عجيب أمر لقب المعالي في بلدي، فما أن يلتحق شخص بقطار الحكومة ويحوز على لقب معالي حتى ينقلب رأسا على عقب، بل وينقلب على كل ثوابته التي كان يتحدث بها بالأمس القريب.
إسلاميا كان أو يساريا، ثوريا كان أو شيوعيا، عنيفا أو مهادنا، كافرا بالنظام أو متآمرا عليه، سجينا أو طليقا، فما أن تمس قدمه عتبات الديوان الملكي، وتمس يده المصحف الشريف أو الانجيل ليقسم، فيقفل راجعا بلقب المعالي حتى يصبح شخصا آخر لا تعرفه.
فجأة يصبح يوزع صكوك الوطنية، وهو الذي كان بالأمس ثوريا ومناضلا ويهاجم كل الذين في السلطة.
بعضهم لم يعد يرى نفسه خارج صفوف الحكومة، فتراه يتملق ويفعل ما في وسعه حتى لا يخرج في أي تعديل أو تغيير، أو على الأقل حتى يبقى في صفوف الاحتياط لحين الحاجة.
يحكى أن جنديا خدم أكثر من 20 سنة برتبة جندي ثاني، وكان يتناول طعامه مع الأفراد، ثم رفع إلى رتبة تسمح له بتناول الطعام في نادي ضباط الصف، وفي أول يوم له في النادي، وبعد أن أخذ صحنه وتوجه إلى الطاولة لتناول الطعام، تصادف أن جهة كانت تعد برنامجا عن الجيش، فاستوقفوه وسألوه عن المشاكل التي تواجههم كجنود في هذه الوحدة، فقال بكل حزم: نحن ضباط الصف لا مشاكل لدينا.
بالتأكيد لكل قاعدة شواذ، فهناك رجال دخلوا الوزارة وبقوا على العهد ولم يقلبوا ظهر المجن.