معذرة يا دولة الرئيس لقد خيبت الآمال في التشكيلة الوزارية لحكومتك
بقلم: عيسى حسن الجراجرة ((مؤلف وناشر 29كتاباً))
أعتذر منك كصديق قديم، لأقول لك ما سوف أقول بكل جرأة ومحبة وتجرد في وضع تشكيلة حكومتك، لأن مصلحة الوطن العليا الأردن العزيز الغالي، هي فوق مصلحة الأفراد والجماعات مهما كانت أو علت مكانتهم.
ولأنك وكما وصفك الملك: ((بأنك من أبرز المراجع القانونية على المستوى العالمي))، فقد كان الناس وأنا منهم يتوقعون إنجاز تشكيلة وزارية أفضل مئة مرة من التشكيلة التي أنجزت، وبمناسبة ذكر عضويتك في المحكمة الدولية ما مدى صحة ما يشاع من أنك لم تستقل من هذه المحكمة، وأنك قد أخذت إجازة فقط لمدة عام واحد، وهذا تساؤل يحتاج لإجابة واضحة؟؟؟!!!
وجعل بعض المراقبين السياسيين السبب في تعثرك في تشكيل حكومتك، هو أنك لم تأخذ لا وقتك الكافي ولا استقلالك لتشكيل حكومة وفريق وزاري يُقال عنه: ((أنه وزارة القاضي المتميز عون الخصاونة بحق وحقيق))، تماماً كما تقول الحكمة الشعبية الأردنية أصلاً والعربية فصلاً ونهاية.
وهذا ما جعل الكثيرين من المراقبين السياسيين قد خابت آمالهم لأنك قد خضعت للعديد من تدخلات الأشخاص والجهات في تشكيل حكومتك وضربوا الأمثلة الكثيرة على تدخلات وتأثيرات أولئك الأشخاص وتلك الجهات في إدخال أشخاص في تشكيلة الوزارة ما كان لهم أن يدخلوا في تشكيلة الحكومة من مثل:
** أولاً: استرضاء جهة عليا وكسب عطفها: والذين قد فرضوا عليك إدخال اثنين من أنسبائهم في حكومتك كوزراء للمرة الخامسة أو السابعة أو أكثر وأحدهما هو ابن أخت رئيس وزراء سابق، ولا يستبعد تأثير هذا المسؤول السابق كذلك في تقديمه وترشيحه، وقد دارت شبهات تحيز فاضح ضد أبناء شعبنا في وزارة هذا الوزير، إذ جرى اقتصاره في تعيين الموظفين الجدد في وزارته في حكومة البخيت على غالبية وأكثرية من أبناء المسؤولين الكبار السابقين ممن ولد أبناؤهم وفي أفواهم ملاعق من الذهب والألماس، وغيرهم كثير كثير. إضافة إلى أنه ظل وزيراً باستمرار لمدة تزيد على سبعة سنوات وكأن الماجدات الأردنيات أصبحن عاقرات وعقيمات لا يلدن من يصلح أن يكون وزيرا لتلك الوزارة، وكلاهما ابن وزير سابق ومن المتفق عليه في عهد الإصلاح الرفض التام والابتعاد عن مفاهيم التوريث السياسي الفاسدة، ولأن الشخص يوزر لأنه ابن فلان وصهر علنتان، أو أن يصبح ابن الوزير وزيراً، إلا إذا كان ذلك الشخص متميزاًً تميزاً لا مثيل له، ويجمع على ذلك التميز الناس من عارفيهم، وقال لي أحد الإصلاحيين: لو سألني الرئيس لرشحت له خمسين شخصاً يفوقونهم خبرة وكفاءة ومؤهلات، ولكنهم يا للأسف ليسوا أبناء وزراء سابقين.
** ثانيا: استرضاء جهة عليا أخرى والذين فرضوا تعيين وزير أو وزيرة كل مؤهلاتها أنها عملت سكرتيرة في مكاتب تلك الجهة العليا، لا أكثر ولا أقل.
