أخبار البلد - مصطفى صوالحه
"عالرابع" ليس مجرد مكانٍ وجغرافيا ترمز إلى السياسة الأردنية بمفهومها الحكومي، بل إن دلالة هذا المكان الذي أصبح له بعدًا رمزيًا حراكيًا بعد أحداث العام المنقضي، عندما أطاح الشعب بحكومة هاني الملقي، ليظهر لنا بعد ذلك وجهٌ حكومي جديد اسمه "عمر الرزاز"، احتل الرابع وعاش فيه لأكثر من عام وها هو يحتفل معنا عبر شاشات الهواتف الذمية ومنصات التواصل الإجتماعي بتوزيع التمر لمرور عام على انتهاء ضوضاء الرابع ربما، وما حمله هذا المكان من مستقبل وتاريخ ومسيرة الرجل الذي حلّق من الرابع وزيرًا وعاد إليه رئيسًا.
نحن هنا لا نريد الحديث عن الرزاز بقدر ما نريد الحديث
عن الرابع الذي تحول من مكانٍ مزدحم بشعبٍ حناجره ظمأة إلى ستديو ينقل العديد من
الرسائل السياسية لرجالٍ وشخصيات سطروا لنا عبر سنواتٍ طوال العديد من البطولات
والتضحيات.
"عالرابع" برنامجٌ تُقدمه الزميلة رنا الحموز على قناة
الأردن اليوم، والتي اعتدنا أن نشاهد فيها العديد من الأفكار الجريئة دون أن يكون
هناك ترددٌ في نشر مضمون إعلامي ربما يكون قاسٍ لكنه حقيقي ومن لب المعاناة.
إن المقابلة التي اعتقد الزميل جهاد أبو بيدر أنها مجرد
ساعة زمنية، صحفية، روتينية، وممتلئة بأسئلة مركبة وأحادية للخروج بحلقة أقل ما يقال عنها أنها
مجرد تفريغٍ إعلامي جاف كانت بعكس التوقعات، فالمفاجأة الحقيقية كانت عندما داهم بعض
الأشخاص مقر الاستديو وهم ينتحلون صفة البحث الجنائي باللباس المدني وما تقدمه هذه
الصفة من صلاحيات عديدة.
البرنامج يُجسد حالة إعلامية ربما تحمل إسقاطًا غير إعتيادي
عن طريقة تصرف وتعامل أفراد البحث الجنائي مع المواطنين، نحن هنا لا نريد أن
نسترسل في الحديث عن ذلك، فالمشهد لخص
الكثير، إن المشهد اختصره موظفو القناة وهم يحاكون تصرفات وسلوكيات بعض أفراد
البحث الجنائي عندما داهموا الاستديو وقيامهم بإستفزاز
المتواجدين، بالإضافة إلى مقدمة البرنامج والضيف الحلقة، الضحية الأكبر، والتي ابتعلت الطعم
الذهبي في المياه الضحلة.
إن السؤال الذي نبحث عن إجابةٍ عنه، يتعلق بقيام موظفي القناة -تحويل مقابلة تلفزيونية
إلى كابوس آخر حاول الزميل أبو بيدر نسيانه طيلة الأيام السابقة-بهذا المقلب وبتلك
الطريقة، أي لماذا تحرش موظفو قناة الأدرن اليوم برجال البحث الجنائي ؟..السؤال
الآخر، لماذا اختارت القناة الرد وبكل شجاعةٍ وجرأة على رجال البحث الجنائي الذين حالوا
دون دخول أبو بيدر لحرم القناة من أجل مقابلة تلفزيونية كان سَيُفصح فيها عن
معلومات مهمة فيما يتعلق بقضية دمغة الذهب.
إن الحكاية تتكرر مع الزميل أبو بيدر، لكن بشكلٍ آخر
وربما يكون أكثر استفزازًا، فرجال البحث الجنائي هذه المرة وكما خططت القناة،
داهموا الاستديو وقاموا بأخذه و"جرجرته" إلى داخل المركبة على يد أفراد منتحلين لصفة
البحث الجنائي، الأمر الذي دعا الزميل أبو بيدر إلى مقاومة البلطجية التي مارسوها والاستفزاز
المتعمد، إلا أن المطاف انتهى به في المركبة بين رجالٍ شرسين.
إن كاميرا القناة وثقت لنا المشهد وكشفته للملأ دون أية مراوغات، فالغاية هنا كوميدية وليست أمنية، فيها من الضحك ما في تلك المرة من الخوف والجزع.
لكننا في الحقيقة نريد أن نعلم ما هو رأي البحث الجنائي وإدارته بما قام به رجال الإعلام في القناة من تجسيدٍ حي وواقعي لطريقة تعامل بعض أفراد البحث الجنائي مع المواطنين والذي لا تصوره كاميرات أو حتى تعرضه شاشات، وإنما يتحدث عنه بيانٌ ورقي يحمل صبغة جادة، هي الدقيقة والصحيحة فقط، وما دونها يُعتبر خزعبلات وروايات منقوصة ويشوبها التلفيق، لذلك، فإنه لا يُأخذ بمضمونها.