عكس التوقعات

عكس التوقعات
أخبار البلد -  
اخبار البلد - 
 

التوقف عندما ينصرم عام، من أقدم العادات البشرية سواء جماعياً أو فردياً، للتأمل في الحساب الشخصي للإنسان، أو الأحلام أو التخطيط لإنجاز في العام الجديد، ما لم يتم إنجازه.
أثناء كتابة السطور، والتفكير في أحداث العام 2021، وهو كسابقه غريب بلا شبيه في الذاكرة الحديثة بسبب إغلاق الوباء، استوقفني خبر، دفعني لاستحضار قول مصري، كان الكبار، ونحن صغار، يرددونه على التعجب من أحداث سلبية في مضمونها حسب التعبير «الدنيا اتشقلب حالها»، عبارة تتجاوز مجرد الخروج عن المألوف، أو إزعاج حالة الترتيب والتوازن التي حفظت الاستقرار، الذي يفضله الكبار «والناس المحترمون» - جيل آبائنا ومعلمينا في المدارس؛ عبارة تعبر عن العكس تماماً، وكأن الشمس تشرق من الغرب - أو أن الساعة العاشرة سبقت التاسعة بدلاً من أن تلحقها، أو أن العربة تجر الحصان.
العام المنصرم شهد خطوات ومحاولات تحديث غير مسبوقة في الجانب الشرقي، من العالم (أي جنوب المتوسط والجزيرة العربية والخليج) الذي لا تزال المؤسسة الليبرالية «التقدمية» في بريطانيا والغرب «المتحرر» تصوره (بالفيك - نيوز في قول الرئيس السابق دونالد ترمب) على أنه «محافظ» و«منغلق» وغيرها من تقارير انتقائية لتبرير استمرار إلقاء الطوب على فاترينة عالم الشرق العربي.
والعكس، أي التراجع regression تتضح ملامحه ويبدو أكثر تحكماً في بريطانيا، والغرب الليبرالي اليوم.
باستثناء زوايا متخصصة جداً - ونشرتها في مساحات صغيرة على حياء - أخبار أول مهرجان سينمائي عالمي في المملكة العربية السعودية، تجاهلتها مؤسسات الصحافة والشبكات البريطانية التلفزيونية، رغم الأهمية التاريخية للحدث. فالقيمة ليست في مقارنته بمهرجانات كان، أو لندن، أو فينيسيا، بل لأنها ممارسة فعلية لمحاولات جادة للتحديث والانتقال بالثقافة والفنون إلى الأمام (مثلا خرج عن الحيز القومي وحدود الدولة ثقافياً بتسميته مهرجان البحر الأحمر). وبجانبها ظهور شجرات الكريسماس والأضواء والاحتفالات - وبابا نويل يوزع الهدايا، - والأهم تقبل العلماء للأمر. وبجانب السينما والاحتفالات والمهرجانات، كانت الرياضة وسباق السيارات، والاتجاه للانفتاح السياحي. وما يحث في السعودية يتكرر أيضاً في بلدان الخليج المجاورة – التي لا تزال الصحافة الليبرالية الغربية تسميها «المحافظة» بجانب انفتاحات السلام والتجارة مع بلدان كان الرأي العام يعتبرها «العدو» حتى الأمس القريب.
«شقلبة» حال الدنيا تتجاوز مجرد تجاهل التغيير والتحديث في منطقة سيكون لها أثر بالغ في البلدان الإسلامية كلها في الأجيال القادمة - إلى عكس حالة تراجع في ميدان التعبير الليبرالي (والحقل الأكاديمي أيضاً) البريطاني والغربي ليس لها مثيل منذ بداية عصر التنوير الذي بدأ في 1637 بكتابات رينيه ديكارت (1596 - 1650). وبعكس المتوقع فإن المسؤول الأول عن «شقلبة حال الدنيا» في أوروبا التي انطلق منها التنوير مضيئاً الطريق لعصر العقل في القرن الثامن عشر، ليس اليمين المحافظ، بل على العكس، التيار الليبرالي اليساري الذي بدأ يسدل الستار على ثلاثة قرون من تقدم الحداثة.
صحيفة «الغارديان» الإنجليزية، سفينة القيادة في أسطول اليسار الليبرالي، ودستور صحافته المطبوعة والأثيرية، أصبحت خبر تراجع التنوير في 2021.
الصحيفة، وقراؤها نخبة المثقفين واليسار الليبرالي البريطاني، فتحت على موقعها ترشيح زواره لشخصية العام. التقليد تتبعه معظم صحف العالم ومجلات عريقة كـ«الإيكونيميست»، و«التايم»، و«النيوزويك».
ولا ترشح الصحف أبداً قائمة أسماء للتصويت عليها، بل على العكس، التقليد أن تترك الخيار والترشيح نفسه للقراء.
كنا أشرنا في مقالات سابقة إلى بداية انتشار ذهنية التحريم بين شباب اليسار البريطاني في الجامعات، والمقصود تحريم التعبير عن وجهات نظر مخالفة لتيارات «الموضة» السياسية السائدة بين الشباب، كمسؤولية الإنسان (في العالم الرأسمالي فقط) عن التسخين الحراري، ومناهضة النظام الرأسمالي، ودعم المثليين والمتحولين، والحركة النسوية التفوقية، وتمثل ذلك في «اللامنبرة» - أي حرمان أساتذة زائرين، ومفكرين من منبر الحرم الجامعي والتظاهر لمنعهم من إلقاء محاضرات تخالف وجهة نظرهم. ورغم ذلك، لم يخطر ببال أحد، أن تمتد ذهنية التحريم إلى أعرق شارع صحافة في العالم، خاصةً «الغارديان» التي تدعي دائماً أنها تحمل مشعل التقدمية الليبرالية.
صفحة فتحتها «الغارديان» على موقعها في 15 ديسمبر (كانون الأول) الماضي بعنوان «اختر شخصية العام لـ2021 - قراء «التايم» (الأميركية) اختاروا مدير تيسلا، البليونير أيلو ماسك - ماذا تختار كقارئ الغارديان؟».
الأغلبية الساحقة من زوار الموقع اختارت الروائية البريطانية وصاحبة الأعمال الخيرية جوان رولينغ، التي تكتب باسم ج. ك. رولينغ وأشهر رواياتها سلسلة «هاري بوتر» للأطفال. وفور اتضاح أن رولينغ ستصبح شخصية 2021، سحبت «الغارديان» استمارة التصويت وكتبت على الموقع «تجميد التصويت على الاستمارة»، بلا تقديم أي تفسير للسبب. القراء اتهموا الصحيفة بالنفاق وازدواجية المعايير، ورفضها حرية التعبير وحرية القراء في الاختيار.
وكانت المدام رولينغ تعرضت لحملة عنيفة من هجوم اليسار البريطاني، ومن «اللامنبرة» بسحب دعوات إلقائها المحاضرات، بل وخطابات وحملات كراهية وتهديدات بالقتل، ونشر البعض عنوان بيتها على «السوشيال ميديا». اليسار ومجموعات المتحولين جنسياً يتهمون الروائية المحبوبة – والناشطة في أعمال الخير من مالها الخاص - بالتعصب الأعمى والكراهية. السبب أنها انتقدت البوليس ومصلحة السجون في أسكوتلندا لإيداعهما رجالاً يعرّفون أنفسهم بأن «هويتهم نسائية» في سجن النساء، وبعضهم متهمون بالفعل بقضايا التحرش والاعتداء الجنسي. والقضية تثير النزاع بين تيار المتحولين - الذين يسمح القانون بتعريف أنفسهم كنساء بلا شهادة طبية - وبين التيار الواقعي من الحركة النسوية الذي يطالب بحماية النساء في أماكنهن المخصصة للنساء فقط كالحمامات وصالات الرياضة من متحولي الهوية لا الجسد.
وتصرف «الغارديان» «المتشقلب الحال» توج حالة الانعكاس في العالم الحر بتحريم الرأي المخالف، ورأينا كيف منعت منصات التواصل الاجتماعي بجرة قلم، رئيس أقوى وأغنى بلد في العالم من استخدامها.
في 1993 شبهنا انطلاق الإنترنت باختراع يوحنا غوتنبيرغ (1400 - 1668) آلة الطباعة في 1440، واستبشرنا خيراً بحرية التعبير والحصول على المعلومات بلا رقابة... لكن «الدنيا اتشقلب حالها»...