** ثالثاً: تدخلات حزب التيار الوطني الذين فرضوا وزيرًًاً لوزارة ليس له أية علاقة بألف باء عمل هذه الوزارة ، وهو شخص كان عضواً في البرلمان، وقد مرت سنوات البرلمان ولم يتحدث في ذلك البرلمان بكلمة واحدة، وقد عرض عليه أحد الأشخاص أن يقدم له عدداً من الدراسات والمقالات في عدد من القضايا العامة ليختار منها بعض القضايا ويطرحها في جلسات ونقاشات وحوارات البرلمان ولكنه رفض. وحلف أحد المقربين منه أنه لم يقرأ في حياته مقالا واحداً بله كتاب في مجال تخصص هذه الوزارة السياسية، فكيف سيكون شخص على هذه الشاكلة وزيراً، لمثل هذه الوزارة، ومعرفته بمجال وزارته مثل معرفتي في شؤون الذرة. وقال أحد أصدقائه ولا تصدق كل ما هو مذكور من نشاطات في سيرته الذاتية.
** رابعاًً: تدخلات وتأثيرات خالد الكركي الذي فرض وزيرا من أصدقائه، وكان هذا الشخص قد عينه خالد وكيلا للوزارة التي عُين اليوم وزيراً لها، وبعد أشهر قليلة نسبت بعد تحقيق مستفيض دائرة الفساد التي كانت في ذلك الوقت تابعة لدائرة المخابرات قراراً بفصله من وظيفته وهكذا كان. فهل المقصود من تعيينه من جديد في هذه الوزارة تهيئة الفرصة له للانتقام ممن بقي من الموظفين الشرفاء الذين شهدوا عليه. هذا هو السؤال المطروح يا دولة الرئيس؟؟؟!!!
** خامساًً: تدخلات بعض أقربائك الأدنين الذين فرضوا عليك تعيين زوجة أحد أبناء عمك وزيرة لإحدى الوزارات المهمة، وأنكر الكثير من أقربائها من محافظة جنوبية أن تكون ممثلة لمحافظتهم لأنها لم يعرف عنها، ولم يسجل لها أنها اهتمت بقضية تهم أبناء تلك المحافظة.
**سادساً: مجاملة جبهة الإصلاح بتوزير سليم الزعبي وزيراً للعدل فكان رد الجبهة بفصله من صفوفها، والقول إنه قبل الوزارة بعيداً عن موافقة ومباركة الجبهة، وأن قبوله المشاركة جاء بدافع شخصي وحباً بالوزارة، مضحياً بالمبدأ، وهو رفض الجبهة التي كان عضواً بارزاً فيها المشاركة بالحكومة، إضافة أن عضويته في حزب البعث وزيارته لسوريا قبل شهر لسوريا ومقابلة الرئيس السوري بشار الأسد، مع أن واحدة من القواعد السياسية الأردنية المرعية عدم توزير أي شخص عضو في حزب له ارتباطات وامتدادات خارج الأردن. ولا ننسى أحداث 1970 عندما احتل الجيش السوري أجزاء من شمال الأردن.
** سابعاًً: حرمانك لربع سكان الأردن من أن يكون لهم ممثلين في حكومتك، وهم أبناء محافظات جرش والزرقاء والعقبة، وكأنك تكرر بوعي التجربة المميتة لعدنان بدران، الذي تجاهل بإصرار تمثيل عدد من المحافظات في وزارته، والتي كانت السبب الرئيسي في النهاية في قصف عمر حكومته. وقال لي أحد السياسيين الكبار من أبناء جرش أن عدائك لجرش قديم وذلك عندما رفضت قبل سنوات التنازل عن بضعة أمتار من أرض لك في جرش لفتح طريق زراعي، واعتبر هذا الرجل السياسي وأهالي جرش جميعاً، أن عدم وجود ممثل لهم في الوزارة، هو استمرار لأحقادك القديمة عليهم.
**ثامناً: توزير خمسة من الأشخاص غير المناسبين أن يكونوا وزراء في العهد الديمقراطي والإصلاحي، المضاد للفساد والفاسدين، الذي نحلم بتأكيده ومأسسته.
** فأحد هؤلاء الوزراء يؤمن بالقوة والعنف لفض الخلاف مع الذين يختلف معهم، وعندما كان هذا الشخص وزيراًً للشباب 1986م اختلف مع أحد المراسلين فقام بضربه فانتصر الشاب لنفسه وكرامته فرد الصاعين للوزير واشتبك الاثنان في خصام وعراك ومعركة حامية حولت مكتب الوزير إلى حلبة ملاكمة ومصارعة، وتسببت تلك الحادثة الغريبة في فضيحة مدوية اضطرت رئيس الوزراء زيد الرفاعي في ذلك الوقت، لإخراج هذا الوزير من حكومته بتعديل وزاري.
