تعرّضت إيران بعد انتصار الثورة الإسلامية في 11 شباط 1979 وإعلانها "الدولة الإسلامية"، وطرحها شعار "الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل"، للكثير من الضغوط من قبل الغرب و"إسرائيل" والدول العربية والإسلامية، وذلك بسبب ابتعادها عن الغرب، فكانت البداية بالحرب العراقية ضد إيران من أجل القضاء على ثورتها الإسلامية، التي أحدثت زلزالاً كبيراً في المنطقة؛ كما عبّر قادة العدو الصهيوني.
مشكلة إيران مع أميركا وأتباعها ليست في تخصيب اليورانيوم، ولا في القمرالصناعي، ولا في تطوير الأسلحة الاستراتيجية والتقدُّم العلمي، ولا في توسيع نفوذها السياسي والاقتصادي في العالميْن العربي والإسلامي.. المشكلة معهم في تبنيها لمشروع المقاومة ضد "إسرائيل"، والذي أسسه الإمام الخميني (قده) تحت شعار "إسرائيل غدة سرطانية يجب أن تزول من الوجود".
المشكلة معها في إرسالها الحرس الثوري إلى لبنان بعد الاجتياح "الإسرائيلي"، فكان له الدور الأساس في تأسيس المقاومة الإسلامية التي هزمت "إسرائيل"، التي وصفها السيد نصر الله بأنها "أوهن من بيت العنكبوت".
المشكلة معها في دعمها للنظام في سورية، والذي آمن بخط المقاومة، وكان له دور أساس في حمايتها وتشكيل الغطاء السياسي لها في لبنان خلال فترة وجوده فيه، وفي دعمه لها في حرب "إسرائيل" على لبنان في شهر تموز عام 2006.
المشكلة معها في دعمها حركات الاستضعاف في العالم، كالبوسنة والهرسك، وفي احتضانها وتأمين الغطاء السياسي للحركات الثورية، كحركة "أنصار الله" في اليمن، التي استطاعت الإمساك بزمام الأمور، وبطريقة هادئة، وذلك بالتعاون مع أكثرية القبائل والأحزاب.
المشكلة معها في دعمها فصائل المقاومة الفلسطينية، التي حرمت "إسرائيل" من نعمة الأمن والاسقرار، وجعلتها تشعر بالخوف على مصيرها.
شعرت أميركا بخطر التمدُّد الإيراني في دول المنطقة، فوضعت خطتها لمواجهته والقضاء عليه، فقد حاولت القضاء على المقاومة في لبنان فلم تستطع، وعملت على إسقاط النظام في سورية، فاستعانت بالمجموعات التكفيرية الإرهابية، ولكنها أخفقت.
سارعت إلى تبديل الخطة، فتقدّم الرئيس أوباما من الكونغرس الأميركي بطلب إصدار قرار يسمح له بالتدخل العسكري المباشر البري حيث تدعو الحاجة، بحجة محاربة "داعش"، إضافة إلى تدريب مجموعت في الأردن لتدخل إلى درعا ومحيطها.
تهدف هذه الخطة إلى السيطرة الكاملة على المنطقة الجنوبية (درعا)، والتقدُّم باتجاه الريف الدمشقي ربطاً بالجولان السوري، وهي خطة تهدف إلى تغيير المعادلة في سورية لمصلحة المعارضة، وإسقاط النظام، وضرب المقاومة.. أدركت سورية خطورة بقاء هذه المنطقة تحت سيطرة التكفيريين، وبحماية أردنية - "إسرائيلية"، كما عبّر وزير خارجيتها وليد المعلم، فبادرت إلى معركة القنيطرة ودرعا قبل أن تبدأها "النصرة" و"الجيش الحر" برعاية أميركية - "إسرائيلية"، وحققت فيها انتصارات هامة، واستعادت العديد من المواقع والتلال الاستراتيجية، وستستمر هذه المعركة إلى الحدّ الذي يشعر فيه النظام أن خط الإمداد باتجاه الريف الدمشقي أصبح مقطوعاً.
إن تطوّر الأحداث في اليمن والجولان السوري سيرتّب آثاراً سلبية على أميريكا وأتباعها، لكنه لا يعني بالضرورة أن طبول الحرب بين أميركا وإيران ستقرع حالياً، لاسيما في ظل الكلام عن قرب التوصُّل إلى اتفاق شامل بينهما حول الملف النووي الإيراني.