هل باتت الفضائيات العربية تفتقر للابداع الاعلامي، أم انها عاجزة عن أن تجد أشخاصاً مؤهلين وأصحاب عقول يعملون على ابتكار ما هو جديد في عالم البرامج الفضائية في كافة أنواعها؟
فمن بات مُتابعاً لما تقدمه تلك الفضائيات العربية وبكثرتها أيضاً يعي أن نصف ما تقوم بعرضه من هذه البرامج على شاشاتها ما هو الا استنساخ لبرامج تم جلبها من الغرب و'تعريبها'، هذا ان كان في تعريبها اضافة أو ان كانت تستحق أيضاً بأن يتم تحويلها لعمل عربي يحاكي الشريحة العربية أينما كانت.
وأثناء متابعتك لهذا الزخم الكبير المُمطر لهذه البرامج تجتاحك الاسئلة المستنكرة، فهل تحجّر العقل 'العربي' ليصبح عاجزاً عن ابتكار أفكار لبرامج ليست فقط ضمن نطاق برامج 'التوك شو'، بل أيضاً لكثير غيرها؟ أم أن اللجوء لاستعارة أفكار الغرب و'عربنتها' أفضل؟ ناهيك عن أن الاستعارة هنا قد تُكلّفك ثمناً باهظاً مما ستدفعه.
وكان لاخر تلك البرامج 'المُستنسخة' وقع خاص أثار الكثير من الغرابة والاستهجان، لعدد من المشاهدين وهي تلك البرامج التي تعتمد على بطل برنامجها 'الصادق' ألا وهو جهاز كشف الحقيقة! فأنت ما عليك سوى أن تُسلِّم لصدق هذا الجهاز فوراً وتجلس على المقعد وكأنك تذهب لفحص طبي وتتلقى الاسئلة لتجيب عليها.
ولتقع اجابتك تحت سطوة هذا الجهاز 'المُذهل' ليكون صاحب القرار النهائي في تحديد ان كانت اجابتك هذه صادقة أم كاذبة.
ترى ما السر الذي يحمله هذا الجهاز ليقرر مصير اجابتك وصدقها من عدمه؟ كما أن هذا الجهاز لشدة ما ناله ربما من جماهيرية تنّقل بعدة اطلالات على الفضائيات العربية فهو لم تقف حدود استعارته على فضائية بعينها دون غيرها، فلك أن تجده في عدّة برامج وعدّة فضائيات عربية.
منهم من كان عامل جذبهم الذي توقعوه ربما شخصية الضيف التي ستتعرض اجاباته للفحص الطبي! فكلّما كان الضيف مشهوراً زادت نسبة المتابعة ربما، وزادت حدّة الفضول لبعض المتابعين ليعرفوا ان كان ضيفهم صادقا أم كاذبا في بعض من اجاباته..
ومنهم من كان للاجابة ثمن! فكلمّا كانت الاجابة صادقة على حسب 'الجهاز' كانت الجائزة المالية ترتفع قيمتها، فتّم توظيف هذا الجهاز في نطاق 'المسابقات'. والسؤال هنا كيف لهذه الجائزة الماديّة أن ترتفع قيمتها؟ الاجابة تكمن بأنه كلّما زادت نسبة هذه الاسئلة خصوصية لأي انسان قرر المشاركة بتلك المسابقة ارتفعت القيمة الماديّة التي سيقبضها! أي أنه ما عليك سوى أن تُسلّم تفاصيل حياتك الشخصية وعلى الهواء لتربح الجائزة النقدية في النهاية.
هل بات اخر أبطال هذه البرامج 'المُستعارة' جهاز كشف الحقيقة بالشخص المهم حضوره في أي برنامج؟ وهل باتت فكرة الصدق من الكذب من الامور التي يسهُل تحديدها ويَسهُل على العقلية المُتابعة تصديقها، أم أنه ربما يقع تحت باب 'استخفاف' بعقول المشاهدين الى تلك الدرجة.
أسئلة كثيرة تُطرح وتدور حول تلك البرامج المُستنسخة، اضافة الى ما يشوبها من لمسات عربية قد توصف في بعض منها أو أكثرها 'بالتشويه'..
وان كانت الفضائيات العربية تعجز عن ايجاد ما هو جديد وتعبت من البحث عن أشخاص يملكون تلك القدرات الابداعية في مثل هذا المجال، فليعملوا فقط على التفكير والتروي قبل أن يأخذوا من الغرب مثل هذه البرامج، والعمل أيضاً على معرفة ان كانت تتلاءم مع عقول المجتمع العربي، طالما اختاروا ترجمة تلك الأعمال تحت عنوان اللغة 'العربيّة'..