** والوزير الثاني يتهرب من دفع حوالي 80 ألف دينار، وهو ما استحق عليه لإحدى الجامعات الأردنية الحكومية لقاء ابتعاثه للدراسة في الخارج ورفضه بالتالي الخدمة والعمل في تلك الجامعة.
** والثالث: هووزير قد أجمع جمع من الشخصيات الحقوقية والقضائية الذين قيموا تجربته كوزير للعدل في حكومة سابقة على فشل تلك التجربة، لأنه كان يريد وحاول بإصرار عجيب غريب قتل وإلغاء أو تقزيم استقلال القضاء الأردني، بعدد من القوانين المؤقتة، التي ألغيت فيما بعد.
** والرابع: كان وزيراً لأكثر من سبع مرات سابقة،وهو وزير عادي ولم يسجل إبداعا واحداً أو متميزا في عمل وزارته. وكان السبب في الإتيان به وزيرا هو عدائه الشديد لحزب وجماعة الأخوان المسلمين، ولا أظن أن الدولة والحكومة في هذه الأيام في عداء وتضاد مع حزب وجماعة الأخوان المسلمين. وعندما جاء لأول مرة وزيرا فتح أبواب الأردن لجماعة دينية لبنانية متطرفة وهي جماعة الأحباش والتي أسسها شخص أثيوبي ً اسمه عبدالله الهرري، والذي له كتاب يقدح به ويطعن بطائفة السنة كما يقدح ويهاجم من غير وجه حق بمكانة شيخ الإسلام المجدد ابن تيمية. وهم على طرفي نقيض والعداء مع السنة، ومع حزب وجماعة الأخوان المسلمين. وهناك آراء لعلماء أفاضل تصنف تلك الجماعة بأنها حركة دينية هدامة ومعادية لسنة كما قلنا قبل قليل. ويذكرون على سبيل المثال كيف نظمت الجماعة احتفالا لاستقبال الشيخ الهرري عند قدومه لأول مرة لزيارة الأردن، وكان أبرز ما في الاحتفال حشد أكثر ستين فتاة من الجميلات الكاسيات العاريات لستقبال الهرري وبقية الضيوف.
** والخامس: تربح كثيراً من تأسيس الأردن لسفارة لدولة أروبية صغيرة مسلمة.
** تاسعاً: تعريضك وسخريتك بالمؤهلين من أبناء الشعب الأردني، عندما قلت إن المؤهلين من الأردنيين هم أحد فئتين: الأولى فئة حملة الجنسيات المزدوجة، والثانية هم العواجيز الذين انتهت صلاحيتهم الإجرائية، وكأنك تنكر على شعبنا الأردني النبيل وجود المؤهلين خارج هاتين الفئتين، ومثل هذا الكلام فيه إهانة كبيرة لشعبنا الأردني الكريم.
وهذا كله يفسر الإعراض المبكر والرفض غير المتوقع من العديد الشخصيات الأردنية المتميزة للمشاركة في فريقك الوزاري. وقد حزنت أكثر وأكثر عندما قرأت وشاهدت جموع المعتذرين عن المشاركة بالحكومة من مثل الحقوقي محمد الطراونة، والاقتصادي الكبير الفذ عمر الرزاز، والاقتصادي الآخر الكبير مارتو وغيرهم كثير كثير.
