يافاوي يا برتقال !

يافاوي يا برتقال !
أخبار البلد -  
كان البائع يقف فوق كومة البرتقال على ظهر الشاحنة القادمة لتوها من فلسطين وينادي بأعلى صوته: يافاوي يا بردقان (برتقال) فيتجمع بعض اهل الحارة ليشتروا إما عبوءة شوال الخيش أو بالعدد، المئة بكذا قرش فلسطيني ! تلك صورة من ايام الطفولة في اربد استدعاها لذاكرتي حيةً زاهية الدكتور مصطفى كبها في محاضرته التي ألقاها عن البرتقال في تاريخ يافا الاسبوع الماضي في رابطة الكتاب الاردنيين وروى فيها قصة هذه الفاكهة التي شكلت زراعتها وتجارتها لحقبة طويلة من الزمن جزءًا مهما من تاريخ فلسطين الاقتصادي والاجتماعي وبعض السياسي..


كانت المحاضرة مفعمة بالمشاعر الحميمة، والحضور يتابعونها بشغف وكأني بهم قد انتشوا بذكريات العطر الفواح من زهر الليمون والبرتقال، والمحاضر الآتي من وطن ال 48 باسلوبه الهادئ الرصين كباحث في الجامعة المفتوحة وجامعة بير السبع يتحدث عن البرتقال وأهميته في حياة الفلسطينيين منذ القرن التاسع عشر حتى عام النكبة ( 1948 ) حين استولى الغزاة على الاراضي والمزارع الممتدة في سهول يافا لتشمل اللد والرملة حتى شمال غزة ، وإمعانا في جريمتهم راحو بعد ذلك وبلا حياء أو خجل يصّدرون البرتقال الفلسطيني الى اوروبا على انه برتقال اسرائيلي صرف ويستعملون نفس الاسم الذي اشتهر به Jafa Orange وينزعون عنه اي علاقة باسم فلسطين ويخفون معالم سرقته من ارضٍ ليست لهم ومزارع لم يسفحوا قطرة عرق واحدة في حراثة ترابها أو العناية بأشجارها !

مضى الدكتور مصطفى كبها المولود في قرية أم القطف / المثلث عام 1962 والمتخصص في التاريخ الشفهي يسرد التفاصيل الصغيرة والكبيرة عن نشأة زراعة البرتقال وكيف نمت واتسع نطاقها على ايدى المزارعين الفلسطينيين الذين تميزوا حقاً بنشاطهم وطموحهم وسعيهم الدؤوب للتقدم والتحديث حتى اصبح انتاج الحمضيات يتضاعف بمرور الوقت فبعد ان كان بضعة آلاف من الاطنان في اواخر القرن التاسع عشر وصل الى نصف مليون طن قبل ضياع فلسطين عام 1948 ، وما شملته تلك الفترة الزمنية من تطوير للري بواسطة الآبار التي تم حفرها حتى سميت المزارع بيارات وما استتبعه ذلك من استخدام المضخات وشبكات الأنابيب وصيانتها، وتنظيم التقاط الثمر وجمعه بايدي النساء والرجال وتعبئته في السحاحير الخشبية التي نشأت من اجلها صناعة خاصة لتجهيز تلك الصناديق ومن ثم بناء ميناء عائم في بحر يافا تصله القوارب الصغيرة بحمولتها من الحمضيات لتنقل من هناك الى بواخر كبيرة تقوم بشحنه الى الخارج، وكيف وسّع ذلك كثيراً من اتصال الفلسطينين بالعالم وانفتاحهم على اوروبا وتأثرهم بما فيها من مجالات العلوم الهندسية والزراعية المختلفة.

