أخبار البلد - مصطفى صوالحه
هكذا
بدأ المهندس علي أبو السكر رسالته التي أعلن فيها استقالته لظرفٍ صحي: لقد عاهدت
الله وعقدت العزم ألّا أدّخر جهدًا في سبيل خدمتكم وخدمة مدينتنا العزيزة، وألّا
أكون إلا ذاك الجندي المخلص لأمته ووطنه، أمضي في وجه الصعاب التي تعيقنا، طالما
أن طريقنا هو طريق الحق، وأن وجودنا هو ما سيحقق الخدمة والرفعة لمحافظتنا ولوطننا
الحبيب.
إن
مسيرة أبو السكر في بلدية الزرقاء لربما تكون الأكثر اضطرابًا واختلافًا عن
سابقاتها من المسيرات، رغم الجهود المبذولة منذ الساعات الأولى لتوليه المنصب واختياره
أن يكون في الميدان عوضًا عن الجلوس في المكتب، كانت مدينة الزرقاء تعاني من أزمة
إدارة واضحة يستلزم معها أن يجد أبو السكر بحكم موقعه حلولًا للأزمات التي تتطورت
بمرور المناصب، ورغم قلة الإمكانات وشح الموارد المالية إلا أن مشهد الإصلاح
المتواضع كان حاضرًا، لكن المدينوية التي تقترب من ال 48 مليون دينار شَوَشَّت ما كان
يُمكن رؤيته وتأمله.
العارض
الصحي الذي أشار إليه أبو السكر في رسالته حال دون أن يكمل مسيرته الإصلاحية،
والتي تمثلت بجهدٍ معقول يُشاد به على أرض الواقع، إن الأسئلة التي يجب أن نجد
إجابةً عليها تتمحور حول فكرةٍ واحدة أشار إليها أبو السكر في رسالته والتي قال
فيها: الظرف الصحي هو من أعاقني لا تدابير الفاسدين وعراقيلهم.
من
هم هؤلاء الذين حاولوا عرقلته؟..وما الذي يعنيه لهم أبو السكر؟..وما هو مستقبل
مدينة الزرقاء؟، النائب صالح العرموطي يُحمّل الحكومة مسؤولية استقالة أبو السكر،
متسائلًا عن الضغوطات التي التي تعرض لها، فالمقربين من رئيس البلدية قالوا أنه لا
يشكو من مرضٍ قد يكون عائقًا أمام توليه زمام الأمور والنهوض بمدينة الجُند
والعسكر التي لاقت ويل الإهمال وغطرسة المناصب على حساب المصلحة العامة طيلة
السنوات السابقة، فلا الطرق الرئيسية والفرعية صالحة للقيادة، ولا الأحياء الشعبية
مُنظمة، إننا نتحدث عن العاصمة الصناعية وثالث أكبر مدن المملكة، وأن تكون مدينة
مجرد مدينة معثرة يعاني أبنائها من بيروقراطية المناصب أمرٌ يستدعي منا البحث عن
ما وراء المخفي.
لا
يمكننا إنكار مواقف الحكومة التي لاقت استهجان رئيس البلدية علي أبو السكر، منها
ما تعلق بقيام وزارة الشؤون البلدية بتشكيل لجنة تحقيق باخباريات واردة عن بلدية
الزرقاء خلال اجازته الرسمية، إذ صرح
أبو السكر آنذاك: إن وزارة الشؤون البلدية أصبحت مهتمة برصد وتتبع
الشائعات والاخباريات والشكاوي الكيدية ضد بلدية الزرقاء وتشكيل لجان التحقيق
وتسريب الكتب لوسائل الاعلام دون ان يتم الاعلان عن نتائجها.
بالإضافة إلى حجز المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي على أموال بلدية
الزرقاء المنقولة وغير المنقولة بسبب ارتفاع مبلغ المديونية الى عشر ملايين دينار
بدل اشتراكات مستحقة مقتطعة من رواتب الموظفين، إننا أمام ترصدٍ حكومي ملجوظ، وعلى
ما يبدو فإن الحكومة لا تريد أن يكون لحزب
جبهة العمل الإسلامي مُمَثلًا لها داخل أروقتها.
ووفقًا لنص الفقرة (أ) من المادة 68 من قانون انتخاب المجالس البلدية فإنه عند شغر مركز الرئيس لأي سبب فيخلفه فيه المرشح الذي يليه بعدد الأصوات؛ إذا كان محتفظًا –بالتأكيد- بمؤهلات وشروط الترشح للرئاسة، هذا يعني أن المهندس عماد المومني سيكون رئيس بلدية الزرقاء.
مستخدمو منصات التواصل الإجتماعي انقسموا إلى قسمين،
فمنهم من كتب متذمرًا أن العارض الصحي الذي ذكره رئيس البلدية ليس السبب الحقيقي
وراء تقديم استقالته وأنه يجدر به أن يقول الحقيقة الكاملة لأهالي محافظة االزرقاء،
ومنهم من طلب منه التراجع عن تقديم استقالته، إذ إن استقالته ستكون سببًا في وصول
الفاسدين-ممن حَرِص على التصدي لهم- للسلطة.
ومن الناشطين من قال إنه ضد
وصول المهندس علي أبو السكر إلى رئاسة بلدية الزرقاء لأسباب عديدة، فالأخوان
المسلمين يريدون أن يخلقوا تجربةً ناجحة قد تسعفهم في إسترجاع قواعدهم التي حوصرت بمد
التطبيق الفاشل، وأن خدمة أبو السكر كانت متواضعة للغاية، مِمَّا يتوجب مع ذلك ابتعاده عن الكرسي.
داخل قبة البرلمان، شكر النائبان خليل عطيه وأحمد الرقب
قرار المهندس أبو السكر بتقديم إستقالته، إذ طالب الأخير من أي مسؤول لا يستطيع العمل
لظروفٍ صحية بتقديم استقالته اقتداءًا بأبو السكر.
وكما هي الأنباء في ظروفٍ حرجة كهذه، اختط الحابل
بالنابل، فمن المواقع الإخبارية من قالت إن المهندس أبو السكر لم يتقدم باستقالة
خطية من منصبه كرئيسٍ لبلدية الزرقاء حتى نهاية يوم أمس الأحد، ومنها من نشرت تراجع أبو السكر عن تقديم استقالته تلبيةً للمناشدات الشعبية والنيابية.
ويبقى السؤال الأكثر أهمية على طاولة الرهان..ما هي الحقيقة
الكامنة وراء ما صرّح به المهندس أبو السكر؟..وهل ستطلب الجماهير "الزرقاوية" من "عمدتها
السُكَر" عودته إلى عرشه في البلدية؟ وهل يكن اعتبار
هذه الإستقالة مجرد "بروباغندا إسلامية" هدفها إثارة الإنتباه أم أنها بمثابة
حقيقة مطلقة تتعلق بظروف صحية يعيشها أبو السكر الذي دخل المشفى أكثر من مرة خلال الفترة
المنقضية ليعطي درسًا ورسالةً على شكل روشِتّة للمسؤولين الذين يتشبثون بالكرسي حتى
آخر يوم؟...على أية حال وبعيدًا عن التكهنات، إن استقالة أبو السكر "قرقعت" أهل الزرقاء وكأنها استقالة دولة
الرئيس.