وهناك مهمة صعبة أخرى، يتوجب عليك سرعة المباشرة لتحقيقها والتغلب عليها، وهي: اكتساب ثقة شعبنا الأردني الكريم، بأنك قد جئت لقيادة الإصلاح الحقيقي وتحقيقه، واكتساب مثل هذه الثقة من شعبنا الكريم للقيام بمثل هذه المهمة لا يكون بالتصريحات فقط وإبداء النية للقيام بمثل هذا العمل، بل بالعمل والإنجاز. بأنك وحكومتك تنويان بصدق محاربة الفساد واجتثاثه من جذوره بحق وحقيق، وليس حمايته وتحصينه، وهذا يتطلب تعديل قانون مكافحة الفساد لتشريع أمرين هما:
** الأول: القيام بإلغاء المادة 23 من قانون هيئة مكافحة الفساد، سيئة الذكر، التي كان الغرض الخبيث غير المعلن منها هو: ((حماية الفساد والفاسدين وتحصينهم ضد الملاحقة القانونية))، تلك المادة التي حاولت بإصرار حكومة معروف البخيت بكل أسف، خداع الناس والملك، بخطة مبيته وخبيثة، حول وضعها في القانون، لأن وزارة البخيت كانت قد جاءت وفي وجدان الناس أنها قد جاءت لقيادة الإصلاح الحقيقي وإنجازه على خير وجه، ولكنها وللأسف الشديد، وبدل قيادة الإصلاح والمحاولة لتحقيقه، فأنها قد حاولت بإقرار المادة 23 من قانون مكافحة الفساد السيئة الذكر، وبدل القيام بقيادة الإصلاح ومحاسبة الفاسدين والمفسدين، واجتثاث الفساد من جذوره، فإنها ويا للأسف وفي غفلة من الناس قد حاولت وبترتيب مسبق وبقوة وإصرار عجيبين حماية وتحصين الفساد والفاسدين والمفسدين، بل وأكثر من ذلك فقد حاولت أن تقدم للفساد والمفسدين والفاسدين منجماً من ذهب في العقوبات الشديدة الردع المفروضة، على من يتهم فاسداً ولا يستطيع إثبات إدعائه.
** ((والغريب والعجيب أن ((الشيطان ابن الأبالسة)) الذي وضع تلك المادة الخبيثة المدمرة، والعقوبات التي فيها، جعل المس والاقتراب من أحد الفاسدين،الذين سرقوا المال العام، أو أساؤوا استخدام سلطاتهم وصلاحياتهم، وخانوا الأمانة))، أقول فإنهم قد جعلوا عقوبة المسِّ والاقتراب من الفاسدين والمفسدين، تفوق بمرات ومرات كرامة وقدسية الرب سبحانه تبارك وتعالى، وقدسية الأنبياء وكرامة الملوك.
** ومن الواجب: وبعد إلغاء المادة 23 عدم إضافة أية مواد في قانون العقوبات الأردني لأن فيه ما فيه الكفاية وزيادة لحماية الناس الشرفاء من اغتيال شخصياتهم.
** الثاني : تأسيس نيابة عامة متخصصة لمكافحة الفساد، مكانها بوزارة العدل أو هيئة مكافحة الفساد، تقوم بتلقي الإخباريات والمعلومات وشكوك المواطنين الخطية والشفوية بوجود أي شبهة فساد لدى أي شخص من الأشخاص، وعلى النيابة العامة المتخصصة للفساد القيام بواجبها بالتحقيق والتحري اللازم لإثبات هذه الشبهات أو نفيها.
** والغريب يا دولة الرئيس المبجل أن الناس والشعب كانوا في البداية متفائلين كثيراً بقدومك لأسباب أربعة، لقيادة الإصلاح الحقيقي وتحقيقه؟؟؟
وأما الأسباب الأربعة في تفاؤل الناس والشعب بقدومك لرئاسة الحكومة ولقيادة الإصلاح الحقيقي وتحقيقه؟؟؟ ولكن قبل قبل تشكيل حكومتك وفريقك الوزاري فهو الآتي:
** الأول: سمعتكم الطيبة، وتاريخكم الأردني وسجلكم الوظيفي السابق النظيف الناصع، كرئيس سابق للديوان الملكي، فقد خرجت من الديوان والناس، وأنا منهم، يذكرونكم بالخير ونظافة اليد.
** الثاني: المنصب القضائي والقانوني الدولي الرفيع الذي أتيت منه، قاضياً دولياً، وكنائب لرئيس المحكمة الدولية كذلك. وهنا يسعدنا أن نقول: فإذا كان المجتمع الدولي بكل تجاذباته قد اختارك لهذا المنصب الرفيع، والموقع القانوني الدولي المتميز بكل معنى من معاني الكلمة، فإنه مما يسعد الناس والشعب والمليك باختيارك لرئاسة الحكومة أولاً، ولقيادة الإصلاح الحقيقي وتحقيقه ثانياً؟؟؟
** الثالث: من عادة العرب في كل عصورهم ومذاهبهم بالتفاؤل بالأسماء التي تحمل البشرى بالخير، وتمتلئ بالرمز المبشر بالخصب والعطاء المقبل والمستقبلي، من مثل أسمك الكريم عون بن شوكة الخصاونة، وقد أتيت لمهمة وحيدة كبرى، لا ثاني لها، وهي: قيادة الإصلاح الحقيقي وتحقيقه؟؟؟.
