أود أن أنوه قبل بداية حديثي عن إمبراطورية قطر العظمى أنه أكثر ما يؤلمني ويزعجني أن أكتب شيئا قد يفهمه البعض على أنه كلاما لتبرئة الجرائم والوقوف إلى جانب مصادرة الحرية أو مساندة القاتل وزمرته أو تبريرا للقتل والتعذيب والسجن لكل من ينادي بالحرية، ومصدر القهر أنني من أكثر الناس كرها ومقتا للظلم ومن أول الداعمين للحرية الفكرية والسياسية والإجتماعية مع التقيد بتعاليم ديننا وعاداتنا الأصيلة وتقاليدنا السليمة، ولكن ما يحصل على أرض الواقع يجعلك مجبرا عن الحديث عن مؤامرة واضحة الملامح أو على الأقل صراعات سياسية ومذهبية وطائفية وإقليمية وصراعات نفوذ بين الدول والقيادات يكون نتاجها الكثير الكثير من الدماء الطاهرة الزكية التي تراق بلا سبب.
إن الدور المشبوه لدولة القطر والتي يجثم على صدرها الصغير جدا قاعدتين أمريكيتين هما قاعدة السيلية وقاعدة عديد والأخيرة هي أكبر قاعدة أمريكية عسكرية خارج الأراضي الأمريكية، وهي المركز والمصدر الرئيس للعمليات العسكرية التي كانت وما زالت سببا في قتل الآلاف من المسلمين في العراق وأفغانستان، قطر التي تحرص وبوقها الإعلامي " قناة الجزيرة" على دعم ما يسمى بالثورات تتكتم وبشده عن كل المظاهرات التي خرجت وتخرج على أرضها، ولا أعرف كيف تسطيع أن توفق قطر بين الدعوة للحرية وبين استضافة أكبر قاعدة للإجرام والقتل بحق المسلمين ولا أدري كيف أثق بمسؤول أو بقناة يملكها شخص عربي ومسلم ولا يعجبه ولا يروق له منتجع سياحي إلا عند الكيان الصهيوني على أرض فلسطين المغتصبة، فلسطين التي أزاحتها قطر عن رئاسة الجامعة الشهر الفائت حتى تتولى هي بنفسها ملف سوريا وكلنا ارتبنا وغضبنا وأصبحنا ننتظر الخراب الذي ستجره رئاسة قطر للجنة العربية الخاصة بسوريا، والتي انتهت بشكل عاجل وغير مقنع بتعليق مشاركة وفد سوريا بالجامعة العربية ولا أدري إن كان هذا سيحل المشكلة أم أنه سيفاقمها؟! وهل سيوقف هذا القرار المتعجل نزيف الدم السوري أم أنه سيغذيه ويدعم الفوضى والقتل والتخريب في بلاد الأبجدية والياسمين؟!.
إن كانت الشقيقة قطر تبحث عن تاريخ فلا يمكن أن يكون هذا التاريخ عن طريق الدماء العربية والمسلمة، ولا يمكن أن تشتري تاريخا لا بالنفط ولا بالغاز ولا بالدولار، ولا يمكن أن يصنع المرتزق مجدا لدوله تشتري الأبطال حتى في الرياضة لترفع من إسمها حتى وهي متأكدة أنه زورا وبهتانا وضحكا على الذقون، من يريد صناعة التاريخ أو المشاركة فيه بفاعلية وإيجابية يعمل على خدمة أبناء مجتمعه ووطنه العربي ويدعم إخوانه المسلمين الذين يموتون جوعا في وقت تبذر به الملايين أو المليارات على استضافة بطولة أو دورة لا تعود بالنفع ولا السمعة أبدا، عزيزتي قطر إن كنت تبحثين عن حضارة سنقترض لك من اليمن وإن كنت تريدين المجد سنجلب لك القليل منه من العراق وإن كنت تطلبين القدم والتاريخ سنصدر لك من الشام بعضا منه وإن كنت بحاجة لحنان الحضارات لن تبخل مصر عليك أبدا.
كلنا ندعم أي تطور يحصل في دولة عربية شقيقة بل هو غايتنا ومصدر سعادتنا وسعادة كل غيور على أمته ووطنه العربي الكبير، ولكن أن يكون هذا التطور على حساب دماء الأبرياء والمتاجرة بقضايا الشعوب واستضافة قواعد العدو الأول للأمة فهذا غير منطقي وغير مقبول، وتعسا لكأس العالم إن كان ثمنه المساعدة والعمل والمشاركة بإعداد وإخراج وتقديم سايكس بيكو جديد، أرجو من الله أن أكون مخطئا وأن تكون الشقيقة قطر تعمل من أجل صالح الشعوب، وأدعوه جل وعلا أن تكون الصور والأخبار عن القواعد الأمريكية فيها مجرد إشاعة وأن ما كنا نراه ونسمعه لم يكن ينطلق من الأراضي القطرية؛ لأن أي عربي حر وشريف وصاحب سيادة وكرامة لا يرضى بأن يكون مطية للغرب أو لأي أحد مهما كان الثمن؛ لأن عاداتنا العربية الأصيلة علمتنا أن نموت في سبيل الحفاظ على الكرامة والحرية ولكن بدافع شخصي وذاتي وليس بتحريك خارجي بكل تأكيد.
Abomer_os@yahoo.com