الوطنية في القاموس الأردني مفرده معناها الاستماتة في المحافظة على مكونات الوطن من ارض وملك وشعب، فحب الوطن شعور مقدس لا يمكن المساومة به أو حتى محادثة النفس على خلافة، وأما حب الملك فهو ركيزة أساسية من ركائز استقرار البلاد، فالملكية في الأردن هي سبب الترابط الاجتماعي، فالمجتمع الأردني في كل أطيافه العشائرية وتركيباته الاجتماعية لا يقبل أن يكون على رأس الرئاسة إلا بني هاشم، فالملكية الهاشمية محل إجماع واجتماع كل الأردنيين، من شتى منابتهم وأصولهم، فالوطنية الصادقة التي تفيض بها مشاعر الأردنيين أصبحت نقطة الضعف التي يستغلها من يتاجر بالوطن وأبنائه لتحقيق مصالحه الشخصية مستغلا منصبه الرسمي أو حضوته العشائرية أو مكانته الاجتماعية عند أبناء عشيرته ومنطقته ودائرته.
فمنذ سنة مضت منذ انطلاق أول مسيرة أردنية مطالبة بالإصلاح وتبديد غيوم التهميش في ذيبان، والتي سرعان ما تردد صداها في مختلف مناطق المملكة تكشف أن الأردن بحاجة إلى إنعاش، حيث كان الفساد ينخر في كل أجزائه، فالسلطة والمسؤولية التي كانت مطلقة، كانت في نفس الوقت مفسدة مطلقة، ومع تعالي الأصوات المنادية بالإصلاح، بدأت العقول تعمل لاحتواء الموقف وتخفيف حدة الاندفاع لهذا المد العاتي إذا لم يكن إيقافه ممكنا، فبدأ الغزل الناعم بتوفير جو من الحرية مع التأكيد على عدم التدخل الأمني، إلا لأغراض تقديم الضيافة للمسيرات الشعبية، ما دام الأمر مسيرات تمتد لساعات وتنتهي، ولكن هذا الصبر الأمني سرعان ما نفذ، وخصوصا عند أول إعلان بالاعتصام، فالنظرية الأمنية والسياسية تقول نعم للمسيرات ولا وألف لا للاعتصامات، ولو تقتضي الضرورة استخدام القنوة الأمنية والترس وخراطيم المياه، فالصبر الأمني والسياسي له حدود.
ثم يلاحظ أن الحركات الإصلاحية بدأت تتزايد، وتشكل تجمع في كل منطقة وتسمي نفسها بتجمع منطقة كذا الإصلاحي، أو أبناء عشيرة فلان الإصلاحي، وتُكون روابط مشتركة مع تجمعات إصلاحية أخرى لتقوي هذه التجمعات صفها وتناصر بعضها بعضا، وهذا أمر استرعى انتباه جماعات أخرى في مناطق هذه التجمعات وخارجها، والذي أدى إلى تكوين جماعات مضادة لها وغالبا تكون اقل تنظيما، ولكن نشأتها كردة فعل لنشوء هذه التجمعات الإصلاحية جعل هدفها الأساسي هو عرقلة عمل ومسيرة التجمعات الإصلاحية في كل المناطق، و تغلب الشكوك على أن ولادة هذه التجمعات المضادة، والتي تقاوم الحركات الإصلاحية تحت شعار الحفاظ على امن الوطن وسلامة المواطن يتم برعاية رجال الظل، وذلك باستغلال العواطف الجياشة عند المواطن الأردني، بإثارة مشاعره بالواقع الذي وصلت إليه دول الربيع العربي من دمار وفوضى مرة، وإثارة قضية العمالة لجهة خارجية مرة أخرى، أو لسوء النوايا من قبل الزعامات المطالبة بالإصلاح، ويصور الأمر على أن هناك مؤامرة وعلينا كوطنيين الحذر والضرب بيد من حديد وتفويت الفرصة على المغرضين، والتأكيد لهم أن الدولة تشجع على التعبير عن الرأي ولأننا في بلد ديمقراطي تقوم كل المؤسسات بالواجبات الموكولة إليها بأمانه، ثم إن مسيرة الإصلاح قائمة والانجازات تتحقق، فهاهي أموالنا المنهوبة تعود للخزينة وهاهي التحقيقات في قضايا الفساد كل يوم تحيل للمحاكم قضية.
