اخبار البلد _ ما قالته الهيئة العامة لنقابة المحامين عبر صناديق اقتراع النقيب ومجلس النقابة يمكن تلخيصه بأسطر قليلة مؤداها أن مهنة المحاماة مهنة البحث عن الحقيقة والعدالة وبهذه الصفة فان النقابة ينبغي أن تكون الوعاء الحاضن لكل الآراء والتوجهات والتعددية السياسية والفكرية ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن يسيطر على مجلس نقابتها تيار سياسي دون غيره ولا أن تجير قراراتها لحساب هذا الطرف أو ذاك من القوى السياسية، ففي الانحياز السياسي أخلال بمبدأ العدالة، وحين يمنع القانون على القضاة مثلا الانتساب إلى الأحزاب السياسية فان المفروض أيضا ألا يكون مجلس نقابة المحامين واجهة لتيار أو حزب سياسي دون غيره، وهذه خصوصية يفترض أن تتميز بها نقابة المحامين عن غيرها من النقابات كالأطباء والمهندسين لأننا نعرف أن عمل المحاماة موضوع مرتبط ارتباطا وثيقا بالحريات العامة والخاصة وبأحكام وحقوق دستورية وتشريعات لها جوانب سياسية واجتماعية وهو ما لا يتوفر في النقابات الأخرى باستثناء نقابة الصحفيين.
نقول أن الهيئة العامة لنقابة المحامين اختارت بالفعل الانحياز للتعددية السياسية المتوازنة في مجلس النقابة وهو المؤشر الذي على القوى السياسية وبخاصة جبهة العمل الإسلامي قراءته بتمعن والكف عن محاولات الهيمنة والادعاء بتمثل الأغلبية الصامتة، والتخطيط للمستقبل برؤى الاعتراف بالآخر والإقرار العملي بالتعددية السياسية.
الآن وفي ضوء مجلس جديد متعدد في نقابة المحامين يمثل التشكيل الحقيقي للقوى المجتمعية فان نقابة المحامين باتت مؤهلة لقضيتين في غاية الأهمية:
الأولى الاصلاح داخل الجسم النقابي الأردني، ففي الوقت الذي تنادي به القوى السياسية والرسمية معا بمسيرة أصلاح شامل فان أحدا لا يتحدث عن ضرورة الاصلاح الداخلي في النقابات المهنية، حيث الأنظمة الانتخابية المهترئة والآليات الإدارية والتنفيذية القديمة والتجاوزات على القانون حتى في مبنى المجمع الذي صدرت عدة أحكام قضائية بإزالة الاضافات غير المرخصة والمخالفة للقانون فيه وتشكل منظرا غير حضاري، دون أن يجرؤ أحد على تنفيذ تلك الأحكام القضائية في الوقت الذي تتظاهر فيه النقابات وتعتصم من أجل احترام حقوق المواطنين.
الاصلاح يجب أن يبدأ فورا في النقابات المهنية ابتداء من نقابة المحامين ونظامها الانتخابي المرهق، وآليات تدريب المحامين التي تلقي إلى المهنة محامين دون المستوى المأمول في العلم والاحتراف، وانتهاء بالمظهر الخارجي للمحامين والمحاميات في المحاكم.
والثانية : الاعتراف بأن استقلال نقابة المحامين من استقلال السلطة القضائية فلن تكون هناك نقابة محامين تمثل المهنة وتحمي منتسبيها وتدافع عن حقوق الناس وحرياتهم ما لم يكن القضاء مستقلا استقلالا تاما والسادة القضاة في وضع يمكنهم من القيام بمهمتهم الجليلة في ظروف مواتية ابتداء من الأمن الوظيفي والحياتي وانتهاء بتكافؤ فرص التعلم المستمر.
ومن هنا فان مهمة عاجلة تنتظر مجلس نقابة المحامين الجديد وهي ربط استقلال نقابة المحامين باستقلال القضاء تأثرا وتأثيرا وأن يكون صوتها حاضرا ضد كل محاولة للتأثير على استقلال القضاء الأردني أو الإساءة إليه أو أختراقه من قبل مؤسسات التمويل الأجنبي تحت مسميات ما أنزل الله بها من سلطان.
مجلس نقابة المحامين ضم هذه المرة أغلبية شبابية قد تكون محرك التغيير وعنوان الاصلاح.
محمد صبيحي يكتب : هل تفجر نقابة المحامين مسيرة الاصلاح في الجسم النقابي
أخبار البلد -