تاريخيا كانت الدول تعتمد على النظام النقدي الذي يقوم على تبني المعادن التي لا تصدأ كالذهب او الفضة كأساس لعملتها , وذلك حسب توفر مخزون تلك المعادن واستخراجها من باطن الارض.فمثلا معيار الذهب الذي كان يستخدم كغطاء للعملات الورقية يعني ببساطة انه بالإمكان الدخول الى البنك واستبدال العملة الورقية بقيمتها من الذهب. ولكن كنتيجة للحرب العالمية الاولى التي امتدت بين عامي 1914وعام 1918 وشروط معاهدة فرساي التي فرضت على الدول المنهزمة مثل المانيا دفع تعويضات الى الدول المنتصرة مثل بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة ونظرا لغياب معيار الذهب في تلك الفترة والذي كان سائدا قبل الحرب , بدأت حرب تخفيض العملات من قبل الخمسة الكبار حتى نهاية الحرب العالمية الثانية والتي بدأتها المانيا حيث بدأ البنك المركزي بطبع كميات هائلة من المارك الألماني حتى خيل للبعض بان الحبر في المطابع الألمانية سينفذ وكان الهدف الاساس هو الهروب من دفع تعويضات الحرب العالمية الاولى , ثم تلتها فرنسا حيث خفضت قيمة

عملتها وبعدها بريطانيا في عام 1931 تخلت هي الاخرى عن معيار الذهب, وفي عام 1933 تبعتهم الولايات المتحدة , ونتيجة لذلك تمكنت المانيا في مؤتمر لوزان من عدم دفع تعويضات الحرب العالمية الاولى. وقبل ان توشك الحرب العالمية الثانية على نهايتها اجتمع ممثلون لأربع واربعين دولة في عام 1944 في نيوهامشر في الولايات المتحدة لوضع نظام نقدي عالمي جديد سمي بريتونوودز نسبة الى المدينة الاميركية التي عقد فيها المؤتمر,وذلك لوقف حرب تخفيضات العملة النقدية للدول الكبرى ووقف انهيار النظام النقدي العالمي , حيث تمكنت الولايات المتحدة وكونها منتصرة في الحرب من ربط اسعار العملات العالمية بالدولار الامريكي بسبب تعهد الولايات المتحدة بتحويل قيمة الدولار الى ذهب حيث كانت تمتلك 70 %من احتياطي الذهب في العالم في تلك الفترة,وتم تحديد سعر الدولار على اساس 35 دولارا للأونصة من الذهب وتم ربط العملات العالمية بالدولار الامريكي.ومن هنا جاءت هيمنة الدولار الاميركي على العالم , فاصبح سعر صرف العملات مربوط بالدولار الاميركي, وتهافتت الدول والافراد على اقتناء الدولار الاميركي. في عام 1971 ونظرا للوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة قرر نيكسون بجرة قلم وقف العمل بقابلية تحويل الدولار الاميركي الى ذهب وسميت هذه بنكسة نيكسون والتي انهت اتفاقية بريتونوودز. ساعد الولايات المتحدة بعد ذلك استمرار الدولار كعملة عالمية نتيجة موافقة العرب على ان يكون الدولار الاميركي العملة الاساس في مشتريات ومبيعات النفط العربي. صدمة نيكسون لم تكن الاولى في تاريخ النظام النقدي الامريكي بل سبقتها صدمة فرانكلين روزفلت في عام 1933 أي بعد اربع سنوات مما كان يعرف بالكساد العظيم نتيجة لانهيار البورصة في عام 1929,وذلك عندما اغلقت البنوك الاميركية ابوابها وفي صبيحة اليوم التالي يوم 6 مارس 1933 تم تغير اوراق العملة الاميركية وحذفت عبارة «شهادة ذهبية» التي كانت مكتوبة على الدولار والتي كانت تسمح لحامل الدولار باستبداله بالذهب من أي بنك اميركي ,واستبدلت بعبارة note This استبداله يمكن لا عملي بمعنى أي is legal tender for all debts public and private بالذهب او الفضة , وهو فقط مدعوم بالقوة القانونية للحكومة الاميركية وذلك بقبوله لشراء مختلف البضائع والخدمات في الولايات المتحدة , فاذا رفض على سبيل المثال أي بائع القبول بالدولار الاميركي مقابل خدمة معينة مثلا, فيمكنك عدم الدفع ولا يحق للبائع ملاحقتك قانونيا. النظام المالي العالمي النقدي الحالي الذي يسيطر عليه الدولار لا محالة سيكون له بديل في خلال العشرين سنة القادمة وذلك بعد بداية انتهاء حقبة النفط ,ومن المرجح ان تختفي بعض العملات الورقية للدول التي ليس لديها احتياطي من الذهب وقد يصبح للدولار لا قيمة له ونتيجة لذلك قد تزول بعض الدول من خريطة العالم ,ولهذا تجد ان الصين وروسيا تتهافت على شراء الذهب حيث ارتفعت احتياطات كل منهما في اخر عشر سنوات اكثر من 60 , %فحسب احصائيات صندوق النقد الدولي

لشهر يناير لعام 2018,فان الصين لديها 6.1842 طن من الذهب واما روسيا فلديها 6.1828 طن وما زالت الولايات المتحدة تتربع على العرش باحتياطي ذهب يقدر بحوالي 5.8133 طن , وفي القائمة نجد ان الاردن لديه احتياطي من الذهب يقدر بحوالي 5.43 طن ويحتل المرتبة 48 عالميا والثامن عربيا , حيث تسبقه السعودية بمخزون ذهب يقدر بحوالي 9.322 طن,ولبنان بمخزون 286 طن ,و الجزائر بمخزون 6.173طن,وليبيابمخزون 6.116 طن, والعراق بمخزون 9.89 طن,وكذلك الكويت بمخزون 79 طن, ومصر بمخزون3.76 طن, وتأتي قطر في المرتبة 54 عالميا بمخزون 7.29 طن , وسوريا بمخزون 8.25 طن ,والمغرب بمخزون 22 طن ,والامارات بحوالي 5.7 طن ,وتونس بمخزون 8.6 طن والبحرين بمخزون 7.4 طن,واليمن فلديها 6.1 طن ,ويقدر مخزون كل العرب من الذهب بحوالي 1287 طن من المخزون العالمي الذي يقدر بحوالي 2.726,33 طن أي بنسبة 8.3 %وهو احتياطي متواضع جدا بالرغم من الاموال الهائلة المكدسة بالدولار الامريكي , والتي قد يصبح لا قيمة لها بجرة قلم او بمؤتمر نقدي عالمي. وحتى لا نجد انفسنا في حالة ضياع ويكون قد فات الاوان , فان الشركات ورجال الاعمال والمؤسسات المالية العربية و الاردنية وعلى رأسها مؤسسة الضمان الاجتماعي الاردنية مدعوة لشراء الذهب وتخزينه كتحوط لعملياتها ,لنكون مستعدين لذلك اليوم الذي تنقلب فيه الموازين عندما تقرر الدول الكبرى نظاما نقديا عالميا جديدا يكون لا قيمة للدولار فيه ,و لا ينقذنا من نتائجه سوى ما نخزن من الذهب الاصفر. فرحم االله اجداد الاردنيين الذين عرفوا قيمة الذهب الاصفر وخزنوه لليوم الاسود. واما العرب فأقول لهم خزنوا الذهب يا عرب ليومكم الاسود.