لا أستسيغ كلمة تعديل في وصف ما أجراه الرئيس النسور على حكومته , فشكل الحكومة لم يكون في إعوجاج حتى يتم تعديله وإن كان أداء أي وزير فيها أصاب أم أخطأ يؤخذ على الحكومة كلها أو يحسب لها , فالأصل هو التناغم والانسجام بين الوزير وحقيبته أولا ثم مع الفريق الوزاري كله ومع السياسات الحكومية كلها .
أما وقد أجرى الرئيس تغييرات على حقائب وزارية مهمة كما كان متوقعا , وبعد مخاض عاشته النخب في عمان فقط حتى وقت قريب كان الرئيس وعلى مداها يعبر عن ارتياحه لأداء فريقه ويسعى الى تجاوز هذا التغيير سواء كانت له ضروراته أم لم تكن , فما ينبغي قراءته هنا هي السياسات التي تتبعها الحكومة وليس الأشخاص الذين جاؤوا أو الذين أزيحوا الى حقائب جديدة .
التغييرات في الحقائب جاءت بعد إقرار مجلس النواب لموازنة سنة جديدة , تميز سيل الخطب النيابية فيها بانتقادات مست الرئيس وبعض من فريقه أكثر مما دخلت الى عمق السياسات الحكومية التي تعكسها أرقام الموازنة , وقد اتبع الرئيس العادة الدارجة وهي تقليد أكثر منه حاجة بتجديد دماء في الفريق عقب كل موازنة , ستحتاج السياسات المالية التي تضمنتها الى جهد جديد في حرفية التنفيذ مع أن الوزراء الجدد إنما يأتون على سياسات وبرامج موضوعة , وأغلب الظن أن التعديل أراد تنشيط عملية التنفيذ التي شابها بعض البطء ففي بعض محاورها رغم أن هناك من يقول بأن جلها يسير حسب البرامج الموضوعة .
أهم ما في التعديل أنه فك تشابكا لم يكن مرغوبا به في وزارتين هامتين هما السياحة والعمل , وهما الوزارتان اللتان ظلمتا , عند تحميل عبء إدارتهما لوزير واحد نالت إحداها تركيزا على حساب أخرى .
يمثل أي تعديل على الحكومة فرصة كبيرة لمنحها إنطلاقه قوية خصوصا بتقوية فريقها الإقتصادي وتوسيعه وهو الأهم في ضوء التحديات الاقتصادية الكبيرة فهل نجح الرئيس النسور في خياراته الجديدة , هذا ما سنتعرف اليه في الفترة المقبلة .
الفريق الإقتصادي في التعديل الحكومي لا يحتاج فقط لأن يكون منسجما فذلك من أبسط البديهيات لكنه سيحتاج لأن يركز جل جهده على تنحية ملفات جانبية أزاحت النظر أو كادت عن المحاور الرئيسية التي تفرضها الحاجة الى إصلاح إقتصادي يعزز الإنفتاح ويمنح للقطاع الخاص الثقة مجددا كشريك حقيقي لخدمة الاقتصاد والمجتمعات المحلية وليس عدوا لها . .
. يسجل لهذه الحكومة تجاوزها لمبدأ ترحيل المشاكل والتردد في إتخاذ القرار تحت وطأة الضغوط الشعبية وما بقي هو إستكمال منظومة العمل في ملفات الإصلاح الاقتصادي المنتظر .