وعلى الرغم من المحددات التي يتم وضعها أمام المطالب الإصلاحية، إلا أن المكاسب التي تحققت تؤكد أن المزيد من الضغط سيؤدي إلى نتائج أفضل، فالنتائج التي أثمرت عن سنة من عمر الاحتجاجات والمطالب الاحتجاجية، لم يكن يُتصور أن تتحقق في ظل الظروف الطبيعية والعادية، ثم إن هناك مكتسبات غير مباشرة للحِراكات الشعبية من أمثلتها، إيجاد أداة رقابية غير رسمية على القرارات السياسية وقرارات الإنفاق الحكومي، وحتى على تسيير الأعمال في كل مرافق الدولة، فأي استغلال أو استثمار للسلطة أو تقصير يتم كشفه فورا، من خلال هذه الأداة الرقابية التي تنتشر في كل مؤسسات الدولة، والتي ساهمت الحِراكات الشعبية بتوعيتها وزيادة فاعليتها.
فهذه المكتسبات التي استطاعت الحِراكات الشعبية اكتسابها لصالح المواطن تقوي موقفها باستمرار، وفي نفس الوقت يتم استغلالها من رجال الظل، لإيهام الحِراكات الوطنية المضادة للإصلاح بان الحكومة تعطي وتتنازل، ولكن المغرضين من المطالبين بالإصلاح لا يكتفون بذلك، لان أهدافهم ونواياهم غير سليمة ويريدون جر البلاد نحو الهاوية، نعم إن إصرار الجماعات المطالبة بالإصلاح سيجر البلاد نحو الهاوية، لان الفاسدين لن ينتظروا حتى يجدوا أنفسهم في الجويده أو سواقة أو في أحسن الأحوال في ارميمين.
موكب الإصلاح سيكون سريعا ويحقق النجاحات الكبيرة إذا كل مواطن حرص على أن يكون البلد خالي من المفسدين، فالتعصب والتحزب والتكتل النخبوي ليس الحل وليس الطريق الصحيح لحل المشاكل وإحراز النجاح، وإنما الحل يكون بالاتحاد لأجل الحفاظ على البلد وأهلة، وتكون المصلحة العامة فوق المصالح الشخصية والفئوية، فالحاكم يجب أن يكون صالح ومصلح، والمحكوم يجب أن يكون صالح ومصلح، إذا أردنا لهذا البلد العلاج بدون جراحة.
kayedrkibat@gmail.com
فمنذ سنة مضت منذ انطلاق أول مسيرة أردنية مطالبة بالإصلاح وتبديد غيوم التهميش في ذيبان، والتي سرعان ما تردد صداها في مختلف مناطق المملكة تكشف أن الأردن بحاجة إلى إنعاش، حيث كان الفساد ينخر في كل أجزائه، فالسلطة والمسؤولية التي كانت مطلقة، كانت في نفس الوقت مفسدة مطلقة، ومع تعالي الأصوات المنادية بالإصلاح، بدأت العقول تعمل لاحتواء الموقف وتخفيف حدة الاندفاع لهذا المد العاتي إذا لم يكن إيقافه ممكنا، فبدأ الغزل الناعم بتوفير جو من الحرية مع التأكيد على عدم التدخل الأمني، إلا لأغراض تقديم الضيافة للمسيرات الشعبية، ما دام الأمر مسيرات تمتد لساعات وتنتهي، ولكن هذا الصبر الأمني سرعان ما نفذ، وخصوصا عند أول إعلان بالاعتصام، فالنظرية الأمنية والسياسية تقول نعم للمسيرات ولا وألف لا للاعتصامات، ولو تقتضي الضرورة استخدام القنوة الأمنية والترس وخراطيم المياه، فالصبر الأمني والسياسي له حدود.
