عماد عبد الرحمن-في غمرة النقاشات الماراثونية الدائرة حاليا في مجلس النواب لإقرار التعديلات الدستورية،في أسرع وقت ممكن، تلتقي اللجنة السياسية التي يترأسها رئيس الوزراء الدكتور معروف البخيت،وتضم عددا من الوزراء، أعضاء لجنة الحوار الوطني،اليوم السبت في المركز الثقافي الملكي ،التي أقرت قبل نحو شهرين مشروع قانون معدل لقانون الانتخاب لسنة 2011،والنظام الانتخابي المنبثق عنه، للحديث حول بعض النقاط التي تضمنها النظام الانتخابي،التي تبين وجود ثغرات ظهرت عند التطبيق العملي.
خلال الأشهر الماضية، عملت الحكومة من خلال اللجنة السياسية التي كانت تجتمع مرتين أسبوعيا ،وبإسناد من اللجنة القانونية،وديوان التشريع والرأي،على مخرجات لجنة الحوار الوطني التي ترأسها رئيس مجلس الأعيان طاهر المصري،وضمت نحو 47 عضوا، من خلال مسارين:
الأول: قانوني، من خلال مناقشة مشروعي قانوني الانتخاب والأحزاب السياسية في مجلس الوزارء،وإحالتهما الى اللجنة السياسية،ومن ثم الى ديوان التشريع والرأي/الذراع التشريعية للحكومة/،لإجراء التعديلات الصياغية المطلوبة، وقد أقر تقريبا كما وردا من اللجنة،مع إجراء بعض التعديلات الصياغية والفنية، وكان التركيز منصبا على النظام الانتخابي الذي لا يزال يخضع للنقاش والحوار ،خصوصا مع وجود بعض القضايا الإجرائية والتنفيذية التي تحتاج الى توضيح وتبادل الآراء حولها.
الثاني:تطبيقي،حيث باشرت اللجنة السياسية والأذرع الحكومية المكلفة بمتابعة وتطبيق الأنظمة الانتخابية وهي (وزارة الداخلية،والمؤسسات التابعة لها،ووزارة التنمية السياسية،..وغيرها من المؤسسات)، بقراءة وتطبيق النظام الانتخابي المرفوع من لجنة الحوار،وإجراء تمرينات تطبيقية، والذي يمكن وصفه بأنه يقع في صلب قانون الانتخاب،كونه يعبر عن توجهات الإرادة السياسية للدولة خلال الانتخابات التشريعية المرتقبة في خريف 2012.
والواقع أن أوساط الحكومة لا تخفي وجود أكثر من وجهة نظر وتباين في الاراء حول النظام الانتخابي، خصوصا وان التطبيقات العملية أظهرت نقاط ضعف وتخوفات من أن تتكرر بعض الإشكاليات التي رأيناها في النظام الانتخابي الذي جرت على أساسه انتخابات مجس النواب عام 2010.
لقاء اليوم الذي يجمع الفريق السياسي الحكومي وأعضاء لجنة الحوار الذين تلقوا دعوات لحضور اللقاء، سيتمحور حول خلاصات حوارات اللجنة السياسية للحكومة، ونتائج التطبيقات الافتراضية والعملية التي أجرتها المؤسسات الحكومية التي تجري الانتخابات، بعد أن تم تدوينها وتسجيلها وتصنيفها بشكل علمي ومنهجي، إضافة الى توضيح الثغرات النوعية التي تم اكتشافها بهدف الوصول الى «مخارج وحلول» للتغلب على هذه الثغرات.
وحسب المعلومات التي حصلت عليها «الرأي»،فيما يتعلق بأبرز هذه الإشكاليات، فإن النظام الانتخابي المقدم وهو ما أخذت به اللجنة الوزارية ،والذي أقترح تخصيص 15 مقعدا لقائمة الوطن، تبدو التخوفات «مشروعة» من أن تتكرر مشهد الدوائر الافتراضية،والتي عرفت في السابق بالدوائر «الوهمية»، من خلال وجود احتمالات بأن ينجح مرشح ما حصل على عشرة آلاف صوت/على سبيل المثال لا الحصر/، وأن يفشل مرشح آخر حصل على 15 ألف صوت في الوصول الى قبة البرلمان.
