حظي إعلان الحكومة بإلغاء المادة 308 من قانون العقوبات التي "تعفي المغتصب من الملاحقة القانونية في حال زواجه من الضحية"، بترحيب محدود من قبل منظمات المجتمع المدني التي اعتبرت الإلغاء "غير كامل"، حسب طلبها، لأنه أبقى على تطبيق المادة المذكورة في حالة "مواقعة قاصر بالرضا".
وورد إلغاء هذه المادة على لسان وزير العدل بسام التلهوني، خلال مؤتمر صحفي أمس عقب جلسة مجلس الوزراء.
ورحبت المنظمات بتصريحات التلهوني التي أكد فيها "تعديل المواد الخاصة بالتحرش، بحيث تم تغليظ عقوبة التحرش لتصبح ثلاث سنوات، في حين أنها لا تزيد على شهر في القانون الحالي".
وفي هذا الصدد، قالت الأمينة العامة للجنة الوطنية لشؤون المرأة سلمى النمس على صفحتها على "فيس بوك": "منذ مسودة التعديل الأولى لقانون العقوبات، ونحن نعلم أن الحكومة ستلغي المادة 308 من القانون في حالة الاغتصاب، وهذا من المؤكد أنه تقدم مهم في مناهضة العنف والتمييز ضد المرأة. لكن التعديل للأسف أبقى على استخدام المادة في الحالات الأخرى مثلا المواقعة بالرضا، وللأسف لا يمكن الاعتداد برأي طفلة عمرها ما بين 15-18 في هذه الحالات، وبالتالي فإن موقف اللجنة الوطنية لشؤون المرأة مايزال المطالبة بإلغاء المادة بشكل كامل".
والموقف ذاته عبرت عنه الناشطة المحامية في اتحاد المرأة هالة عاهد، التي ترى أنه "من غير المنطقي أن يتبنى القانون موقفا يعتد به بموافقة قاصر"، مضيفة أن "موقفنا يؤكد إلغاء المادة بالكامل".
وفي المقابل رأى الطبيب الشرعي رجائي الشوحة أنه "بتعديل المادة 308 من قانون العقوبات التي تنص على ملاحقة المعتدي بالجرائم الجنسية اذا تزوج من المعتدى عليها، فلن يستفيد أحد".
وقال الشوحة على صفحته، على "فيس بوك": "في أكثر الحالات التي أعاينها تتقدم الأنثى بشكوى الاغتصاب على شاب تكون متفقة معه على الزواج ويكون الأهل ضد هذا الزواج، فتقوم الأنثى بتقديم شكوى الاغتصاب لكي يقوم المحافظ بتزويجها منه".
ويضيف: "أنا شخصيا مع إسقاط هذا البند من المادة لأنه قد تأتي حالة (لم أشهد بعد مثل ذلك) يكون فيها الاغتصاب حقيقيا ويتم زواج تسقط فيه العقوبة".
وكانت توصيات وملاحظات اللجان الدولية على التزامات الأردن بالاتفاقيات الدولية التي صادق عليها، أكدت ضرورة إلغاء نص المادة 308 من قانون العقوبات، حيث أعربت لجنة القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة العام 2012 عند مناقشتها التقرير الدوري الخامس المقدم من الأردن عن قلقها "إزاء الأحكام التمييزية المتبقية في قانون العقوبات الأردني مثل المواد 98 و99 و308".
أما الملاحظات الختامية التي أصدرتها لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة حول التقرير الجامع للتقريرين الدوريين الرابع والخامس حول الأطفال الذي قدمه الأردن العام 2014، فطالبت بإلغاء "جميع الأحكام القانونية التي تتغاضى عن الجرائم القائمة على نوع الجنس، خاصة المواد 97 و99 و340 و345 مكرر من قانون العقوبات".
وبحسب دراسة اصدرتها مؤخرا جمعية معهد تضامن النساء "تضامن" فإن قانون العقوبات الأردني "يعاقب مرتكب جريمة الاغتصاب بالأشغال الشاقة المؤقتة مدة لا تقل عن عشر سنوات، ويعاقب بالإعدام من أقدم على اغتصاب فتاة لم تتم الخامسة عشرة من عمرها".
كما "يعاقب مرتكب جريمة هتك العرض بالعنف أو التهديد بالأشغال الشاقة مدة لا تقل عن أربع سنوات، ويكون حدها الأدنى سبع سنوات إذا كان المعتدى عليه لم يتم الخامسة عشرة من عمره، وبالأشغال الشاقة المؤقتة إذا كان من هتك عرضه لا يستطيع المقاومة بسبب عجز جسدي أو نقص نفسي أو بالخداع، ويعاقب كل من هتك عرض طفل أو طفلة بعنف أو تهديد أو بدونهما بالأشغال الشاقة المؤقتة مدة لا تقل عن ثماني سنوات".
ووثقت هذه الدراسة برأي صادر عن مدعي عام محكمة الجنايات الكبرى القاضي علي أبو زيد، الذي قال بهذا الصدد: "كمدعي عام جنايات كبرى، قمت بإيقاف الملاحقة للجناة في جرائم الاغتصاب حينما يقدمون عقود زواج صحيحة معتمدة/ موثقة من الجهات الرسمية ذات العلاقة والاختصاص، ومناطها المحاكم الشرعية، وذلك من خلال الإجراءات الرسمية المعتمدة، حيث نقوم بإيقاف الملاحقة واسترداد مذكرة التوقيف إذا كانت القضية ما زالت في طور الملاحقة".
وتشير بيانات محكمة الجنايات الكبرى الى أن "عددا من الجناة أوقف بحقهم تنفيذ العقوبة بسبب تزويج الضحايا لهم وفق المادة 308 من قانون العقوبات الأردني، وكانت صدرت بحقهم أحكاماً قضائية مختلفة، فمثلاً منهم من حكم بالإعدام شنقاً، وآخر لمدة ستة وعشرين عاماً وثمانية أشهر، وآخران لمدة عشرين عاماً، وآخر لمدة عشر سنوات، علماً أن الجناة من الأردن وبعض الدول العربية والمجني عليهن أردنيات ومن دول عربية وأجنبية".
ترحيب محدود من منظمات المجتمع بإلغاء المادة 308

أخبار البلد - اخبار البلد