على الرغم من الحملة الترويجية الضخمة التي قامت بها الحكومة المصرية في معرض برلين العالمي للسياحة، الذي عقد في مارس/آذار 2016، بعرض أفلام قصيرة حول السياحة في مصر وباستثمار 68 مليون دولار للدعاية السياحية، لم تحتل مصر أي موقع في قائمة الدول الخمسين الأكثر جذباً للسياح في العالم؛ ممّا أثار غضب أصحاب شركات السياحة وروادها في مصر.
منتقدة طريقة الترويج، أوضحت شخصيات حضرت المعرض أن من الغريب أن تنتج حملة إعلامية استثمرت فيها عشرات الملايين من الدولارات فيلماً ترويجياً رديئاً عن مصر؛ فالفيلم الذي عرض في برلين لم يركز على الأماكن السياحية المعروفة التي كانت دائماً مصدر جذب للسياح، بل عرض مشاهد لحالات الفقر المدقعة في أرجاء مصر؛ ممّا أثار الغضب والتساؤلات.
في هذا السياق يقول تسبي بارئيل، في تقرير نشرته صحيفة "ذا ماركر" الاقتصادية العبرية، إن قطاع السياحة في مصر "يحتضر"، بعد أن تلقى ضربات قاضية في العام الماضي؛ بدءاً من مقتل السياح المكسيكيين في الصحراء الغربية على يد قوات الأمن المصري بحجة أن الجنود ظنّوا السياح "مخربين"، مروراً بالتفجيرات التي هزّت العاصمة المصرية القاهرة، إضافة إلى إسقاط طائرة الركاب الروسية أثناء مرورها في سماء صحراء سيناء، هذا الحدث بالذات جمّد السياحة الروسية والدولية في مصر؛ ممّا ألحق خسائر وصلت قيمتها إلى 200 مليون دولار أمريكي.
وبحسب معطيات اللجنة المركزية للإحصاء فقد سجل انخفاض بنسبة 46% بعدد السياح الذين دخلوا إلى مصر في فبراير/شباط عام 2016 نسبة للفترة نفسها من العام الماضي.
كما انخفض عدد السياح من 13 مليون سائح دخلوا مصر في عام 2012-2013 إلى 9.3 مليون منذ 2013 حتى اليوم.
وهنا يذكر أن الضرر أصاب الأماكن التي تعتبر عصب السياحة المصرية مثل سواحل البحر الأحمر وجنوبي سيناء التي تضم أكثر من 130 ألف غرفة فندقية، والتي تحولت إلى فنادق "أشباح" وتركت مئات آلاف الموظفين عاطلين عن العمل؛ ممّا زاد الضغط على قوائم البطالة في مصر.
وعليه، يعتبر الحلم المصري بالوصول إلى عائدات 10 مليارات دولار من السياحة عام 2016 أبعد من أي وقت مضى، فمن غير الواضح متى ستعود وتنتظم الرحلات من روسيا، كما أن التخوف من الهجمات الإرهابية لا يزال في أوجه.
- زيارة الملك سلمان... جسر الإنقاذ
وفي ظل هذا الانكسار العميق في السياحة، يقول بارئيل، تبدو زيارة الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، للقاهرة مثل عملية إحياء أتت في وقتها بالضبط؛ إذ وقع الطرفان اتفاقيات كثيرة ستمنح السعودية مصر بموجبها دعماً قيمته 3 مليارات دولار، وقرضاً مريحاً بقيمة 1.5 مليار دولار لتطوير سيناء، وتوفير حاجة مصر من النفط والغاز في السنوات الخمس القادمة، إلى جانب خطة استثمارات في قطاع الإسكان والبنى التحتية.
وعليه، يقول الكاتب إن الدعم السعودي يحمي مصر من الغرق ويبقيها "فوق الماء" منذ يونيو/حزيران عام 2013، لكن هذا الدعم لا يمكن أن يكون بديلاً لخطة اقتصادية طويلة المدى تضمن فيها مصر وقوف اقتصادها على قدميه؛ وهنا القصد أن يقف على أقدام مصرية وليس الاستمرار في الاتكال على الدعم الخارجي.
في هذا السياق يقول بارئيل إن قطاع السياحة في مصر ليس الوحيد الذي تلقى ضربة قاضية، فارتفاع سعر الدولار، الذي تحولت قيمته خلال فترة قصيرة من 7.5 جنيه مصري إلى 10 جنيهات، أجبر السلطات المصرية على اتخاذ إجراءات دراماتيكية للحد من استخدام العملة الأجنبية، إذ طلب من المستوردين إيداع قيمة البضاعة المستوردة بالدولار في المصارف المصرية قبل وصولها إلى الميناء، كما فرضت قيود على التحويلات وتم تقليص استيراد قطع الغيار بشكل كبير.
وعليه، يقول الكاتب إن هذه الإجراءات أضرت بشكل كبير بقطاع السيارات المصري، سواء المستورد أو المصنع محلياً؛ إذ أبلغ أصحاب الوكالات عن انخفاض نسبته تراوحت بين 12%-20% في أسعار السيارات في الشهرين الأخيرين، مقابل ارتفاع يومي بسعر الدولار، لذلك تجمدت صفقات استيراد السيارات وانخفضت مبيعاتها.
وعن البطالة تقول معطيات دائرة الإحصائيات إن نسبة البطالة بين الشباب وصلت 22.6%، وإن أكثر من 50% من الشباب يعيشون تحت خط الفقر أو بالقرب منه. وهنا يقول الكاتب إن البطالة هي التحدي الأكبر الذي يقف أمام الحكومة المصرية.