مثال آخر على هذه الثغرات،عدد الأصوات المخصصة للناخبين في كل محافظة على مستوى قائمة الوطن،إذ توصلت اللجنة الوزارية الى ضرورة أن يتساوى عدد أصوات الناخبين في كل محافظة،بغض النظر عن عدد السكان،فلا يجوز ان يخصص للناخب في محافظة ما عدد أصوات أكثر مما هو مخصص للناخب في محافظة أخرى.
لجنة الحوار برئاسة المصري،ستقدم وجهة نظرها حول النظام الانتخابي وأسباب اختيارها له،خصوصا وان اللجنة (ذاقت الأمرين) قبل التوافق عليه،واحتاجت الى حسبة معقدة للوصول الى توافق،بالتالي سيدافع أعضاء في اللجنة عن وجهة نظرهم لاختيار نظام القائمة النسبية المفتوحة على مستوى المحافظة،وبالإضافة الى قائمة الوطن التي خصصت 15 مقعدا،لكل محافظة مقعد واحد وللبادية 3 مقاعد.
وبحسب أوساط اللجنة،فإن حوار اليوم يهدف الى تبادل الرأي وشرح وجهات النظر وقد تصل الى توصية نهائية توافقية حول النظام الانتخابي المراد تطبيقه، لأن العودة الى نقطة الصفر «غير مقبولة» في هذه المرحلة،ومن الأفضل التوصل الى تفاهم سريع بعيدا عن المزيد من الحوارات.
هذا الحوار المكمل لسلسلة الحوارات الدائرة على مستوى الدولة،حول مستقبل الإصلاح السياسي المراد،سيمكّن من وضع «الجسم التشريعي» للإصلاح،كونه يرتبط الى حد كبير بإقرار التعديلات الدستورية التي تناقش حاليا في أروقة مجلس النواب، وهو يهدف الى تهيئة الأرضية التشريعية وتجهيزها وخلق حالة توافق وطني عليها، لتكون جاهزة للدفع بها الى مجلس النواب مباشرة بعد إقرار التعديلات الدستورية،ومرورها بقنواتها الدستورية، إذ لا يجوز دستوريا تقديم القوانين الناظمة للحياة السياسية قبل إجراء التعديلات الدستورية المرتبطة بتلك القوانين.
إن إعداد وتجهيز (الجسم القانوني الكامل) للتشريعات الناظمة للحياة السياسية، لرفعها في الوقت المناسب الى مجلس النواب، يتوقف حاليا على التوافق حول النظام الانتخابي،وتوصل الحكومة ولجنة الحوار الى صيغ وتفاهمات،تضمن عدم الوقوع في /الأخطاء التطبيقية الفادحة/،التي واجهتنا في انتخابات سابقة، بسبب «سلق القوانين» وعدم دراستها بشكل واف ومعمق،ما أدى الى التشكيك بنتائج تلك الانتخابات،وهذا ما نأمل أن نتخطاه في القانون الجديد،طالما أن أغلبية الأطياف السياسية حاضرة على الطاولة،وتبحث وتناقش مع الحكومة جنبا الى جنب ما تراه مناسبا لمستقبل الأردن السياسي.
ومن الضروري في هذه المرحلة، التجاوب مع كل الملاحظات ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة ،والمرونة وتقبل الرأي الآخر،بما ينعكس إيجابيا على مداولات مجلس النواب بخصوص التعديلات الدستورية،ودفع المجلس الى الاستعجال في إقرارها،وتجهيزه لينتقل الى منظومة القوانين الناظمة للحياة السياسية، دون أن نضيع مزيدا من الوقت والجهد في قضايا جانبية.
Imadjmi.wordpress.com