اخبار البلد -
ليست الحروب بأشكالها التقليدية المتعددة سواء كانت عسكرية أو اقتصادية فقط ما يهدد العالم؛ بل هناك حروب جديدة ربما تكون أخطر وأكثر ضررا بالمعنى السياسي والامني والاقتصادي وهي الهجمات السيبرانية التي أضحت اليوم تهديداً ومصدراً للقلق يواجه العالم دون استثناء.
كل شيء يتحول للرقمنة ولم يعد باستطاعة أي مقدم للخدمة سواء كان قطاعاً حكومياً أو خاصاً أن يتجاوز هذا المفهوم لأنه خيار المستقبل؛ ولكن الخطورة مرتفعة في ظل زيادة عمليات الاختراق والهجمات السيبرانية، مما يضع الجميع امام تحديات تعزيز منظومة الامن السيبراني التي تضمن منع الاستخدام غير المصرح به، وسوء الاستغلال والاستفادة من المعلومات بغير حق وتعطيل الأنظمة وابتزاز الحكومات والشركات والافراد.
شركة "اليانز” لإدارة المخاطر، وهي أهم جهة عالمية تصدر تقريرا سنويا عالميا يتعلق بالمخاطر الالكترونية؛ أعلنت أن الهجمات السيبرانية التي تستهدف خرق البيانات وتعطيل أنظمة تكنولوجيا المعلومات وبرامج الفدية هي أكبر ثلاث مخاطر تواجه العالم في العام الحالي 2022.
حتى الآن تعرض العالم لهجمات سيبرانية قوية أحدثت خسائر مالية وصلت للمليارات؛ ولعل أبرزها وأشهرها هجوم برامج الفدية العام 2017 واستهدف 150 بلدا وعطل أكثر من 200 ألف جهاز كمبيوتر وبلغت الخسائر سبعة مليارات دولار وقبل ذلك تم استهداف قطاع الطاقة في العام 2012 من خلال زعزعة استقرار أنظمة الطاقة في شركة أرامكو السعودية واستهداف 30 ألف محطة عمل تابعة للشركة واستهداف شركة رأس غاز القطرية من خلال فيروس أدى لتعطل النظام التشغيلي.
المنشآت النووية الإيرانية لم تنج أيضاً من الاستهداف السيبراني، فالعديد من الهجمات طالت منشآتها النووية أبرزها مفاعل "نطنز” وكذلك محطات تخصيب اليورانيوم ومحطات الطاقة الكهربائية الهجمات السيبرانية هي العنوان الظاهر في المعركة بين تل ابيب وطهران.
الأردن لم يكن استثناءً؛ تعرضت مؤسسات الدولة العسكرية والحكومية والشركات والقطاع المصرفي لهجمات الكترونية؛ في الإحاطة الصحفية التي قدمها رئيس المركز الوطني للأمن السيبراني قبل يومين، معلومات في غاية الأهمية لابد من التوقف عندها وهي بمثابة جرس انذار للدولة ومؤسساتها المختلفة وللقطاع الخاص والافراد.
المركز رصد 900 هجوم سيبراني خلال العام الماضي 2021، تقف خلفها دول وجهات مدعومة من دول أو تنظيمات إرهابية؛ واستهدفت مؤسسات سيادية وعسكرية وشركات كهرباء وطاقة واتصالات وشركات مالية ومواطنين.
يحدث هذا في الوقت اللي تزداد الاخبار عن تعرض الهواتف الشخصية لشخصيات رسمية وسياسية وناشطين ومشاهير للاختراق وتلقيهم بلاغات من شركة ابل المصنعة لهواتف الآيفون تؤكد تعرض هواتفهم للاختراق بواسطة برامج متخصصة " بيغاسوس” تستخدمة إسرائيل ويبدو أن الجميع اصبح مكشوفاً سواء من خلال اختراق الهواتف أو حسابات التواصل الاجتماعي.
لن نكون نحن وغيرنا بمنأى في المستقبل عن هجمات سيبرانية قد تطال مؤسسات حيوية وربما يكون الاختراق من خلال الحواسيب الشخصية أو الهواتف او الوصول للخوادم الرئيسية وهذا يستدعي إجراءات حمائية محدثة باستمرار من مختلف مؤسسات الدولة وبنفس الوقت حملة توعية شاملة عبر المركز الوطني للأمن السيبراني وهيئة الاتصالات ووحدة الجرائم الإلكترونية لمخاطر عدم استخدام برامج مكافحة الفيروسات وعدم التعامل مع أي روابط مجهولة أو الدخول لمواقع مجهولة والابلاغ عن أي شك في محاولة اختراق للجهات المعنية للتعامل معها بسرعة وباحترافية.
هناك حقيقة يجب أن يفهمها ويدركها الكل وهي أن الجميع معرض للاختراق في ظل الثغرات التي تعمل عليها مافيات الهجوم السيبراني التي قد تكون دول أو جهات وتنظيمات وحتى افراد؛ يبدو أن العالم لم يعد قرية واحدة فقط بل تحولت الحروب فيه من حروب تقودها جيوش تقليدية الى حروب الهكرز وبرامج التجسس والهجمات السيبرانية.