لا يمكن تحجيم الإرهاب وهزيمته في الإقليم، مع استمرار "حرب السُّنة والشيعة" الغبية، التي تتسع وتزداد دموية، يوما اثر يوم، بحيث اصبحت تغطي العراق وسورية واليمن ولبنان والباكستان وأفغانستان والبحرين، واخذت تتحول الى حروب أهلية مكشوفة، كما هو حال اليمن وسورية والعراق.
واضح تورط ايران في الأقطار العربية، التي فيها شيعة، على امل تحقيق حلم ووهم الإمبراطورية الفارسية، وهو التورط الذي سيقود الى استنزاف ايران وانحسارها، وانتقال نار الحرب الاهلية اليها، وهي التي تضم عدة مذاهب (شيعة 89 % وسنَّة 10%) وقوميات (فرس، عرب، اتراك، اذريين، جيلاك، تركمان وبلوش)، كما ان تركيا التي تفتح أوسع كرادوراتها لدخول الإرهابيين، ليست في مأمن من انتقال نار الإرهاب الذي رعته الى ديارها.
ان اضطهاد السُّنة الممنهج، واقصاء قياداتهم ونخبهم العشائرية والبرلمانية والحزبية، فرّخت فرقا وتنظيمات بالعشرات، بحجة حماية السّنة، كانت "داعش" اكثرها دموية وغلوا وارهابا، وهاهي المناطق العراقية التي يتم استردادها من "داعش" يجري منع عودة السّنة اليها، لا بل يتم احراق منازلهم وممتلكاتهم واغتيالهم، كما فعل الايزيديون والاكراد والشيعة.
صحيح ان ايران تحقق تقدما سريعا ومكاسب استراتيجية مهمة على طريق تصدير الثورة والمذهب، اذ صرح العميد باقر زادة: "ان حدود ايران تمتد الى صنعاء" واعتبرت القيادة الإيرانية "ان انتصار الحوثيين هو انتصار تاريخي للثورة الإيرانية"، ومثل هذا التفكير المذهبي الإيراني التوسعي وهذا السلوك الإرهابي ضد السّنة سيفرخ المزيد من التنظيمات الدموية الإرهابية السّنية، وسيزيد من اتساع الحاضنة السّنية الداعمة لها وسيوفر لها بيئة نمو خصبة.
فهاهي القاعدة و"داعش" تتحركان بعنف في اليمن ضد "أنصار الله" الحوثيين، النسخة اليمنية من حزب الله اللبناني، ردا على احتلال صنعاء (21/9) والسيطرة على الحياة السياسية والاقتصادية اليمنية، وهاهي طالبان تتبنى التفجيرات الإرهابية في بيشاور ضد حسينيات الشيعة لأول مرة.
ان الإقليم مقبل قريبا على تفاعلات جيوسياسية هائلة من أجل التعاطي مع التوسع الاستعماري الفارسي، الذي هو بمثابة اعلان حرب إيرانية رعناء، ستدفع على وجه الجدية والسرعة، السعودية والامارات والبحرين والكويت والأردن ومصر، الى التصدي لهذا المشروع العقيم، بمشروع تحالف سياسي عسكري اقتصادي امني، يملك مقومات النشوء والنمو والنجاح.
لقد سقطت الغلالة الرقيقة عن وجه المشروع التوسعي الإيراني، ولم تعد حكاية المستضعفين تنطلي على احد، ولم تعد شعارات الممانعة والتحرير تنطلي على صبي، وستدخلنا ايران في "حرب السّنة والشيعة" لعقد مرير من الزمان، شبيه بعقد الحرب العراقية الإيرانية الطاحنة التي دمرت البلدين والمنطقة.
انها الحرب التي ستفضي الى تقسيم دول المنطقة، العراق وسورية واليمن، وستسهم في إضافة المزيد من النفط الى أتونها، وهي الحرب التي ستطلق يد إسرائيل وأميركا، لتفكيك ما تشاء وإعادة بناء ما تشاء من هياكل دويلات على أنقاض ما هو آخذ في التهدم الآن، وانها الحرب التي ستحطم آمال شعب فلسطين في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.