على هامش الدفعة الأخيرة من وثائق ويكيليكس تجدد في الأردن النقاش حول عناوين مثل المحاصصة السياسية وفكرة الحقوق المنقوصة والتوطين وغيرها من عناوين تخص فلسطينيي الأردن.
من الضروري الانتباه إلى أن كل الأفكار الواردة في الوثائق تتصل بموقف ما يعرف بالنخبة, وأن الأوساط الشعبية بريئة منها تماماً, وهذا الكلام ليست غايته مجاملة الشعب أو إثارة حماسته أو تبجيل مواقفه, بل يستند إلى الوقائع على الأرض.
تكفي الإشارة إلى حدث كبير لم يأخذ حقه من النقاش الوطني ربما بسبب غزارة الأحداث, أقصد ظاهرة تدني نسبة المقترعين من أصول فلسطينية في الانتخابات التي جرت قبل أقل من عام. إن للظاهرة دلالات تتصل مباشرة بما نتناقش حوله.
تذكرون طبيعة التحليلات والتوقعات التي سادت قبيل تلك الانتخابات, حينها كان الجميع يتحدثون عن خطط لزيادة التمثيل الفلسطيني, وعندما جرت زيادة عدد المقاعد في بعض الدوائر قيل وقتها ان اختيار هذه الدوائر يصب في الهدف ذاته, وخاض بعض المرشحين حملاتهم الانتخابية وفق هذا التصور, بل قيل وقتها ان الانتخابات ستشهد إقبالاً فلسطينياً وإحجاماً أردنياً.
بدت تلك التحليلات حينها "منطقية", ولكن ما ثبت في الواقع أن الناخبين من أصول فلسطينية على المستوى الشعبي لم يستجيبوا لتلك الأفكار سواء اعتبرناها مخططات وبرامج مرسومة أو تحليلات برغبة أو برغبة معاكسة.
في ذلك الوقت حضرت ثلاثة اجتماعات جماهيرية كبرى في مخيم البقعة حيث الجمهور كله من أصول فلسطينية, وكان هدفي تقصي المزاج العام تجاه الأفكار المطروحة, ويذكر الأصدقاء الذين تحدثت معهم حينها عما سمعت ورأيت, أن ملاحظاتي الرئيسية كانت حول أن الجمهور الفلسطيني في واد وما تطرحه نخب عمان في واد آخر.
كان المرشح والمناضل المعروف في البقعة عدنان الأسمر يطرح رأيه بعبارات واضحة: "ليس لنا حقوق منقوصة في الأردن", و"لا ننافس فقراء الأردن على وظائفهم الحكومية", و"نحن في الأردن ضيوف ولا بديل عن عودتنا إلى فلسطين", وكنت ألاحظ مدى انفعال الجمهور مع ما يطرح, وفيما بعد تحققت من أن عدنان يكرر الموقف ذاته في جلساته الانتخابية الضيقة. لم يفز عدنان الأسمر في الانتخابات لأسباب يعرفها أهالي البقعة جيداً ليس منها ما يتعلق بعدم الرضا عن شعاراته.
مع كل حملات التحريض ودغدغة المشاعر اليومية للفلسطينيين ومحاولات دفعهم لكي "يعيشوا يومهم" ويكتفوا من العودة بالتغني بها ويبدلوا أهدافهم الجماعية الوطنية ويبحثوا عن "خصم" آخر يوجهون أنظارهم إليه بعيداً عن العدو الذي احتل أرضهم, إلا أن الاستجابة على المستوى الشعبي لهذه الأفكار كانت محدودة, واقتصرت على النخب وهو أمر مفهوم بحكم انتهازيتها.
قد يبدو هذا التقييم عاطفياً, وقد يعثر احدنا بسهولة على مؤشرات معاكسة هنا وهناك, ولكن مثل تلك المؤشرات كانت دوماً ذات طابع وقتي ومربوطة بحدث سياسي أو بمنحى سياسي معين, وسرعان ما تتلاشى مع تلاشي الحدث أو تبدل المنحى.
إن حالة اللجوء والطرد من الأوطان قد تخلق درجات من التشوه أو الانحراف في شخصية الفرد والجماعة, وهذا أمر طبيعي يعود إلى طبيعة البشر وهو دوماً ميدان صراع مع الأعداء ومن بينهم السفارة الأمريكية التي تبحث عن زبائن يحملون أفكارها, وهم بالمناسبة زبائن من شتى الأصول والمنابت.
زبائن السفارة الأمريكية يزوّرون الموقف الشعبي للفلسطينيين, وهو أمر يتكرر مع عموم الشعب الفلسطيني خارج فلسطين وداخلها أيضاً. وفي الأردن يتعين على الحركة الشعبية بالذات أن تنتبه لذلك جيداً, وان لا تنجر لمعارك مزيفة, ولكن مع مواصلة عزل النخب من الصنف الوارد ذكره في وثائق السفارة.
