ثمة ما يؤرق في الحرب الدائرة ضد تنظيم داعش، وخصوصا ما تعلق منه بموقف الولايات المتحدة التي تقدم رجلا وتؤخر اخرى ولا تنتهج الى اللحظة استراتيجية واضحة إزاء التهديد الذي يمثله التنظيم.
ما يظهر حتى الان أن ثمة رغبة أمريكية بإدارة الصراع اكثر من حسمه، أما الثمار الغامضة لإبقاء الصراع دائراً، فتقبع في مخيلة مخططي البنتاغون، ويمكن تلمس اثارها على الارض قتلا وسحلا وتدميرا وتشريداً وتجزئة لأوطان.
لا أريد أن أذهب بعيداً وتحديدا الى نظرية المؤامرة، التي يمكن قراءة الكثير عنها فيما يكتب عن الاحداث حالياً، بيد أن وراء الأكمة ما وراءها؟
فالتنظيم الذي برز خلال عامين، كيف تسنى له تحقيق ما حققه من سيطرة على الارض في بلدين عربيين «سوريا والعراق» والثالثة على الطريق «ليبيا»، وكيف ما زال يستقطب مقاتلين، ويبيع البترول الذي سرقه من مقدرات الشعبين العراقي والسوري، فضلا عن التهديد الذي يمثله، دون أن يكون هناك اجراء حاسم للحد من خطورته على الاقل، وضربه الضربة التي تسمى «قاسمة».
والانكى ان إدارة الصراع باتت تتيح لطرف ثالث له مطامعه هو الاخر بتصدر المشهد، فإيران ضالعة في الهجوم الذي تشنه القوات العراقية على تكريت، وطلائع حرسها الثوري تصول حاليا في جنوب سوريا على مشارف الجولان.
الولايات المتحدة التي استبعدت ايران اصلا من الحرب على «الارهاب» ها هي تثمن، على لسان وزير دفاعها أشتون كارتر، الدور الايراني في معركة تكريت، وإن عبر كارتر عن مخاوفه من اندلاع صراع بين السنة والشيعة بسبب هذا الدور!
النتيجة.. يبدو ان الحرب على داعش مفتوحة لكل من يريد المشاركة بها، «بما يشبه الجهد التطوعي»، والامريكيون مستمرون في ادارة الصراع «العبثي»، وربما عن طريق تلك الادارة واستمرار الصراع يعيدون اكتشاف مصالحهم، على طريقة لعبة الأمم للكاتب «مايلز كوبلاند».