أخبار البلد - احمد عواد
في هذا الزمان ليست الشهادة الجامعية هي المعيار الوحيد لإيجاد فرصة عمل مناسبة وذلك لأن صاحب رأس المال يهتم بمقدار الإنتاجية والإنجاز لا بمقدار ارتفاع المعدلات وعلو الشهادات ورفعة المسميات في الغالب، ولكل قاعدة شواذ !
ليس هذا محور حديثي في هذا المقال وإنما هي المقدمة التي ستقودنا إلى سؤال نطرحه على أنفسنا وعلى من يعنيه الأمر « ما المبرر لعودة امتحان الكفاءة المخصص لطلبة الجامعات الأردنية ؟»، وأيضا لعل البعض يتساءل « ما هي الخطوات التي تعتزم وزارة التعليم العالي القيام بها بعد أن تقوم بتحليل نتائج هذا الامتحان ؟».
هي أسئلة في غاية الأهمية، تنبهنا إلى أهمية وجوب المحافظة على مستوى التعليم في وطننا أو إن جاز التعبير وجوب الارتقاء به إلى مستوى يليق بطاقات الأردن البشرية والتي تقوم بدور كبير وفعال في المنطقة.
وتقودنا أيضا إلى أهمية تخريج طلبة مسلحين فعلا بالعلم والمعرفة التي تمكنهم من الارتقاء بأنفسهم ومجتمعاتهم، فجميعنا يعلم أن العلم يبني بيوتا لا عماد لها والجهل يهدم بيوت العز والكرم، والجميع فينا مدرك لأهمية الموارد البشرية التي تعد نفط الأردن ووقوده الذي يضيء البهيج في سماء الوطن والعالم.
هذا الامتحان والذي تم إعادة العمل به من قبل هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي فكرته جيدة إلى حد كبير ولكنه بحاجة إلى إعادة النظر بمستوى جديته من قبل الطلبة خلال السنوات القادمة ليقيس فعلا ماهية المخرجات التعليمية بشكل صحيح ودقيق، وليس الغرض من ذلك هو فرض العقوبات على الطالب وإنما من أجل إيجاد مواطن الخلل في النظام التعليمي ومعالجتها قدر الإمكان، وذلك لضمان الارتقاء والنهوض بمستوى الخريجين لدينا لخدمة أهداف التنمية والتطوير.
فالعملية التعليمية يشترك فيها أكثر من عنصر والطالب أحدها ويجب التنبه بكل تأكيد إلى بقية العناصر من مستوى الهيئة التدريسية ومدى التزامها بالخطط الدراسية الموضوعة ومدى مطالعتها للجديد في العالم، ومستوى البيئة الجامعية ومدى توفيرها للأجهزة والمعدات التعليمية والبحثية، ولعل الموضوع أعمق من ذلك ليخرج من الدائرة المباشرة إلى الدائرة المترابطة التي نجد فيها المستوى المعيشي والإقتصادي والظروف الاجتماعية التي تحيط بكافة عناصر هذه العملية ووجوب بحثنا في ذلك لتحقيق النمو المتكامل والتنمية المستدامة التي نطمح أن نصل إليها في كافة المجالات.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أهمية التفكير بخطة وطنية استراتيجية طويلة الأمد تكون قادرة على تطوير التعليم في الأردن والارتقاء به على المستوى العالمي وليس على مستوى الشرق الأوسط فحسب !
فالمهندس الذي نريد هو القادر على إيجاد الحلول للمعضلات بمختلف أشكالها، وهو القادر على تطوير قطاع الصناعة في مختلف المجالات لما لهذا القطاع من تأثير كبير في الواقع الاقتصادي بأبعاده المختلفة ولكافة شرائح المجتمع، فليس المهندس هو ذلك الذي يبحث عن مكتب ليقضي به بضع ساعات ! ومن ثم يذهب من حيث أتى وكأن وظيفته الإدارة والمراقبة فقط. والتي رغم أهميتها إلا أنها جانب من جوانب عديدة لمن أراد أن يتخذ الهندسة مهمة وعملا وفكرا وفلسفة للحياة !
والمبرمج الذي نريد ليس الذي يستخدم الموجود والمألوف فقط بل هو القادر على ابتكار شيء جديد في ظل ثورة المعلومات والتكنولوجيا العالمية.
أما عن التخصصات الطبية والتي تتسم بالإنسانية فدعواتنا بالخير لكل من أخلص في عمله بها، ولكننا أيضا بحاجة إلى تعظيم دور الطبيب مثلا ليتحول من معالج ومشخص للمرض إلى مكتشف ومبتكر للعلاج.
يتوجب هنا الإشارة إلى وجود نماذج ناجحة من مختلف التخصصات والمهن والذين يقومون بالبذل ليل نهار في سبيل التحسين والتطوير، ولكن أين البقية ؟! هنا يبقى السؤال مطروحا... وكم نسبتهم للمجموع... وما الأثر المتروك على المجتمع بوجه العموم ! وعلى من تقع المسؤولية ؟! ومن هو الذي ينبغي أن يبادر ؟!
ومن الجدير بالإشارة هنا إلى أهمية البحث العلمي وتفعيله وإعطائه حيزا كبيرا من اهتمام الجامعات التي يجب أن تكون مراكز بحثية إلى جانب كونها تعليمية وإذا نظرنا إلى مسمى الوزارة فسنجد أنها التعليم العالي والبحث العلمي وهذا بالفعل ما يجب تفعيله إن أردنا الارتقاء.
* طالب هندسة الطاقة الكهربائية