ولذلك فإن جميع أبناء شعبنا الأردني أولاً والعربي ثانياً يتمنون عليك أن تكون عوناً ومساعد لهم لتخليص بلدنا العزيز وبالقانون من الفساد والمفسدين، وأن تبقى طيلة مدة رئاستكم للحكومة شوكة في جنوب ((جمع جنب))، الفساد والفاسدين وأنصارهم، حتى يلقوا ما يستحقون من عقاب مقروناً باستعادة ما سرقوا من أموال الشعب والدولة.
** الرابع: أنني أجزم بكل تجرد، كرجل فكر وأديب، وكعارف للتاريخ، ولا أريد أن أقول كمؤرخ، كما يجزم كل مراقب حيادي متجرد، أنه لم يأت رئيس إلى منصب رئاسة الحكومة الأردنية، ومنذ تأسيس الدولة الأردنية، وحتى اليوم، من له مثل صفاتك الطيبة ونقاءك الشخصي والإنساني والوظيفي، باستثناء طيبي الذكر وصفي التل وهزاع المجالي.
** يا دولة الرئيس المبجل: ومن أجل النجاح في مهمتكم الوحيدة الكبرى، التي لا ثاني لها، وهي: قيادة الإصلاح الحقيقي وتحقيقه بمحاسبة الفاسدين بالقانون؟؟؟ فإنني بكل تجرد أضع هذه الأفكار والاقتراحات الآتية بين يديكم للإستفادة منها في عملكم بقيادة الإصلاح وتحقيقه، وهي:
** أولاً: القيام في أول تعديل وزاري على حكومتك، بترشيق واختصار عدد الوزراء في الحكومة بحيث لا يزيد عددهم بأية حال من الأحوال عن خمسة عشر وزيرا بحيث يمثل كل محافظة من المحافظات الأردنية الأثني عشر وزيرا واحداً، يضاف إليهم ثلاثة وزراء لتمثيل البوادي الثلاثة في الشمال والوسط والجنوب.
** الثاني: حل مشكلة وزارة الثقافة، والتي كانت مشكلتها قي اعتلاء صهوة وسدة هذه الوزارة السيادية، لأن الفكر هو السيد في الحياة العملية، وهو الأب المنجب لكل تطور وتنمية، إذ اعتلى صهوة الوزارة خمسة من الوزراء الذين لا علاقة لهم لا بالفكر ولا بالإبداع ولا بالفن والتي هي مجتمعة ((أقصد: الفكر والإبداع والفن))، هي التي تصنع مجد وسؤدد الأمم والشعوب. فقد كان ْ أحد الوزراء من مدعي الشعر الذي يكتب ابن الصف السادس الابتدائي أفضل منه. وهو من مزدوجي الجنسية، والذي فجر فضيحة مدوية عندما قال في لقاء على الهواء مباشرة مع إحدى الإذاعات المحلية، سوف أسأل السفارة هل عندي جنسية لتلك السفارة أم لا، وثلاثة آخرين من الوزراء هم من الموظفين الذين ينصبون الفاعل ويرفعون المفعول به، وواحد مشهور ببلدته الصغيرة بأنه عاق لوالدته، وواحدة كنت في الاجتماعات والمؤتمرات أصلح لها أخطاءها اللغوية الفادحة. ولكن بشرط مهم هو: أن يبقى في بال وفكر حضرتكم وأنت تختار الوزراء عند تعديل حكومتك أمرين اثنين هما:
** الأول: أن دولة الولايات المتحدة الأميركية، تلك الدولة التي تهيمن على أغلب شؤون العالم بأسره، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 350مليون من البشر، لا يزيد عدد وزراء الحكومة المركزية الاتحادية في هذه الدولة عن ثمانية وزراء.
