وبخلاف التقارير السابقة يُركز هذا التقرير على التحليل العلمي وشرح الخرائط الجوية وتوضيح الأسباب التي حالت دون تأثُر المملكة بنظام جوي مُتكامل، ولنعلم ذلك يجب أن نتعرّف أولاً كيف تتشكل موجات البرد حول العالم، وما هو تركيب النظام الجوي المُكتمل.
إنَّ الإضطرابات الجوية التي تحدث في مستويات عالية من الغلاف الجوي هي المُسبب المُباشر لتكوين أغلب موجات الدفء والبرد وتكون مرافقة للمُنخفضات والمُرتفعات الجوية العلوية حول العالم، وهي تُسيَّر بأمر الله نتيجة سلوك الرياح العُلوية تلك التي ترتفع عن سطح الأرض آلاف الكيلوميترات وتجوب الكرة الأرضية بسرعة رياح إعصارية. تحدث هذه الإضطرابات العلوية نتيجة وجود علاقة ثُنائية مُعقدة تحدث بين طبقة الستراتوسفير والتروبوسفير، وتتمثل هذه العلاقة في بلورة النظام الطقسي على الطبقات الأدنى فالأدنى في الغلاف الجوي.
ما هي خصائص النظام الجوي المُتكامل؟
بُعيد تشكُّل النظام الجوي العلوي الذي أسلفنا ذكره قبل قليل، بناءً على سلوك ومحور إندفاعه من المنطقة تتشكل الظواهر الجوية على سطح الأرض، حيثُ تشهد المنطقة الواقعة على يسار محور الحوض في طبقات الجو العليا منطقة تجميع علوية للهواء، فتزداد كثافة الهواء مُقارنةً بالوسط المُحيط ويبدأ الهواء بالهبوط مُتشكلاً على إثر ذلك مرتفع سطحي يتميز بالبُرودة إلى الغرب والشمال الغربي من محور الحوض العلوي.
وكما تُظهر الصورة المُرفقة، تشكل مرتفع سطحي على يسار الحوض مصحوب بكتلة هوائية باردة وهو منطقة توزيع سفلية للهواء، في حين يتشكل مُنخفض سطحي على يمين الحوض مصحوب بكتلة هوائية دافئة وهي منطقة تجميع سفلية للهواء، تندفع الرياح من مركز المرتفع السطحي بإتجاه مركز المُنخفض السطحي مكونة جبهة هوائية باردة تمتد من مركز المُنخفض السطحي بإتجاه الجنوب الغربي وتُمثل الحد الفاصل بين الكُتلة الباردة والكتلة الدافئة، وهذه الألية تنطبق على كافة طبقات الغلاف الجوي، بحيث يكون هُناك منخفض جوي على السطح ومنخفض جوي في كُل مستوى أفقي من الغلاف الجوي وحتى طبقات الجو العليا.
لا يوجد نظام جوي رئيسي يؤثر على المملكة الثلاثاء 15-03-2022
أما في حالتنا هذه وبسبب السلوك الجاف الذي إتخذهُ الحوض العلوي البارد، وعدم تعمق الهواء البارد في طبقات الجو العالية نحو الاردن بل تركزه شمال بلاد الشام، لتُصبح بذلك المملكة على يسار محور الحوض العلوي البارد، وذلك إحدى نتائجُه هو عدم قدة المُنخفض العلوي على تكوين منطقة تجميع سفلية للرياح على السطح (مُنخفض جوي سطحي) قريب من المملكة، ويؤدي ذلك أيضاً إلى تكدس الهواء القطبي البارد في الطبقات المُنخفضة والمُتوسطة من الغلاف الجوي وإرتفاع قيم الضغط السطحي وعدم قدرة الهواء على بناء الغيوم بشكل قوي وفعال.
وذلك كون أن المُنخفض الجوي السطحي يُعتبر (mechanism) أي أحدى أهم آليات الرفع لتكوين السُحب المُمطرة والتي تُحرك الهواء إلى الأعلى، بحيث يُعطي طاقة حركية أكبر، ويعمل على إطلاق الطاقة الكامنة (potential energy) وبالتالي حركة علوية كبيرة للرياح (Upward motion)، وعلى إثر ذلك تتكون غيوم ذات سُمك عمودي أكبر ومن ثُم يعمل عمل الموُلد لحدوث هطولات مطرية وثلجية.
وإستشعرت المُحاكاة العددية للهطولات المطرية تلك المُطورة في مركز طقس العرب ذلك بحيث أشارت أن الهطولات في الأردن ستتسم بالعشوائية وعدم الإنتظام الجُغرافي في هطول الأمطار في ظل عدم وجود نظام منخفض سطحي رئيسي كما أسلفنا سابقاً وهو ما دفع كادر التنبؤات الجوية في طقس العرب بعدم تصنيف الحالة المؤثرة على المملكة.
هذه الأمطار ذات النطاق العشوائي ناتجة بأمر الله عن حركة الحوض العلوي ذاته ليرفع الهواء للأعلى ويعمل على هطول أمطار عشوائية وتكوّن سُحب (طبقية) في أغلبها وتُعرف علمياً هذه الآلية لهطول الأمطار بـ (Dynamic rain). وذلك على عكس المُنخفضات الجوية ذات الجبهات الهوائية والتي تكون فيها عدم الإستقرارية عالية في الأجواء (instability)، حيث تتكون من خلاله حزم السحب مُنتظمة وشاملة احياناً حيث تبدأ السُحب الماطرة عادةً بالتوافد عادةً من البحر المُتوسط نحو شمال المملكة وتمتد لباقي المناطق تِباعاً.