اخبار البلد
يرتبط الاتحاد الأوروبي وتركيا بعلاقات يشوبها الالتباس منذ أكثر من نصف قرن، بدءا من اتفاق الشراكة الموقع في 12 أيلول/سبتمبر 1963، وصولا إلى تحريك آلية الانضمام إلى أوروبا في ظل أزمة المهاجرين الضاغطة.
يسود الالتباس العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي التي بدأت تنسج خيوطها منذ أكثر من نصف قرن، وكان آخر فصولها إبرام الاتفاق بين دول الاتحاد الأوروبي الـ28 وتركيا حولأزمة المهاجرين.
اتفاق الشراكة
وقعت تركيا والمجموعة الاقتصادية الأوروبية في 12 أيلول/سبتمبر 1963 اتفاق شراكة ينص على إقامة اتحاد جمركي تدريجي كمرحلة انتقالية نحو انضمام تركيا إلى المجموعة الأوروبية.
غير أن اتفاق الشراكة جمد بفعل الانقلاب العسكري في تركيا في أيلول/سبتمبر 1980.
وفي 14 نيسان/أبريل 1987، عادت أنقرة وقدمت طلبا رسميا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
وفي 6 آذار/مارس 1995، تم توقيع اتفاق وحدة جمركية لكن سرعان ما جمد بفعل معارضة اليونان احتجاجا على قضية قبرص التي يحتل الجيش التركي منذ 1974 شطرها الشمالي حيث أعلنت في 1983 جمهورية شمال قبرص التركية التي لا تعترف بها سوى أنقرة.
وفي 10 كانون الأول/ديسمبر 1999، منح الأوروبيون تركيا خلال قمة هلسنكي وضع الدولة المرشحة للانضمام من دون تحديد موعد لبدء المفاوضات، لكنهم طلبوا منها تحسين وضع حقوق الإنسان وأدائها الاقتصادي.
وفي آذار/مارس 2001، اعتمدت الحكومة التركية "برنامجا وطنيا" من التدابير السياسية والاقتصادية وفي السنة التالية، صوت البرلمان على إلغاء عقوبة الإعدام ومنح الأكراد حقوقا ثقافية.
بدء آلية الانضمام
باشر رجب طيب أردوغان الذي وصل إلى السلطة في ربيع 2003 على رأس حزب العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ، ورشة واسعة النطاق من الإصلاحات السياسية والاقتصادية على أمل الدخول إلىالاتحاد الأوروبي.
وفي 29 تموز/يوليو 2005، وقعت تركيا "بروتوكول أنقرة" الذي يوسع اتحادها الجمركي ليشمل الدول العشر المنضمة حديثا إلى الاتحاد الأوروبي (في أيار/مايو 2004)، وبينها قبرص. لكنها أوضحت أن هذا "لا يعني إطلاقا اعترافا رسميا بجمهورية قبرص". ولم يتم إبرام هذا البروتوكول منذ ذلك الحين.
لكن في 4 تشرين الأول/أكتوبر 2005، بدأ الاتحاد الأوروبي وتركيا رسميا مفاوضات الانضمام بالرغم من معارضة عدد من الدول أبرزها النمسا.
وفي حزيران/يونيو 2006، فتح أول فصول التفاوض الـ35 المخصص لموضوع "العلوم والبحث".
وبعد أشهر من العرقلة، فتح فصل ثان مخصص لـ"السياسة الصناعية والشركات" في آذار/مارس 2007.
التعثر
سرعان ما تعثرت المفاوضات. وفتح 14 فصلا من أصل 35 غير أن واحدا فقط منها أنجز، هو الأول.
وتغيرت الأجواء السياسية منذ الانتخابات الأوروبية عام 2004 التي شهدت اختراقا للحركات الشعبوية المعارضة لانضمام تركيا المسلمة إلى الاتحاد الأوروبي.
وجمدت ألمانيا بقيادة المستشارة أنغيلا ميركل التي وصلت إلى السلطة عام 2005، وفرنسا برئاسة نيكولا ساركوزي (2007-2012)، فتح خمسة فصول جديدة كانت ستجعل من انضمام تركيا واقعا حتميا.
واقترح الزعيمان في أيار/مايو 2009 "شراكة مميزة مع تركيا لكن ليس انضماما فعليا".
نحو تحريك العملية
وبعد أكثر من ثلاث سنوات من الجمود، أبدت فرنسا وألمانيا عام 2013 مؤشرات انفتاح. فرفعت باريس الفيتو عن فتح الفصل 22 المتعلق بالسياسات الإقليمية وزارت ميركل أنقرة.
وفي كانون الثاني/يناير 2014 زار الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أنقرة وأعلن أن انضمام تركيا "سيطرح في مطلق الأحوال في استفتاء" في فرنسا.
ووسط أزمة المهاجرين الفارين بالملايين من النزاع في سوريا، وقد لجأ أكثر من مليونين منهم إلى تركيا، زارت ميركل إسطنبول في تشرين الأول/أكتوبر 2015 لإجراء محادثات مع القادة الأتراك.
وفي الشهر التالي، تم التوقيع على خطة عمل في بروكسل بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، تلتزم أنقرة بموجبها بضبط حدودها، فيما يعد الاتحاد الأوروبي بـ"إعادة تحريك" مفاوضات الانضمام.
وفي 14 كانون الأول/ديسمبر، فتح الاتحاد الأوروبي وتركيا الفصل 17 من مفاوضات الانضمام المتعلق بالسياسة الاقتصادية والنقدية.
وأبرم مشروع اتفاق بين الشريكين في 7 آذار/مارس حول أزمة الهجرة، تتعهد فيه تركيا باستعادة اللاجئين السوريين الذين يصلون إلى أوروبا بصورة غير شرعية، مقابل استقدام الأوروبيين عددا موازيا من اللاجئين السوريين مباشرة من تركيا.
مطالب تركية إضافية
لكن أنقرة تطالب من أجل ذلك بتحريك مفاوضات الانضمام، فضلا عن منحها مساعدة مالية إضافية قدرها 3 مليار يورو تضاف إلى المليارات الثلاثة التي وعدتها بها أوروبا لمساعدة اللاجئين على أراضي تركيا، وإعفاء مواطنيها منتأشيرات الدخولإلى بلدان الاتحاد اعتبارا من حزيران/يونيو.
رفض فرنسي
لكن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند سرعان ما أعلن أمام الصحافيين الأسبوع المنصرم، في ختام اجتماع في قصر الإليزيه مع 15 مسؤولا اشتراكيا ديمقراطيا أوروبيا "يجب عدم تقديم أي تنازل على صعيدحقوق الإنسانأو معايير رفع تأشيرات الدخول"، وذلك قبل استئناف مفاوضات صعبة الأسبوع المقبل في بروكسل خلال قمة بين أنقرة ودول الاتحاد الأوروبي الـ28.
وأضاف أن هذا الموقف يجب أن يكون "واضحا وشفافا في العلاقات" بينالاتحاد الأوروبي وتركيا، وفي سياق المفاوضات التي بدأت قبل سنوات في شأن انضمامها إلى الاتحاد.