تواجه نقابة الصحفيين والوسط الصحفي تحديات كبيرة، تستدعي جهودا جبارة ومكثفة وعملا متواصلا لمواجهة هذه التحديات والتغلب عليها. ومن أبرز التحديات التي تواجه النقابة والصحفيين والإعلاميين، الأزمة المالية التي تعاني منها الزميلة "الدستور"، والتي أدت إلى معاناة شديدة لزملائنا انعكست على حياتهم وحياة أسرهم، بالإضافة إلى تأثيراتها السلبية على مهنة الصحافة ككل وعلى العاملين فيها.
وتبذل نقابة الصحفيين بالتعاون مع زملائنا في صحيفة "الدستور" جهودا كبيرة لمعالجة هذه الأزمة، حيث تقوم بخطوات واتصالات، وتقدم اقتراحات للجهات المختصة، للمساعدة في الخروج من المأزق، بحيث تتمكن الصحيفة من الوفاء بالتزاماتها المالية، وخصوصا تجاه العاملين فيها الذين بذلوا ويبذلون جهودا جبارة للنهوض بهذه الصحيفة العريقة، والتي قدمت الكثير والكثير للمهنة وللصحفيين وللوطن.
أتمنى أن تتجاوب الجهات المعنية مع الاقتراحات التي تقدمها النقابة والزملاء في الصحيفة. كما أتمنى أن تتعامل هذه الجهات مع قضية "الدستور" كقضية وطنية، تستدعي منها أن تتجاوز الحسابات المالية البحتة، وأن تجد الحلول القادرة على تجاوز المرحلة الصعبة، حتى لو تحملت جزءا من الكلف المالية اللازمة لمعالجة المشاكل المالية التي تعاني منها "الدستور" والزملاء العاملون فيها هذه الأيام. وإذا تعاملت الجهات والهيئات والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية مع قضية "الدستور" كما تستحق كقضية وطنية، فإن معالجة الأزمة التي تمر بها الصحيفة العريقة تصبح ممكنة.
وهناك تحديات أخرى تواجه النقابة هذه الأيام، منها التداعيات التي فرضها إقرار صندوق التقاعد، والذي كان مطلبا للكثير من الأعضاء لتأمين حياتهم بعد التقاعد. ومن التداعيات لتطبيق نظام الصندوق ومواد قانون النقابة، والتي يتم تداولها والحديث بها داخل الوسط الصحفي، اشتراكات الصندوق. إذ يشترط القانون تسديد كامل الالتزامات المالية للأعضاء تجاه صناديق النقابة قبل 31 آذار (مارس) الحالي. ويفرض القانون على مجلس النقابة فصل العضو غير المسدد لهذه الالتزامات. ولأن المبالغ المترتبة على الأعضاء نتيجة لتطبيق نظام صندوق التقاعد كبيرة، لاسيما أن الكثيرين لم يسددوا هذه المبالغ خلال الأشهر الماضية، فإن الكثيرين بدأوا يتساءلون عن الفوائد التي سيجنونها جراء الانتساب للصندوق. هناك جدل كبير حول هذه النقطة في الوسط الصحفي، ما يستدعي من النقابة تقديم شروحاتها حول هذا الأمر. وليس هذا فقط، فالمجلس مطالب بدراسة ملاحظات الأعضاء حول الصندوق، والاستفادة منها في المستقبل لتطوير الصندوق، أو لتعديل مواده. إن الجدل الدائر يجب أن يحث مجلس النقابة على تعديل نظام الصندوق، وإيجاد حلول لكل المشاكل التي يعاني منها الصحفيون.
إن من الحلول التي يمكن التفكير بها ودراستها، إلغاء إلزامية الانتساب لصندوق التقاعد، وجعله اختياريا، بحيث ينتسب للصندوق من يجد فيه فائدة. ومن الممكن الاستفادة من تجارب نقابة مهنية شقيقة، مثل نقابة المهندسين التي جعلت الانتساب لصندوق تقاعدها اختياريا. علما أن نقابة المهندسين التي لها تجربة عريقة في الاستثمار لتعزيز موجودات صندوقها للتقاعد، تخشى على صندوقها من أن لا يتمكن في المستقبل من الإيفاء بالتزاماته المالية، فكيف الحال بالنسبة لنقابتنا التي لا توجد لديها أي تجربة في الاستثمار. على النقابة التفكير عميقا بهذه النقطة، فبعد عشر سنوات سيبدأ صندوق النقابة بدفع رواتب تقاعدية للأعضاء المتقاعدين. وكما هو معلوم، فإن المبالغ التي دفعها العضو طوال فترة اشتراكه بصندوق التقاعد سيستردها خلال سنة أو سنتين. وهذه الحقيقة تدفع للتساؤل: ماذا أعد مجلس النقابة من خطوات واستثمارات لرفد الصندوق بالأموال اللازمة لمنع وقوعه في العجز المالي، وعدم الوفاء بالالتزامات المالية نحو الأعضاء؟
إن الأوضاع المالية الصعبة للصحافة الورقية ولكل أشكال الصحافة، تؤثر على النقابة بدرجة كبيرة، وتؤثر على الخدمات التي تقدمها، وتؤثر على القدرة المالية للنقابة. والتحديات كبيرة، تستدعي عملا مبدعا ومتواصلا لمعالجتها وحماية النقابة ودورها وخدماتها.