تداعیات الانسحاب الأمیركي من سوریا

تداعیات الانسحاب الأمیركي من سوریا
أخبار البلد -    دون مقدمات أعلن البیت الأبیض في 19 كانون أول الحالي أن الولایات المتحدة سوف تبدأ بسحب قواتھا من سوریا، وقد خلق القرار المفاجئ عاصفة من ردود الفعل لم تتوقف حول مغزى وتداعیات القرار وآثاره الإقلیمیة والدولیة وتقدیرات مختلفة عن الرابحین والخاسرین، فالقرار المنفرد من الرئیس الأمیركي دونالد ترمب یمثل تحولاً كبیراً في السیاسة الأمیركیة بالمنطقة، لكنھ لا یخرج عن جملة التحولات المتعلقة بتصورات الأمن القومي الأمیركي التي وضعت إبان حقبة الرئیس السابق باراك أوباما، مع بروز منظور استراتیجي جدید یقوم على مبدأ «إعادة التوازن الاستراتیجي» بالتحول نحو آسیا ــ المحیط الھادي، والتي استندت إلى إعادة النظر في تحدید الأولویات الأمیركیة بنقل الثقل الاستراتیجي نحو المناطق .الأكثر تنافسا ومحاصرة القوة الأكثر نموا في العالم ممثلة بالصین، ووضع صراعات الشرق الأوسط في مرتبة متأخرة في ھذا السیاق یسیر ترمب على خطى أوباما في القضایا الاستراتیجیة، وكلاھما یتبع ھدي المجمع الصناعي العسكري، فالقرارات الانفعالیة الترمبیة المتعلقة بالشرق الأوسط سرعان ما تكشفت عن وھم، بدءا من «صفقة القرن» وصولا إلى التدخل في سوریا، فقد برر ترمب قرار الانسحاب بأن «الولایات المتحدة ھزمت تنظیم داعش في سوریا، وأن ذلك الھدف كان المبرر الوحید الذي جعلھ یحتفظ بقوات أمیركیة ھناك»، وتلك فعلا كانت رؤیة إدارة أوباما، لكن ترمب أصر على أن تلك سیاسة قاصرة وأضاف إلیھا الحد من النفوذ الإیراني من المنطقة، ومغادرة القوات الإیرانیة من سوریا، وإذا كانت الاستراتیجیة المتعلقة بالتعامل مع داعش تتسم بالوضوح النسبي، فإن استراتیجیة .واشنطن في التعامل مع إیران وملیشیاتھا كانت ملتبسة وتفتقر إلى وضوح العناصر الأساسیة، وھي فقیرة في الآلیات والوسائل والأدوات إن النھج الأمیركي الترمبي یضع العالم في ھشاشة منفتحة على كافة التناقضات في عوالم الممكنات وقابل لسائر الاحتمالات والتوقعات، ففي الوقت الذي رفع فیھ ترمب سقف التوقعات بمواجھة شاملة مع إیران وكبح نفوذھا في المنطقة، ومحاصرة روسیا واستنزافھا، وتقیید تركیا وتحجیمھا، أعلن الرئیس الأمیركي دونالد ترمب بصورة مفاجئة الإنسحاب من سوریا، وكان قد أعلن سابقا في 29 آذار 2018 خلال كلمة لھ أمام تجمع في ولایة أوھایو بأننا «سوف نغادر سوریا قریباً، دع الآخرین یھتمون بھا. وستكون ھناك بالتأكید دولة الخلافة كما یطلقون علیھا. سوف نعود قریباً جداً إلى بلادنا حیث ننتمي»، وتابع «أنفقنا سبعة تریلیونات دولار في الشرق الأوسط، ھل تعلمون ما الذي .حصلنا علیھ لقاء ذلك؟ لا شيء»، متعھدًا بتركیز الإنفاق الأمریكي في المستقبل على خلق وظائف وبناء بنیة تحتیة في بلده لا جدال أن تخبط ترمب نتیجة منطقیة لسیاسة الولایات المتحدة الھشة في سوریا، حیث افتقرت إلى استراتیجیة واضحة، فعلى مدى أكثر من 7 سنوات على التدخل في الأزمة السوریة تبدلت الأھداف الأمیركیة وتغیرت أولویاتھا، ثم استقرت على ھدف محدد بالقضاء على تنظیم «الدولة الإسلامیة»، في أواخر عھد أوباما، وأضاف ترمب ھدفا آخر تمثل بالحد من نفوذ إبران، ومن المعروف أنھ لم یتحقق أي تقدم في الحد من النفوذ الإیراني، بل توسع وتمدد، كما أن إلحاق ھزیمة نھائیة بتنظیم «داعش» ضرب من الخیال، فعلى الرغم من أن وزارة الدفاع الأمیركیة (البنتاغون) قدرت أن تنظیم «داعش» فقد نحو 98 بالمئة من الأراضي التي كان یسیطر علیھا في العراق وسوریا، .