ثم يلاحظ أن الحركات الإصلاحية بدأت تتزايد، وتشكل تجمع في كل منطقة وتسمي نفسها بتجمع منطقة كذا الإصلاحي، أو أبناء عشيرة فلان الإصلاحي، وتُكون روابط مشتركة مع تجمعات إصلاحية أخرى لتقوي هذه التجمعات صفها وتناصر بعضها بعضا، وهذا أمر استرعى انتباه جماعات أخرى في مناطق هذه التجمعات وخارجها، والذي أدى إلى تكوين جماعات مضادة لها وغالبا تكون اقل تنظيما، ولكن نشأتها كردة فعل لنشوء هذه التجمعات الإصلاحية جعل هدفها الأساسي هو عرقلة عمل ومسيرة التجمعات الإصلاحية في كل المناطق، و تغلب الشكوك على أن ولادة هذه التجمعات المضادة، والتي تقاوم الحركات الإصلاحية تحت شعار الحفاظ على امن الوطن وسلامة المواطن يتم برعاية رجال الظل، وذلك باستغلال العواطف الجياشة عند المواطن الأردني، بإثارة مشاعره بالواقع الذي وصلت إليه دول الربيع العربي من دمار وفوضى مرة، وإثارة قضية العمالة لجهة خارجية مرة أخرى، أو لسوء النوايا من قبل الزعامات المطالبة بالإصلاح، ويصور الأمر على أن هناك مؤامرة وعلينا كوطنيين الحذر والضرب بيد من حديد وتفويت الفرصة على المغرضين، والتأكيد لهم أن الدولة تشجع على التعبير عن الرأي ولأننا في بلد ديمقراطي تقوم كل المؤسسات بالواجبات الموكولة إليها بأمانه، ثم إن مسيرة الإصلاح قائمة والانجازات تتحقق، فهاهي أموالنا المنهوبة تعود للخزينة وهاهي التحقيقات في قضايا الفساد كل يوم تحيل للمحاكم قضية.
وعلى الرغم من المحددات التي يتم وضعها أمام المطالب الإصلاحية، إلا أن المكاسب التي تحققت تؤكد أن المزيد من الضغط سيؤدي إلى نتائج أفضل، فالنتائج التي أثمرت عن سنة من عمر الاحتجاجات والمطالب الاحتجاجية، لم يكن يُتصور أن تتحقق في ظل الظروف الطبيعية والعادية، ثم إن هناك مكتسبات غير مباشرة للحِراكات الشعبية من أمثلتها، إيجاد أداة رقابية غير رسمية على القرارات السياسية وقرارات الإنفاق الحكومي، وحتى على تسيير الأعمال في كل مرافق الدولة، فأي استغلال أو استثمار للسلطة أو تقصير يتم كشفه فورا، من خلال هذه الأداة الرقابية التي تنتشر في كل مؤسسات الدولة، والتي ساهمت الحِراكات الشعبية بتوعيتها وزيادة فاعليتها.
فهذه المكتسبات التي استطاعت الحِراكات الشعبية اكتسابها لصالح المواطن تقوي موقفها باستمرار، وفي نفس الوقت يتم استغلالها من رجال الظل، لإيهام الحِراكات الوطنية المضادة للإصلاح بان الحكومة تعطي وتتنازل، ولكن المغرضين من المطالبين بالإصلاح لا يكتفون بذلك، لان أهدافهم ونواياهم غير سليمة ويريدون جر البلاد نحو الهاوية، نعم إن إصرار الجماعات المطالبة بالإصلاح سيجر البلاد نحو الهاوية، لان الفاسدين لن ينتظروا حتى يجدوا أنفسهم في الجويده أو سواقة أو في أحسن الأحوال في ارميمين.
موكب الإصلاح سيكون سريعا ويحقق النجاحات الكبيرة إذا كل مواطن حرص على أن يكون البلد خالي من المفسدين، فالتعصب والتحزب والتكتل النخبوي ليس الحل وليس الطريق الصحيح لحل المشاكل وإحراز النجاح، وإنما الحل يكون بالاتحاد لأجل الحفاظ على البلد وأهلة، وتكون المصلحة العامة فوق المصالح الشخصية والفئوية، فالحاكم يجب أن يكون صالح ومصلح، والمحكوم يجب أن يكون صالح ومصلح، إذا أردنا لهذا البلد العلاج بدون جراحة.
kayedrkibat@gmail.com