وبعد تصريحات لم تكن متوقعة من الرئيس الفلسطيني في الأمم المتحدة، وتلك التي أطلقها قبل 24 ساعة من لقائه بالمبعوث الأمريكي هادي عمرو، الذي يزور المنطقة، يتضح أن القيادة الفلسطينية، لا تقبل بالخطة التي قدمها هذا المبعوث خلال جولة طويلة له في المنطقة قبل أكثر من شهرين، والتي ركز خلالها على الحل الاقتصادي دون الدخول في أي تفاصيل سياسية لإنهاء الصراع
وخلال اللقاء الذي جمع الرئيس الفلسطيني بالمبعوث الأمريكي هادي عمرو، استعرض الرئيس عباس آخر المستجدات في الأراضي الفلسطينية، كما أكد على ما جاء في خطابه الأخير أمام الجمعية العامة، قبل عدة أيام، من مبادرات تهدف إلى إنهاء الاحتلال ونيل الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله، وعدم إمكانية استمرار الأوضاع الحالية، ووجوب وضع حد لهذا الاحتلال، حسب البيان الرسمي الذي نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية وفا
كما أكد على أهمية الاستمرار في تعزيز العلاقات الفلسطينية الأمريكية، لما فيه مصلحة الشعبين والبلدين، وعلى ضرورة تطبيق النقاط التي تحدث عنها الرئيس بايدن خلال المكالمة الهاتفية الأخيرة معه، والتي أكد فيها على الموقف الأمريكي الملتزم بـ حل الدولتين والرافض لسياسة الاستيطان، ومحاولة تغيير الوضع القائم في الحرم الشريف، ووقف سياسة ترحيل الفلسطينيين من منازلهم في مدينة القدس المحتلة، ورفض الإجراءات أحادية الجانب من قبل الأطراف كافة
وخلال اللقاء الذي حضره مسؤولون من الجانبين، أكد الرئيس عباس أن الوضع الحالي لا يمكن القبول به أو استمراره ، مؤكدا ضرورة الضغط لوقف الممارسات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، ووقف النشاطات الاستيطانية وعمليات ضم الأراضي ووقف التصعيد الإسرائيلي على الأسرى في سجون الاحتلال، والاسترداد الفوري لجثامين الشهداء، ووقف عمليات الاغتيالات، واعتداءات المستوطنين والاقتحامات ومصادرة الأراضي، والاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية، ومحاولة تهجير السكان الفلسطينيين من منازلهم، وإنهاء الحصار الجائر على قطاع غزة
كما تخلل الاجتماع إعلان الرئيس الفلسطيني الاستعداد الفوري للذهاب إلى عملية سياسية قائمة على قرارات الشرعية الدولية، وعقد مؤتمر دولي للسلام تحت مظلة الأمم المتحدة واللجنة الرباعية الدولية لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967
وبدا واضحا من هذه التصريحات، أن القيادة الفلسطينية، غير راضية عن تأخر تنفيذ وعود الرئيس الأمريكي، التي قطعها خلال المكالمة مع الرئيس عباس، وخلال حملته الانتخابية، والمتمثلة بدعم حل الدولتين ، في ظل عدم تقديم أي مبادرات سياسية حتى اللحظة، وكذلك وعوده بإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، وإنهاء الاحتلال
تهدئة سياسية
وفي هذا السياق، كشفت أوساط فلسطينية مطلعة لـ القدس العربي بأن زيارة عمرو لم تكن منسقة منذ وقت، كما زيارته السابقة، التي عقد خلالها سلسلة اجتماعات مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وأوصى في ختامها بأن تقوم إسرائيل بتقديم تسهيلات اقتصادية للفلسطينيين، بعد أن حذر من الوضع المالي الخطير للسلطة الفلسطينية، الذي قال وقتها إنه لم يشهد منذ تأسيسها عام 1994
وأكد أيضا خلالمحادثاته مع الإسرائيليين على أن الأزمة الاقتصادية في السلطة الفلسطينية والأزمة السياسية الداخلية وغياب شرعية للسلطة بنظر الجمهور الفلسطيني أدى إلى نشوء وضع خطير وغير مستقر
وأرجع السبب إلى الخطاب الأخير للرئيس عباس في الأمم المتحدة، وما تلاها من تأكيدات على موقفه المعلن، نقلها مسؤولون فلسطينيون مقربون منه، عندما تلقوا سيلا من الاتصالات من عدة أطراف دولية وإقليمية
وخلال تلك الاتصالات، طالب مسؤولون أمريكيون، بأن تؤجل القيادة الفلسطينية أي قرارات من هذا القبيل، ووعدوا بالتحرك لإيجاد مخرج، فيما أكد الجانب الفلسطيني على ضرورة أن تقوم الإدارة الأمريكية بتنفيذ وعودها السابقة
ويتردد أن عمرو وعد بتحركات سياسية جديدة للإدارة الأمريكية، بعد أن طالب من الجانب الفلسطيني التهدئة ، لكن ما أكدته مصادر مطلعة، يشير إلى وجود قرار بالمضي في الخطوات المعلنة من قبل الرئيس عباس، حتى يتم رؤية الوعود واقعا على الأرض
وحسب المعلومات فإن الاتصالات لعقد جلسة للمجلس المركزي الفلسطيني التابعة لمنظمة التحرير، والذي توكل إليه مهام اتخاذ القرارات الخاصة بالمنظمة وتشريعها، ماضية وتسير باتجاه عقده قريبا في مدينة رام الله، وعلمت القدس العربي أن الرئيس الفلسطيني أكد لمسؤولين دوليين على المضي في خطط سياسية أخرى، ستنفذ في مدة عام، تماشيا مع خطاب الرئيس عباس، وتشمل الانضمام إلى مؤسسات دولية، وإدانة إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال في الأمم المتحدة، بالتوازي مع التحركات التي تقوم بها الخارجية الفلسطينية، في محكمة الجنايات الدولية، بشأن ملف جرائم الحرب التي ترتكبها قوات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية
وكانت إسرائيل بعد الزيارة الأولى للمبعوث الأمريكي، قامت بتنفيذ عدة تسهيلات سياسية، لم تكن بحجم الضرر الواقع على الاقتصاد الفلسطيني، في وقت تشدد فيه قادتها وخاصة رئيس الحكومة نفتالي بينيت، من رفضه لـ حل الدولتين