حذر مسؤولون عسكریون أمیركیون من أن التنظیم قد یستعید المناطق المحررة بسرعة ما لم یتم تحقیق الاستقرار فیھا  یجسد ترمب حالة الھشاشة وعدم الوضوح، وقد توالت ردود الأفعال دون مقترحات محددة سوى مشاعر الاستیاء والغضب من القرار ووصفھ بعبارات بلاغیة صاخبة، وحسب صحیفة «واشنطن بوست» َّ فإن قرار الرئیس الأمیركي دونالد ترمب سحب القوات من سوریا، أصبح بالنسبة لمعظم أعضاء الكونغرس، «كارثة حقیقیة واستسلاما للقوتین الموجودتین داخل سوریا روسیا وإیران»، ووصفت صحیفة «نیویورك تایمز» القرار بأنھ «منفصل عن أي سیاق استراتیجي وأي سبب منطقي»، وأنھ كلف وزیر الدفاع الأمیركي منصبھ، وأثار جدلا .واسعا من قبل حلفاء للولایات المتحدة مثل فرنسا وبریطانیا وألمانیا كانت مجموعة الأزمات الدولیة قد توقعت في بیان نشرتھ في 5 دیسمبر الماضي بأن الانسحاب «المتسرع» من شمال شرق سوریا من شأنھ أن یطلق قوى متنافسة تتصارع لتحقیق الامتیازات، وتحذر من أن «عدم وجود اتفاق مسبق متفاوض علیھ یمكن أن یھدد بنشوء صراع متصاعد»، وحسب صحیفة «التایمز» فإن الانسحاب سیكون لھ وقعاً مختلفا على الأطراف بحسب مصالحھا في الوجود الأمیركي .في المنطقة، وبحسب علاقتھا مع الولایات المتحدة، فالرابحون ھم: روسیا وإیران وتركیا وبشار الأسد اعتبر ترمب أن المھمة الأمیركیة في سوریا انتھت بنجاح وقال إنھ «تم سحق تنظیم الدولة الإسلامیة»، لكن ھذا التقییم لا یشاطره فیھ أحد قد نشر تقریرا في 19 دیسمبر الماضي بعد إعلان ترمب انسحاب (ISW (من الحلفاء ولا الخبراء، وكان مركز دراسات الحرب الأمیركي القوات الأمیركیة بساعات جاء في مطلعھ «لم تھزم الولایات المتحدة وحلفاؤھا داعش في العراق أو سوریا»، ویشیر التقریر إلى أن جیوب التنظیم قادرة على لملمة نفسھا مرة أخرى وآلاف المقاتلین ما زالوا موجودین في مناطق متفرقة من البادیة السوریة والقرى بالإضافة إلى .وجود شبكة لسیطرتھم من خلال طرق وأنفاق تمتد لأطراف المدن السوریة أیضا إذا كان إدعاء ترمب بالقضاء على تنظیم الدولة الإسلامیة موضع شك، فإن الحد من النفوذ الإیراني وإخراجھا من سوریا محض خیال ونسیج من الأوھام، ذلك أن السیاسة البراغماتیة الأمریكیة ساھمت بطرائق عدیدة في تحویل إیران إلى قوة إقلیمیة رئیسیة، عندما تعاونت مع إیران تحت شعارات أولویة «حرب الإرھاب» والأمر الذي أدى إلى تخلص إیران من أھم عدوین عبر إسقاط نظام طالبان في أفغانستان 2001 ونظام صدام حسین في العراق 2003 ،وانتھت المغامرة بخسارة أمیركیة باھظة وباتت العراق في قیضة إیران وأصبحت طالبان حلیفة طھران، والیوم باتت سوریا في صلب المشروع الإیراني، فقد استثمرت إیران ھشاشة الاستراتیجیة الأمیركیة في سوریا وحالة الفوضى والاضطراب التي عصفت بالمنطقة والتي أدت إلى ضعف الحكومات المركزیة في بغداد ودمشق لتقویة نفوذھا وفرض تصوراتھا من خلال یناء ملیشیات مسلحة عابرة للحدود تعمل تحت إمرة قائد فیلق القدس التابع للحرس الثوري الإیراني الجنرال قاسم سلیماني الذي بات یدیر حروب إیران الخارجیة في سوریا والعراق، وأدت التحولات التي عصفت في المنطقة على مدى أكثر من 7 