** الثاني: أننا بلد مثقل بدين للعالم من حولنا بأكثر من 16 مليار دولار، وأننا بحاجة ماسة لتوفير كل مبلغ ممكن توفيره.
** وعند الحديث عن العمل لتشكيل الفريق الوزاري أو تعديله لأية حكومة جديدة، فإن الإنسان الأردني تتملكه العديد من الهواجس والمخاوف، في ضوء ما لمسناه من تدني مستوى أداء الحكومات الأردنية المتعاقبة، بسبب أسس اختيارها الخاطئة، تلك الوزارات التي شهدناها خلال السنوات العشر الأخيرة، فإن الشعب الأردني الذي اكتوى بالمصائب المتمثلة بالارتفاع الجنوني للأسعار بشكل بات معه معظم أفراد الشعب الأردني في عداد الفقراء المعوزين، الذين تجوز عليهم الحسنة، وتحقُّ عليهم ولهم الصدقة، في الوقت الذي يشهد فيه الوطن ظهور طبقة من أغنياء الحرب، وأصحاب الملايين، جلهم من الأشخاص والأفراد الذين سبق لهم أن تولوا في أوقات سابقة مناصب حكومية رفيعة: من مثل رؤساء الحكومات والوزراء ومديري المؤسسات والدوائر الحكومية، وانتهاء بالنواب والأعيان. وإن المتتبع لأحوال غالبية كبار المسؤولين السابقين من رؤساء ووزراء ومديرين ونواب وأعيان يعلم، كما يعلم الشعب الأردني كله، أن الغالبية العظمى من هؤلاء المسؤولين السابقين، هم في غالبيتهم من أبناء أناس فقراء من أبناء الشعب الأردني، ولم يُولد الواحد منهم وفي فمه معلقة من ذهب أو من الألماس. ويتساءل الباحث المتتبع، كما يتساءل الشعب الأردني كله، كيف أصبح الواحد من هؤلاء المسؤولين القادم من بيئة فقيرة، في غضون سنوات قليلة، ممن يمتلك الملايين، في حين أن مجموع رواتبه في كل سنوات خدمته، بعد طرح ما يكفي لمعيشته وحياته اليومية، لا تساوي ثمن الرخام الراقي الذي بلطت به الغرف أو البلاط الذي يزين جوانب قصره وممراته، أو هي لا تساوي ثمن عجلات عدد من سياراته الكثيرة المختلفة الشبحية وما دونها وما فوقها من أنواع هذه السيارات.
** ونتمنى عليكم أن تكون الحكومة في عهدكم وبهمة شخصكم الكريم قادرةُ أن تضع موضع التنفيذ قانون: ((من أين لك هذا؟؟؟))، لإتمام عملية الإصلاح وتحقيقه على خير وجه لمصلحة شعبنا الأردني النبيل، وهو القانون والتشريع، الذي أعده الشهيد وصفي التل، والذي لا يزال حبيساً في أدراج مجلس الأعيان منذ ذلك الوقت.
** وبالمناسبة فإن هناك ضرورة قصوى للبدء بالخطوات التشريعية لتعديل بعض مواد الدستور من مثل:
** أ- تحويل مجلس الأعيان ليكون مجلساً منتخباً كما هو الحال في أغلب دول العالم مثل بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية ومصر وفرنسا وغيرها من البلدان، وأن يحل كجزء من مجلس الأمة عند حل مجلس النواب، وإذا تعذر ذلك أن يتم إلغاء هذا المجلس.
** ب – تشريع ووضع العقوبات الرادعة بحق كل من يتسبب في إيذاء وتعذيب أي مواطن من المتهمين والسجناء خلال عمليات السير في التحقيق والتقاضي، ومن ثم يتم وضع تفصيلاتها الرادعة في قانون العقوبات.
** ولعل من أهم واجبات دولتكم أيها الرئيس المبجل لمعالجة جانب من البطالة المستشرية في بلدنا هو: القيام بإحالة جميع الموظفين في الدولة الذين بلغت خدمتهم ما بين: ((25- 30)) عاما وأكثر على التقاعد، من غير التفريط بالمتميزين من أهل الخبرة والمعرفة المتراكمة، وذلك لفتح الطريق والوظائف لقوى العمل الشابة والقادرة والفاعلة والتي تعاني من البطالة، خاصة وأن أعداد العاطلين عن العمل لا يقلون عن نصف مليون شخص، وذلك بهدف تجديد الكثير من دماء العاملين بالدولة، وبذلك تصبح الدولة الأردنية والمجتمع الأردني بعيدا ومحصنا بقدر كبير من الهزات والزلازل المجتمعية.
