اخبار البلد-
منذ ما يقارب ربع القرن عادت الحياة الديمقراطية والإنفراج السياسي في البلاد , بعد فترة من الأحكام العرفية زادت عن ثلاثة عقود.
اجتاحت البلاد بعدها فورة حزبية , وكأننا أمام جوع حزبي سياسي , ولهفة لهذا العمل الذي حرمنا منه طويلا , واستبشرنا خيرا بأننا أمام مرحلة هامة وتاريخية في العمل السياسي الذي افتقدناه ردحا من الزمن , ولكن يبدو أننا كنا نعيش أحلام اليقظة !
قالوا لنا بحاجتنا إلى فترة زمنية حتى يتم تكريس الديمقراطية وتثبيت أركانها , وفي كل مرة يرددون هذا القول , وكأننا طلبة في رياض الأطفال, وهاهي السنوات تمضي والقول هو نفس القول .
ديمقراطية أردنية ما زالت تحبو , لم تقف بعد على قدميها , والطفل يستطيع الوقوف بعد أقل من سنة على ولادته, اما نحن فيبدو أن إعاقة شديدة قد أصابت أطرافنا , فلم نعد نقوى على الوقوف.
طابور خامس يعمل بكل ما أوتي من قوة وسلطة , ما زال يتربّع ويرسم ويخطط , طابور مهمته إعاقة أي تقدّم في المسيرة الديمقراطية , وكيف لرجال هذا الطابور أن يسمحوا لأجيال جديدة ان تتقدم الصفوف؟
يصرّ هؤلاء على الإستمرار في حكمنا , وهم الذين حكمونا في فترة الأحكام العرفية سيئة الصيت , ما زالوا هم هم لم يتغيروا او يتبدلوا والعالم كله مقبل على التغيير.
يعملون على إعاقة إصدار القوانين الديمقراطية كالأحزاب والإنتخابات وغيرها , وهم يدركون أن وقوفهم في جبهة واحدة سيجعل منهم رقما صعبا , وهم الذين حوّلوا حياتنا إلى ما هو أصعب وأشقى .
عسكر قديم مازال يعمل بيننا بجد ونشاط وقوة , له أسلحته الفتاكة , والرجال الذين يدورون في فلكهم, في كل عرس تجدهم , وما أبلغهم في التنظير الديمقراطي وانتقاد ما هو سائد .
الطابور الخامس يصول ويجول منذ أكثر من خمسة وعشرين عاما , والديمقراطية تحبو , وكأن الشعب الأردني لم يصل بعد إلى سن الرشد , ماذا يريد هذا الطابور بالضبط ؟
في المقابل , حياة سياسية راكدة , وأحزاب هشّة ضعيفة لا تستطيع الصمود والمقاومة , وقوانين يتم تفصيلها على المقاس , حتى نستمر في حالة الحبو والمشي على أربع .
عسكر قديم وطابور خامس مازال يمسك بمفاصل حياتنا , شئنا أم أبينا , فهذا هو واقع الحال منذ ربع قرن , فماذا تغيّر منذ ذلك الوقت , سوى استبدال زيد بعبيد ونحن نتفرّج بافواه فاغرة كالبلهاء!