لقد لبث جمهور الحاضرين المشدودين بالمحبة واللهفة يصغون للمحاضر ويشاركونه شحذ الذاكرة وهو يعدد اسماء العائلات التي اشتهرت وأثْرت بعد ان نجحت في التوسع بزراعة البيارات وتصدير الحمضيات فاستطاعت ارسال ابنائها للتخصص في الدول المتقدمة وأصبحت مرموقة المكانة في المجتمع الاقتصادي وفي بعض النشاطات السياسية، ومنها اسماء مازالت تحيا بين ظهرانينا وأخرى غابت عن مسرح التاريخ الفلسطيني بعد ان انتقل اصحابها لاجئين الى لبنان وسوريا والأردن، وبعض هؤلاء ابتلعته تماما ظروف الزمان الغادر..

وفي النهاية يلفت نظرنا الاستاذ عبد الله حمودة الذي ادار المحاضرة كيف شكّل تاريخ البرتقال اليافاوي جزءًا من ارتباط الفلسطيني ارتباطا بالغ العمق بجذوره وارضه وحقه في وطنه المغتصب، ومثّل بالتالي رمزاً من رموز المقاومة الفلسطينية التي لا تنتهي ولا تتوقف.

وبعد.. لن أملّ من التكرار ولا أظنكم سوف تملّون حين أغتنم مثل هذه المناسبة لكي أشيد معتزاً بالأهل الذين صمدوا داخل الوطن وتحملوا فوق ذل الاحتلال والتمييز والقهر ظلماً آخر لا يقل قسوة وإيلاما هو ذاك الذي طالهم من ذوي القربى حين قاطعوهم وأهملوهم وأساؤوا لهم حد اتهامهم بالخيانة لأنهم حملوا الهوية الاسرائيلية وكأنها كانت خيارهم الوطني !! ولكي اوجه ايضاً تحية شكر وتقدير للدكتور مصطفى كبها على جهوده المتميزة في توثيق الذاكرة الفلسطينية في اربعة وعشرين كتاباً ألفها حتى الآن ولفت نظري من بينها واحد بعنوان (لاجئون في وطنهم).. بالعبرية.

 
شريط الأخبار الاتحاد الأردني لشركات التأمين يهنئ البنك المركزي الأردني بفوزه بجائزة الملك عبدالله الثاني للتميز عن فئة الأداء الحكومي والشفافية لعام 2024 الصفدي يوجه لنجيب ميقاتي رسالة ملكية جادة وول ستريت تستكمل تسجيل المكاسب بعد تصريحات رئيس الفدرالي الأميركي إعلان تجنيد للذكور والإناث صادر عن مديرية الأمن العام المستشفى الميداني الأردني غزة /79 يستقبل 16 ألف مراجع الملك يرعى حفل جوائز الملك عبدالله الثاني للتميز الخارجية: لا إصابات بين الأردنيين جراء الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان حزب الله: قصفنا مستعمرة "جيشر هزيف" بصلية صاروخية الحكومة تقرر تخفيض أسعار البنزين 90 و95 والديزل لشهر تشرين الأول المقبل وفاة احد المصابين بحادثة اطلاق النار داخل المصنع بالعقبة البنك الأردني الكويتي ينفذ تجربة إخلاء وهمية لمباني الإدارة العامة والفرع الرئيسي وفيلا البنكية الخاصة الخبير الشوبكي يجيب.. لماذا تتراجع أسعار النفط عالمياً رغم العدوان الصهيوني في المنطقة؟ حملة للتبرع بالدم في مستشفى الكندي إرجاء اجتماع مجلس الأمة في دورته العادية حتى 18 تشرين الثاني المقبل (ارادة ملكية) الاعلام العبري: أنباء عن محاولة أسر جندي بغزة تسجيل أسهم الزيادة في رأس مال الشركة المتحدة للتأمين ليصبح 14 مليون (سهم/دينار) هيفاء وهبي تنتقد الصمت الخارجي بشأن العدوان الإسرائيلي على لبنان مشاهد لتدمير صاروخ "إسكندر" 12 عربة قطار محملة بالأسلحة والذخائر لقوات كييف كمين محكم للمقاومة الفلسطينية جنوبي غزة في أول تصريح لوزير الاقتصاد الرقمي سامي سميرات يعيد "نفس الكلام" !!