سنوات إلى تغیرات في بنیة المشروع الإیراني وطموحاتھ الإقلیمیة وبات یطمح إلى تحقیق خطة طموحة تھدف إلى خلق ممر بري یصل إیران بشواطئ البحر المتوسط مرورا بالعراق وسوریا لتعزیز نفوذ طھران في المنطقة، وھو مشروع إیراني وضع منذ منذ أكثر من ثلاثة عقود لكنھ واجھ صعوبات نظریة وعملیة عدیدة، ورغم أن استراتیجیة إیران الناشئة حدیثاً في بلاد الشام طموحة إلا أنھا تقع في إطار استراتیجیة أكبر تأمل طھران من خلالھا إلى تحقیق ھیمنة إقلیمیة أوسع على المدى الطویل، وبھذا فإن الخطة المرحلیة الإیرانیة تھدف إلى تحقیق ھیمنة مستدامة في العراق وسوریا ولبنان، ومزید من النفوذ في الخلیج، وھو أمر لم یكن ممكنا دون وجود تخبط أمریكي وغیاب .رؤیة استراتیجیة خلاصة القول أن القرار الأمیركي بالانسحاب من سوریا قد أدى إلى تشویش مفاجئ للسیاسات فى الشرق الأوسط، حیث أفسح الطریق أمام إیران لتوسیع نفوذھا فى المنطقة، وزاد احتمال أن الآلاف من سجناء داعش ربما یتم تحریرھم حسب صحیفة «نیویورك تایمز»، ومن المتوقع أن تجنى كل تركیا وإیران وحكومة بشار الأسد مكاسب قویة من الانسحاب الأمریكي، بینما یشعر حلفاء أمریكا مثل القوات الكردیة التى حاربت مع الولایات المتحدة فى سوریا بالخیانة، أما عن إسرائیل، التى كانت تأمل أن الوجود الأمریكي فى سوریا سیمنع إیران من إتمام معبرھا إلى البحر، غفد أصبح علیھا أن تتعامل مع الواقع الجدید، الأمر الذي سیجبر بعض الدول إلى إعادة تقییم علاقتھا بأمیركا، ویمكن أن یسفر عن سلسلة من التوازنات الجدیدة، فإسرائیل ستحاول إستمالة روسیا ضد إیران، وتركیا ستستغل روسیا والولایات المتحدة ضد بعضھما البعض، أما سوریا فستوازن الأكراد بتركیا وآخرین، وبھذا فقد خلق ترمب بقرار الانسحاب حالة من الاضطراب سوف نشھد .تداعیاتھا خلال العام القادم
 
شريط الأخبار فيديو || المقاومة الإسلامية في العراق تستهدف هدفًا حيويًا في "إيلات" هجوم عنيف بطائرات مسيرة انتحارية على قاعدة أمريكية في سوريا الجيش: صاروخ من نوع "غراد" سقط في الموقر مجلس الوزراء يقر نظام القيادات الحكومية لسنة 2024 رسالة حادة من وزير الخارجية لدولة الاحتلال الحوثيون: استهدفنا مطار بن غوريون أثناء وصول نتنياهو سوريا عن اغتيال نصر الله: الكيان يؤكد على سمات الغدر والجبن والإرهاب فرض حصار عسكري على لبنان... وإلقاء 3500 قنبلة خلال أسبوع فيديو || حالة ذعر بين الإسرائيليين في الشوارع والشواطئ ومطار "بن غوريون" بسبب صورايخ من اليمن هيئة الطيران المدني: نحو 400 طائرة عبرت وهبطت وغادرت الأردن الجمعة من التخطيط إلى "الطُعم" فالتنفيذ... هكذا اغتالت إسرائيل حسن نصرالله القوات المسلحة تنفذ إنزالا جويا جديدا لمساعدات على جنوب قطاع غزة وزير الداخلية يتفقد جسر الملك حسين وزير الخارجية يبحث مع نظيره السوري أمن الحدود ومحاربة تهريب المخدرات الرجل الثاني بحزب الله.. من هو هاشم صفي الدين الأوفر حظا لخلافة نصر الله؟ رجل دين شيعي تنبأ باغتيال نصر الله.. فيديو يشهد تداولاً كبيراً حماس تنعى حسن نصرالله وإخوانه حزب الله: سيد المقاومة نصر الله على خطى الأنبياء والأئمة الشهداء بعد 30 عامًا من الجهاد والتضحيات حزب الله يعلن بشكل رسمي استشهاد حسن نصر الله "صناعة عمان" تنظم ورشة تعريفية ببرامج دعم التشغيل بالتعاون مع "العمل" و"المهندسين"