الفاشية إيليت شكيد، التي تتبنى مثل هذه الخطة بل ثمَّة شكوك لدى بينيت نفسه بأن شكيد نفسها قد تلجأ إلى الانشقاق والالتحاق بنتنياهو/الليكود.
ليس ثمَّة مفاجأة في الاستدارة التي لجأ إليها حزب «يمينا»، الذي نفى بشدة أن يكون وراء الاستطلاع، أو أحد من طرف الحكومة القائمة الآن، إذ حفلت الحياة السياسية والحزبية في دولة العدو الصهيوني منذ قيامها حتى الآن بكثير من الانشقاقات والاستدارات والتنقل في الفضاء الحزبي والسياسي من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار (وبالعكس) كما حدث في حزب العمل وانتقال قادة منه إلى التحالف الذي قاده مناحيم بيغن، مُكرِّساً هيمنة «الليكود» منذ انقلاب أيّار 1977، الذي جاء بقادة المنظمات الإرهابية الصهيونية «قبل النكبة»، إلى سُدَّة الحُكم، بعد أزيد من ربع قرن على قيادة حزب العمل للكيان بزعامة بن غوريون إلى أن أُجبِرَ على الاعتزال والانكفاء في مستوطنة سديه بوكر في النقب الفلسطيني المُحتل حيث دُفِنَ هناك.
أيّاً كان رد الفعل الغاضب الذي تجلّى في بيان حزب «يمينا» حول الاستطلاع، الذي رجَّح أن يكون «أُلعوبة» من الخصوم السياسيين أو «أي شيء آخر».. كما جاء في البيان، الذي أضاف أن «رئيس الحكومة يعمل على تثبيت الحكومة للاستمرار في قيادة إسرائيل للازدهار الاقتصادي والأمني»، فإن سقوط الائتلاف الحالي باتت مسألة وقت، بدليل اندلاع الصراع بين بينيت ورئيس الحكومة البديل/ وزير الخارجية يائير لبيد، حول مَنْ سيكون رئيس الحكومة الانتقالية، في الفترة التي تسبق الانتخابات حال قرر الكنيست حلّ نفسه. وهو أمر مُرجح في الربع الأخير من هذا العام أو أوائل العام الجديد حيث ينبغي إجراء الانتخابات بعد «90» يوماً من حل الكنيست، رغم أن الحكومة الحالية مُرشَّحة للبقاء حتى انتهاء الدورة الصيفية للكنيست نهاية تموز الوشيك، ثم بعد ذلك خروجها إلى عطلة صيفية إذ محظور أن يجري خلالها أي تصويت على حل الكنيست أو سحب الثقة منها.
ثمّة زعيم حزب يميني آخر أكثر فاشية وعنصرية من بينيت ونتنياهو هو جدعون ساعر، رئيس حزب «تكفا حداشا"/أمل جديد، وهو الذي كان انشق عن الليكود بعد فشله في منافسة نتنياهو على زعامة الحزب، والذي يرشح أنه يجري مفاوضات مع مُقربين من نتنياهو للالتحاق به، خاصة أن استطلاعات الرأي تؤشر إلى أن حزبه لن يجتاز نسبة الحسم، وهو أمر وإن كان نفاه ساعر، إلاّ أن تسريبات عديدة تتحدث عن انخراطه جديّاً في هذا الاتجاه، علماً أن نتنياهو كان دعاه علناً أكثر من مرة لـ"العودة» إلى الليكود واعداً إياه بحقيبة الخارجية.
في السطر الأخير... من السابق لأوانه الجزم بقيام حكومة جديدة يرأسها نتنياهو، سواء التحق بها بينيت أم خصوصاً اختار جدعون ساعر تلافي الذهاب إلى صحراء السياسة، واحتمى بمظلة خصمه اللدود نتنياهو، ما يعني أن إجراء انتخابات خامسة يبدو إجبارياً، حتى لو واصلت حكومة انتقالية برئاسة بينيت أو لبيد مهامها لمدة لن تزيد (ربما) عن ستة أشهر، هذا في حال لم تحدث تطورات إقليمية عاصفة، تطيح الكثير من السيناريوهات وجداول الأعمال والخطط داخل إسرائيل كما في الإقليم أيضاً.