شريط الأخبار انخراط صندوق "أموال الضمان " في "عمرة".. زخم استثماري جديد للمشروع تعرفوا على مجموعة النشامى في كأس العالم 2026 الأردن ودول عربية وإسلامية قلقون من تصريحات إسرائيلية بشأن معبر رفح الزراعة : مهرجان الزيتون الوطني خالٍ من غش الزيت.. ونثمّن جهود الأمن العام بتنظيم الحركة المرورية بدء حفل قرعة كأس العالم 2026 6031 جمعية قائمة بموجب قانون الجمعيات النافذ - تفاصيل الأمير علي يترأس الوفد الأردني في قرعة كأس العالم 2026 في واشنطن الأردن الثالث عربيا في عدد تأشيرات الهجرة إلى أميركا لعام 2024 العثور على جثة داخل منزل في الأزرق.. والقبض على الجاني 164 ألف مركبة دخلت المنطقة الحرة خلال أول 10 أشهر من العام الحالي غرف الصناعة تهنىء بفوز "الصناعة والتجارة والتموين" بجائزة أفضل وزارة عربية مجددا.. خلل تقني يتسبب بتعطل مواقع عالمية على الإنترنت فريق المبيعات في دائرة تطوير الأعمال في المجموعة العربية الأردنية للتأمين يحقق التارجت السنوي كاملاً والشركة تحتفي بإنجازهم عشرات الآلاف يُؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى 3 وفيات وإصابة إثر تسرّب غاز في عمان الجيش: القبض على شخصين حاولا التسلل من الواجهة الشمالية عبيدات: تقليم أشجار الزيتون يلعب دورا كبيرا في تحسين الإنتاج شهيد باقتحام الاحتلال بلدة أودلا جنوبي نابلس الجيش يحبط تهريب مخدرات بواسطة "درون" على الواجهة الغربية الملك يشارك في قمة أردنية أوروبية بعمّان في كانون الثاني 2026