أخبار البلد - بكين عاصفة من ردود أفعال ثارت من الغرب إلى أقصى الشرق، عقب الإعلان عن توقيع اتفاقية إطارية للتعاون الأمني بين الصين وجزر سليمان الواقعة في المحيط الهادي
ورغم عدم الإفصاح بشكل واضح عن بنود الاتفاقية وإبقائها سرية، فإن دولا غربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية وأستراليا، أبدت تخوفا من إمكانية استغلال بكين هذا الاتفاق لوضع أقدامها في المنطقة؛ تمهيدا لانتشار عسكري
وبدأ حراك دبلوماسي من عدة عواصم غربية تجاه جزر سليمان لإقناعها بالعدول عن الاتفاقية، في وقت قال فيه المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية "وانغ وين بين" إن القوى الغربية "تعمد لتضخيم التوترات" بشأن الاتفاقية. وأضاف خلال مؤتمر صحفي، أن مبدأ التعاون الأمني "هو المساواة والمنفعة المتبادلة، ويقوم على احترام إرادة جزر سليمان واحتياجاتها الفعلية"
وعلق سياسيون في أستراليا ونيوزلندا بالقول، إن هناك نقصا في الشفافية فيما يتعلق بهذه الاتفاقية، ما قد يؤدي لرؤية مثل هذه الأعمال على أنها عسكرة محتملة للمنطقة
لماذا تثير الاتفاقية الجدل؟
يثير التساؤل "ما الفائدة من ذلك لبكين؟" قلقا عميقا مع احتدام التنافس بين الصين من جهة وأستراليا وحليفتها الرئيسية الولايات المتحدة من جهة أخرى
وانتشرت مسودة على الإنترنت في مارس/آذار الماضي، قيل إنها للاتفاقية الأمنية الصينية مع جزر سليمان، تضمنت مقترحا لنشر محتمل لقوات الأمن الصينية للحفاظ على "النظام الاجتماعي" استجابة لطلبات من حكومة الأرخبيل
وقال ماناسيه سوغافاري رئيس وزراء جزر سليمان أمام برلمان بلاده، إن الاتفاقية لن تسمح للصين ببناء قاعدة عسكرية، لكن في نفس الوقت تحتاج جزر سليمان إلى "تنويع" علاقاتها مع "شركاء آخرين"
ونقلت وكالة رويترز عن متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي قوله إن الاتفاقية "تتبع نمطا صينيا تقدم من خلاله صفقات غامضة، والآن الممارسات الأمنية، مع القليل من المشاورات الإقليمية في عدة أمور"
تقول ميج كين، الأستاذة في الجامعة الوطنية الأسترالية، إن الاتفاقية ستمنح بكين حضورا أكبر في المحيط الهادي؛ لكن يصعب الحكم على الآثار الكاملة كون الاتفاقية الموقعة ستظل سرية
ويرى شي ين هونغ -وهو محلل العلاقات الدولية بجامعة الشعب في بكين- أن "عدم التدخل هو مبدأ عام"، لكنه لا يمنع الصين من فعل أي شيء إذا كان ذلك بدعوة من الحكومة المحلية ذات السيادة
ما الذي تريده الصين؟
عززت الصين العلاقات الاقتصادية، بإشراك جزر سليمان في مبادرة الحزام والطريق، ووعدت ببناء ملعب بملايين الدولارات في البلاد قبل دورة ألعاب المحيط الهادي العام المقبل. كما انطلق الاستثمار المباشر. وكان ذلك كله منذ عام 2019، بعد أن بدلت جزر سليمان موقفها تجاه تايوان
وباتت الشركات الصينية تهيمن تقريبا على كل قطاعات اقتصاد جزر سليمان، بدءا من استخراج الموارد الطبيعية إلى تجارة التجزئة وزيادة المساعدة المقدمة إلى حكومة جزر سليمان. ويقول تاركيسيوس كابوتاولاكا، الأستاذ المساعد في جامعة هاواي في مانوا، إنه "من أجل فهم نفوذ الصين المتزايد، يجب على المرء أن يفهم تدفقات رأس المال الصيني"
ويرى شو تشين دو -وهو محلل سياسي في معهد "بانغول" (Pangoal) المتخصص في السياسة العامة ومقره بكين- أن الاتفاقية تعكس رغبة الصين في ضمان بيئة استثمارية مستقرة في جزر سليمان بعد أن استُهدفت المتاجر والشركات الصينية خلال احتجاجات شعبية العام الماضي
وقال شو للجزيرة نت، إنه لا يرى "أي سبب" يجعل بكين تريد قاعدة عسكرية في المنطقة، لتجنب المزيد من المواجهة مع الولايات المتحدة وأستراليا. مضيفا أن الصين تريد تعزيز موقعها ووجودها في هذه المنطقة "لأنه لا تزال هناك دول أخرى تعترف بتايوان بدلا من البر الرئيسي"
لماذا تريد جزر سليمان معاهدة أمنية؟
قال رئيس الوزراء سوغافاري أمام برلمان بلاده، إن الاتفاق ضروري لتغطية "الثغرات الأمنية الحرجة" وتحسين قدرة السلطات على التعامل مع عدم الاستقرار في المستقبل. مضيفا أن جزر سليمان دخلت الصفقة "بعيون مفتوحة على مصراعيها"
لكن سوغافاري واجه انتقادات من سلفه، رئيس الوزراء السابق عضو البرلمان هون ريك هوينبويلا، الذي اتهمه بالتضليل، قائلا "لولا وثيقة التسريب، لكانت المعاهدة الأمنية سرية عن مواطني هذا البلد"
وأضاف هوينبويلا لصحيفة "نجم سليمان" (Solomonstar) "أظن أن الاتفاقية تتماشى تماما مع قواعد اللعبة التي تتبعها جمهورية الصين الشعبية. لم يتم التفاوض على الصياغة وجميع الترتيبات الخاصة بالاتفاقية. لقد كان مجرد إجراء شكلي". مشيرا إلى أن جزر سليمان تسير على طريق خطير وسيكون له تأثير على الأمن الإقليمي
ويرجح تيس نيوتن كاين، الباحث في مركز الأبحاث التابع لـ"معهد غريفيث آسيا" (Griffith Asia Institute)، أن يكون هناك رد فعل داخلي عنيف. وأضاف لمجلة "تايم" (TIME) أن الافتقار إلى الشفافية مصدر قلق في جزر سليمان كما كان الحال فيما يتعلق بالقرارات الأخرى التي اتخذتها حكومة سوغافاري، وأن الاتفاقية "ستزيد من تأجيج المشاعر والتوترات"