من الضروري الانتباه إلى أن كل الأفكار الواردة في الوثائق تتصل بموقف ما يعرف بالنخبة, وأن الأوساط الشعبية بريئة منها تماماً, وهذا الكلام ليست غايته مجاملة الشعب أو إثارة حماسته أو تبجيل مواقفه, بل يستند إلى الوقائع على الأرض.
تكفي الإشارة إلى حدث كبير لم يأخذ حقه من النقاش الوطني ربما بسبب غزارة الأحداث, أقصد ظاهرة تدني نسبة المقترعين من أصول فلسطينية في الانتخابات التي جرت قبل أقل من عام. إن للظاهرة دلالات تتصل مباشرة بما نتناقش حوله.
تذكرون طبيعة التحليلات والتوقعات التي سادت قبيل تلك الانتخابات, حينها كان الجميع يتحدثون عن خطط لزيادة التمثيل الفلسطيني, وعندما جرت زيادة عدد المقاعد في بعض الدوائر قيل وقتها ان اختيار هذه الدوائر يصب في الهدف ذاته, وخاض بعض المرشحين حملاتهم الانتخابية وفق هذا التصور, بل قيل وقتها ان الانتخابات ستشهد إقبالاً فلسطينياً وإحجاماً أردنياً.
بدت تلك التحليلات حينها "منطقية", ولكن ما ثبت في الواقع أن الناخبين من أصول فلسطينية على المستوى الشعبي لم يستجيبوا لتلك الأفكار سواء اعتبرناها مخططات وبرامج مرسومة أو تحليلات برغبة أو برغبة معاكسة.
في ذلك الوقت حضرت ثلاثة اجتماعات جماهيرية كبرى في مخيم البقعة حيث الجمهور كله من أصول فلسطينية, وكان هدفي تقصي المزاج العام تجاه الأفكار المطروحة, ويذكر الأصدقاء الذين تحدثت معهم حينها عما سمعت ورأيت, أن ملاحظاتي الرئيسية كانت حول أن الجمهور الفلسطيني في واد وما تطرحه نخب عمان في واد آخر.
كان المرشح والمناضل المعروف في البقعة عدنان الأسمر يطرح رأيه بعبارات واضحة: "ليس لنا حقوق منقوصة في الأردن", و"لا ننافس فقراء الأردن على وظائفهم الحكومية", و"نحن في الأردن ضيوف ولا بديل عن عودتنا إلى فلسطين", وكنت ألاحظ مدى انفعال الجمهور مع ما يطرح, وفيما بعد تحققت من أن عدنان يكرر الموقف ذاته في جلساته الانتخابية الضيقة. لم يفز عدنان الأسمر في الانتخابات لأسباب يعرفها أهالي البقعة جيداً ليس منها ما يتعلق بعدم الرضا عن شعاراته.
مع كل حملات التحريض ودغدغة المشاعر اليومية للفلسطينيين ومحاولات دفعهم لكي "يعيشوا يومهم" ويكتفوا من العودة بالتغني بها ويبدلوا أهدافهم الجماعية الوطنية ويبحثوا عن "خصم" آخر يوجهون أنظارهم إليه بعيداً عن العدو الذي احتل أرضهم, إلا أن الاستجابة على المستوى الشعبي لهذه الأفكار كانت محدودة, واقتصرت على النخب وهو أمر مفهوم بحكم انتهازيتها.
قد يبدو هذا التقييم عاطفياً, وقد يعثر احدنا بسهولة على مؤشرات معاكسة هنا وهناك, ولكن مثل تلك المؤشرات كانت دوماً ذات طابع وقتي ومربوطة بحدث سياسي أو بمنحى سياسي معين, وسرعان ما تتلاشى مع تلاشي الحدث أو تبدل المنحى.
إن حالة اللجوء والطرد من الأوطان قد تخلق درجات من التشوه أو الانحراف في شخصية الفرد والجماعة, وهذا أمر طبيعي يعود إلى طبيعة البشر وهو دوماً ميدان صراع مع الأعداء ومن بينهم السفارة الأمريكية التي تبحث عن زبائن يحملون أفكارها, وهم بالمناسبة زبائن من شتى الأصول والمنابت.
زبائن السفارة الأمريكية يزوّرون الموقف الشعبي للفلسطينيين, وهو أمر يتكرر مع عموم الشعب الفلسطيني خارج فلسطين وداخلها أيضاً. وفي الأردن يتعين على الحركة الشعبية بالذات أن تنتبه لذلك جيداً, وان لا تنجر لمعارك مزيفة, ولكن مع مواصلة عزل النخب من الصنف الوارد ذكره في وثائق السفارة.