اخبار البلد_ منذ اللحظة الاولى التي ركب فيها السجين خالد شاهين الطائرة بحثا عن علاج في الخارج, لم تعد القضية مسألة شخصية بقدر ما اصبحت قضية الحكومة ومعضلتها الرئيسية, فقد فتحت تلك "السفرة" نار جهنم على الحكومة التي بقيت تبرر وتبرر رغم قناعتها بان تذكرة شاهين كانت باتجاه واحد, الى ان جاء الخبر اليقين بعد فشل محاولات اقناعه بالعودة.
وجاء تحرك رئيس الوزراء معروف البخيت لمعالجة قضية شاهين بعد تلكؤ دام اكثر من شهرين, وهذه هي التجربة الثانية التي يلجأ فيها البخيت الى جراحة في طاقمه الوزاري فقد جرب الامر في وزارته السابقه عندما اقال وزيري المياه والصحة انذاك في خضم ملف تسمم الشاورما وتلوث مياه منشية بني حسن.
الامر بات واضحا نتيجة التحقيقات في قضية سفر شاهين وتبين الخيط الابيض من الاسود ومسؤولية كل الاطراف والتي كانت عن قصد او من دون قصد او عن حسن نية او سوئها, لذلك صدر الامر للوزيرين بتقديم الاستقالة في اطار المعالجة الحقيقية وتحديد المسؤوليات.
وحاول البخيت في مؤتمره الصحافي الدفاع عن الوزيرين مؤكدا ان الامر لا يتعلق "بنزاهتهما" لكنه عاد وقال للتلفزيون الاردني بان "الاستقالة جاءت بسبب اخطاء حصلت في التعامل مع قضية شاهين" وهذا ارتباك افقد اللحظة اهميتها ولو اراد الرئيس الدقة لقال "قضية تهريب شاهين".
ولم يعد سرا القول بان اقحام لجنة التامين الصحي في القضية كان غير مبرر لأنها غير مختصة واختصاصها يقع على الاشخاص المؤمنين صحيا ويطلبون العلاج في الخارج, اضافة الى خرق النظام الذي تعمل بموجبه اللجنة و تدخل مسؤول في الوزارة بالضغط على اعضاء في اللجنة للتوقيع.
وكذلك فان تبرير الحالة الانسانية لم يعد مقبولا لان الامر ليس مقصورا على سجين دون اخر وكذلك الضمانات القانونية بالعودة والتي تبين عجزها وكذلك التمسك بوجود اتفاقية تسليم مع الولايات المتحدة تبين انها غير موجودة.
قلنا سابقا لو ان الرئيس البخيت فتح هذا الملف قبل شهرين يوم كشفته"العرب اليوم" للرأي العام لوفر على نفسه وعلى طاقمه الوزاري كل هذا العناء وكل هذه الهتافات المعادية في الشوارع بتحميله المسؤولية, لا سيما وان النزاهة لا تنقصه بل الامر يتعلق بالشجاعة.
ويبدو ان الامر سيطال رؤساء اخرين وعلى مستويات عدة, وهذا اقل ما يمكن ان يقبل به الاردنيون, اضافة الى استكمال المعالجة الشفافة مهما كانت النتائج, وهو ما يريده جلالة الملك عبدالله الثاني الذي ازعجته هذه القضية بسبب حجم التضليل فيها ابتداء من التقرير الطبي ومرورا بقرار لجنة التامين وانتهاء بالسفر الى بريطانيا بدل امريكا ومرور اكثر من ثلاثة اشهر دون اجراء العملية الجراحية المنشودة.