** ضرورة العمل على توحيد الرواتب في الدولة والحكومة الأردنية، بحيث في النهاية لا يجوز بأي حال من الأحوال، أن يكون راتب أي موظف في الحكومة أو الدولة راتبه يفوق راتب رئيس الحكومة، كما يتوجب التوقف عن السماح للمتقاعدين بقبض أكثر من راتب واحد من خزينة الدولة الأردنية.
** ضرورة البدء على الفور بمشروع التوقف عن استخدام السيارات الفارهة لدى جميع المسؤولين دون استثناء كالشبح وبي إم واللاندكروزر للرئيس والوزراء، تلك السيارات التي لا يقل عددها لدى كل وزير ومدير ومسؤول من أربع إلى ست سيارات، بحيث تغدو وتختصر إلى سيارتين إلى ثلاث سيارات في الحد الأعلى، بحيث يستعمل الرئيس والوزراء سيارات لا يزيد حجم محركها عن ألفي CC. لأن الوضع القائم حالياً في استعمال السيارات، لا يتناسب والإمكانيات المالية لبلدنا الغالي وليتذكر جميع المسؤولين ابتداء من رئيس الحكومة والوزراء ومروراً بالنواب والأعيان وانتهاءً بأصغر موظف في الجهاز الحكومي بأن بلدنا العزيز مدين بستة عشر مليار دولار، ومثل هذا الدين الكبير المتعاظم والمتزايد يوماً بعد يوم يجعل الأردن العزيز مهدد على الدوام لا قدر الله بانهيار مالي واقتصادي مدمر.
** ضرورة الاستغناء في الحال عن خدمات جميع الموظفين والعاملين في أجهزة الدولة والحكومة من غير الأردنيين، ممن يسمون زوراً بالمستشارين والخبراء، وخاصة في أمانة عمان الكبرى، والديوان الملكي، والجمعية العلمية الملكية، وغيرها من أجهزة ومؤسسات الدولة، لأن بلدنا في الحقيقة والواقع هو أحد البلدان المشهورة بتصدير المستشارين وأهل الخبرة، لدول الجوار الشقيقة والصديقة.
ضرورة تقليص عدد السفارات الأردنية بالخارج، والتي يتراوح عددها في مختلف درجات التمثيل الدبلوماسي في الوقت الحاضر ما بين: ((60- 80)) سفارة ومكاتب تمثيل، بحيث لا يزيد عددها في النهاية عن ثلاثين سفارة، خاصة وأن بلدنا يتحمل مديونية كبيرة، ولهذا يتوجب علينا الاقتداء بحكومة الولايات المتحدة الأميركية، التي تحكم العالم، والتي تقوم وحسب سياسة ثابتة ودائمة بإلغاء إحدى سفاراتها في دولة من دول العالم في مطلع كل عام من الأعوام.
** هذا بعض ما أردت أن أقوله وأضعه بين يدي دولتكم أيَّها الرئيس المبجل، والله شهيد عليَّ في كل ما قلت أو كتبت أني لم أقصد إلا مصلحة الوطن العليا، ومصلحة الوطن تعلو على كلِّ ما عداها، أفراداً وجماعات وأصدقاء، فأن أصبت، وهذا ما اعتقده، فالحمد لله، والشكر له، وإن أخطأت، فالخير أردتُ، والله على ما أقول شهيد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ملاحظة شخصية من صديق قديم: أعلم دولتكم كصديق قديم عزيز، يسرُّ ما يسرني، بأنه قد صدر لي في الأشهر الماضية من هذه السنة 2011م كتابان هما الكتاب رقم 27 والكتاب رقم 28 في عداد مؤلفاتي المنشورة، أحدهما بعنوان: نظرية التعلم والتعليم لدى المفكر القومي ساطع الحصري، والثاني بعنوان: معجم الأضداد في اللغة. وسوف أكون سعيدا بزيارتكم للتشرف بإهدائكم الكتابين من غير شرط الطلب أو التوصية بشراء عدداً من نسخ هذين الكتابين، إلا إذا جاء دلك الاقتناء للكتابين كرماً وتفضلا من دولتكم.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام وعظيم المودة.
الكاتب والصحفي (مؤلف وناشر 29 كتاباً)
عيسى حسن الجراجرة/مستشار وزير الثقافة والإعلام سابقاً