دعا اتحاد منظمات المعبد أنصاره للمشاركة في اقتحام حاشد للمسجد الأقصى، يوم الأحد 18 يوليو/تموز الجاري، تزامناً مع "ذكرى خراب المعبد"، التي يزعم المستوطنون أنها تعود إلى تدمير كل من معبد سليمان ومعبد هيرودوس، في السابق على أيدي البابليين والرومان.
ومع حلول هذه الذكرى يسعى الإسرائيليون للتعويض عن خسارتهم في الاقتحامات والمسيرات التي اندلعت خلال رمضان الماضي، وباءت بالفشل، كما يرى مراقبون فلسطينيون، ووفق ما أشار إليه المدير العام لأوقاف القدس الشيخ ناجح بكيرات في حديث سابق لـTRT عربي، إذ رأى أن "الاحتلال يحاول الثأر للهزيمة التي تعرض لها الجيش والشرطة والمجتمع الإسرائيلي بعد معركة سيف القدس أمام المقاومة بغزة".
وانضمت جماعة "العودة إلى المعبد" إلى الدعوة لتحشيد الشباب اليهود المتطرف لاقتحام المسجد الأقصى، ومن جانبه أعلن الحاخام المتطرف يهودا غليك نيته تحويل ذكرى خراب المعبد موسماً لتمويل الاقتحامات. كما دعا الحاخام المتطرف إليعازر ملميد مدير المدرسة العسكرية في مستوطنة إيتمار شمال الضفة الغربية، الإسرائيليين للتوافد بأعداد حاشدة والانضمام إلى مخطط اقتحام الأقصى.
وأمنت قوات الشرطة الإسرائيلية عمليات اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى وتدنيسه فجر يوم الأحد 18 يوليو/تموز، ومنعت في الأثناء الفلسطينيين من الوجود هناك، وقمعت المسيرات المناهضة للاقتحام.
محاولات مستمرة لاقتحام الأقصى
وبالرجوع إلى بداية التوتر فقد تصاعدت خلال الأشهر القليلة الماضية الاشتباكات والمواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي بمحيط المسجد الأقصى، على خلفية البدء بإجلاء وتهجير عائلات مقيمة بحي الشيخ جراح بداية شهر رمضان الماضي واستيلاء مستوطنين إسرائيليين على بيوتهم.
إثر ذلك انتفض الفلسطينيون واشتعلت الميادين بالاحتجاجات وسقط عدد كبير من المصابين بعد أن استخدمت قوات الشرطة الإسرائيلية الرصاص المطاطي والقنابل الصاعقة، كما تناقلت وسائل إعلامية دهس قوات الخيالة الإسرائيلية المحتجين الفلسطينيين أثناء رفع شعارات مناهضة للاحتلال الإسرائيلي.
وفي السياق ذاته صرحت منظمة العفو الدولية حينها بأن قوات الشرطة الإسرائيلية استخدمت القوة التعسفية والمفرطة ضد المتظاهرين الفلسطينيين السلميين إلى حد كبير، واعتبرت أن ذلك غير قانوني وغير مبرر.
واستمرت الأوضاع بالتأزم أكثر وتصاعد التوتر في محيط المسجد الأقصى حين انضم عدد كبير من اليمينيين المتطرفين إلى حملات الاعتداء على المتظاهرين والمعتكفين الفلسطينين، وخرجوا في مسيرات يدعون فيها للتطهير العرقي والموت لكل العرب.
وفي السياق ذاته، اعتزم الإسرائيليون تنظيم مسيرات حاشدة لاقتحام المسجد الأقصى في يوم "توحيد القدس” الموافق 28 رمضان الذي يعتبرونه عيداً وطنياً لإحياء ذكرى استكمال سيطرة الاحتلال على مدينة القدس واحتلال الجزء الشرقي منها، وذلك خلال حرب عام 1967.
إلا أن التظاهرة باءت بالفشل حين منعت الشرطة الإسرائيلية تحركات المستوطنين نتيجة للارتباك في الموقف السياسي الإسرائيلي الذي كان يخشى حينها تصاعد المواجهة مع المقاومة الفلسطينية وانفجار الأوضاع في محيط المسجد الأقصى.
واستمرت بعد ذلك من دون رادع محاولات اقتحام الأقصى وتدنيسه، ونفذ في ذلك العديد من الاعتداءات والانتهاكات.
انتهاكات وتدنيس الأقصى في يوم التروية
ليست المرة الأولى التي تؤمّن فيها الشرطة الإسرائيلية اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى في وقت يتزامن مع حلول مناسبة إسلامية. وتتجاوز بذلك الأعراف المعمول بها منذ سنوات والتي تقضي بتجنب المواجهة بين المتطرفين اليهود والفلسطينيين، عبر التقسيم الزماني للمناسبات والأعياد بينهم في المسجد الأقصى.
ففي وقت سابق سنة 2019 سمحت قوات الاحتلال الإسرائيلي باقتحام الأقصى يوم عيد الأضحى الموافق لـ11 أغسطس/آب، في خطوة لفرض سمو الأعياد اليهودية عندما تتوافق مع الأعياد الإسلامية، وفق رأي نشطاء ومحللين.
وتزامناً مع حلول عيد الأضحى المبارك، اقتحمت من جديد قوات الاحتلال المسجد الأقصى، يوم الأحد 18 يوليو/تموز الجاري الموافق للثامن من ذي الحجة، و اعتدت على المصلين بالضرب والقنابل الصوتية، وأخلت الباحات والمحلات التجارية من الفلسطينيين لضمان عدم وجودهم مع بداية توافد المستوطنين، الذين انضموا في ما بعد وبلغ عددهم نحو 1679 مستوطناً لأداء الطقوس التوراتية في يوم التروية، أحد أيام الحج.
وأيد رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت الاقتحامات وأوعز بتأمينها، مؤكداً أهمية الحفاظ على حرية العبادة لليهود في الحرم القدسي، وفق تعبيره.
ومع تصاعد حدة التوتر، دعت مؤسسة القدس الدولية إلى "عدم تمرير أي اقتحام أو عدوان من دون رد، فقد أثبتت التجارب المتتالية أن الاحتلال ينكسر ويتراجع كلما خرجت الإرادة الشعبية إلى الفعل".
فيما شدد رئيس الهيئة الإسلامية العليا وخطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري على ضرورة شد الرحال إلى الأقصى، للتصدي للاعتداءات ولإعماره والحفاظ عليه. معتبراً أن اعتداءات المتطرفين باطلة. وأنه لن يسمح بالمساس بحق المسلمين في العبادة.
ومن جانبه اعتبر المجلس الوطني الفلسطيني إخراج الفلسطينين المسلمين من المسجد الأقصى في الأيام المباركة التي تسبق عيد الأضحى "جريمة مكتملة الأركان، وتحدياً سافراً لكل القيم والمواثيق الدولية التي تمنع المساس بأماكن العبادة"، محملاً "حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن كل التداعيات الخطيرة لهذه الاقتحامات”.
ونددت منظمات حقوقية بالتوتر المستمر في المسجد الأقصى، ودعت قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى إيقاف العنف والقمع الممنهج، وتهدئة الأمور.