أخبار البلد - احتفل مسيحيو فلسطين الليلة قبل الماضية بعيد الميلاد حسب التقويم الشرقي، وترافقت الاحتفالات بتظاهرات منددة بالبطريرك اليوناني ثيوفيلوس المتهم ببيع الممتلكات الأرثوذكسية لليهود وتسريب العقارات في البلدة القديمة من القدس وفي كافة أنحاء فلسطين.
وكان الحدث الرئيسي عند وصول موكب البطريرك إلى «دوار العمل الكاثوليكي» بداية شارع النجمة التاريخي في بيت لحم للوصول إلى كنيسة المهد، حيث اعترض المتظاهرون الموكب ورشقوه بالبيض وحطموا زجاج سيارته وبعض السيارات المرافقة، وهتفوا ضده واتهموه بالخيانة.
وتكفلت قوات كبيرة من الأمن الوطني والقوات الخاصة الفلسطينية وأفراد الشرطة بتوفير الحماية لموكب البطريرك حتى وصوله إلى ساحة كنيسة المهد. واشتبك المتظاهرون مع الأمن الفلسطيني أكثر من مرة خلال سير الموكب باتجاه كنيسة المهد.
وقاطع رؤساء بلديات بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور للمرة الأولى مراسم استقبال البطريرك ثيوفيلوس أمام كنيسة المهد. وأعلن انطون سلمان رئيس بلدية بيت لحم ان «القدس أهم من الاحتفالات بعيد الميلاد واستقبال البطريرك».
ودعا المجلس المركزي الأرثوذكسي الفلسطيني والشباب العربي الأرثوذكسي والحراك الشبابي ولجنة المتابعة ولجنة الحقيقة لقرارات المؤتمر الوطني الأرثوذكسي، إلى مراجعة الحسابات مع البطريرك ثيوفيلوس الثالث وسحب الاعتراف الفوري به مقدمة لعزله ومحاكمته. وأكد بيان صادر عن هذه الهيئات أن «البيوعات التي قام بها ثيوفيلوس تتساوق وتكمل المشروع الصهيوني بتهويد مدينة القدس وتنسجم تماماً مع قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخير باعتبار القدس عاصمة لدولة الاحتلال».
وحضر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قداس منتصف الليل لعيد الميلاد المجيد للطوائف المسيحية الأرثوذكسية التي تسير حسب التقويم الشرقي في كنيسة المهد في مدينة بيت لحم الذي ترأسه بطريرك الروم الأرثوذكس في المدينة المقدسة وسائر فلسطين والأردن.
رغم أن الرئيس قاطع للمرة الأولى عشاء الميلاد الذي يقام على شرف البطريرك.
وقال البطريرك في كلمته «إن كنيسة المهد تشكّلُ القلب والحماية والدرع لمدينة بيت لحم المقدسة، وكنيسة القدس تُصلي في هذه الساعة من هذه المغارة من أجل سلام كل العالم، وسلام الشرق الأوسط والأرض المقدسة ومن أجل التقدم والنجاح والبركة الإلهية والخلاص لزوار الميلاد الأتقياء، وخاصةً للرعيّة الروم الأرثوذكس التي تحيا في دولة فلسطين ومن أجل الشعب الفلسطيني الذي تتعاطف معه كنيسة القدس بكلِّ قوتها».
من جهته حضر رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله عشاء الميلاد، وقال خلاله «إن شعبنا الذي نهض من حطام النكبة والتغريبة الفلسطينية قبل سبعة عقود، وحافظ بإصراره وثباته على هويته رغم مرور خمسين عاما على احتلال إسرائيل لما تبقى من أرض فلسطين، قادر اليوم على مواجهة هذا التحدي السافر الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية بانحيازها ودعمها للاحتلال الإسرائيلي، وبالاعتداء على مكانة القدس وعلى حقوقنا التاريخية الذي حفظتها لنا القرارات والقوانين والاتفاقيات الدولية. لقد أكد الرئيس، بموقف ثابت ومشرف، بأن المؤامرة على القدس لن تمر، وأن شعبنا لن يسمح بالمساس أو العبث بحقوقه وثوابته الوطنية.
وأضاف «في ظل أجواء البهجة والسرور التي تحملها الأعياد المجيدة، يتجدد لقاؤنا كما في كل عام في بيت لحم، مدينة السلام والمحبة، مهد البشارة والأمل، وعلى مقربة من القدس، أرض الأنبياء وزهرة المدائن، العاصمة الأبدية والتاريخية لدولة فلسطين. يشرفني أن أنوب عن الرئيس محمود عباس، في هذه المناسبة، التي تحتشد بأهم وأسمى المعاني الدينية والوطنية، التي بها نأصل إرثنا الحضاري والإنساني والثقافي في التعايش والتسامح والتآخي.
باسم الرئيس ونيابة عن كافة أبناء شعبنا، أهنئ جميع الطوائف المسيحية التي تسير وفق التقويم الشرقي، وأتمنى أن تعاد الأعياد المجيدة، وقد عم الأمن والسلام، وتحققت تطلعات شعبنا في الخلاص من الاحتلال الإسرائيلي، ومن جدرانه واستيطانه».
وتابع الحمد الله: «إننا نعتبر قرار الولايات المتحدة تجميد التمويل المخصص لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ابتزازا مرفوضا وعملا غير قانوني يقوض حقوق اللاجئين الفلسطينيين ويزيد من معاناة وأزمات مخيمات اللجوء، ويعرض لخطر حقيقي حياة اللاجئين الذين يعتمدون على الخدمات الصحية والتعليمية والإنسانية التي تقدمها لهم الوكالة منذ عقود طويلة».
وقال «إن على دول العالم وقواها المؤثرة مسؤولية شاملة وتحديا كبيرا بوضع حد لهذا الخرق والاستهتار المتواصل بحقوقنا التاريخية وبقرارات الشرعية الدولية، والتصدي للمواقف الأمريكية المتلاحقة والانتهاكات الإسرائيلية التي تهدف جميعها إلى حل قضايا الحل النهائي التفاوضية بشكل أحادي، وبالاستناد إلى جبروت الاحتلال وغطرسة القوة، الأمر الذي يهدد السلم والأمن الدوليين، ويدفع المنطقة إلى المزيد من النزاعات التي لن تحمد عقباها».
وأضاف»سنواصل بكل عزم وثبات، تمتين جبهتنا الداخلية وتحقيق الوحدة والمصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام الكارثي. وكما أكدت من قبل، فإن هذا الطريق شائك وطويل لكننا اتخذنا فيه خطوات هامة وأساسية، وسنسير فيه حتى نهايته، للوصول إلى وحدة وطنية راسخة وصلبة، فهي صمام الأمان لمشروعنا الوطني، وبها فقط نعزز صمود شعبنا، ونعطي قضيتنا المزيد من المنعة والقوة والعنفوان».