الدم العربي سواء تعلق الامر بالحروب وتبادل الاسرى او بالقتل المتعمد في موقف للسيارات او ملهى ليلي او مسجد كالعملات المحلية التي لا يشتري المرء بها هاتفا او ثلاجة الا اذا ملأ سلة منها، بينما دماء الاخرين ليست زرقاء فقط بل هي العملة الصعبة كالدولار واليورو، وقد ادخل الشيكل الى هذه القائمة ايضا لأسباب يدعي العرب انهم يجهلونها، وحين يقتل امريكي ثلاثة من العرب بالجملة ودفعة واحدة فمعنى ذلك انه لم يمهل نفسه نصف دقيقة او يتردد في قتل الاثنين بعد الأول، ولهذه المسألة اسباب غير مسموح للضحية تجاهلها، منها ما تربى عليه من ثقافة وما ترسب في ذاكرته مما كتب المستشرقون عن العربي باعتباره كائنا بربريا وبدائيا ومنها ما يراه من قتل العرب لبعضهم على مدار السّاعة بحيث لم يعد هناك حواسيب قادرة على احصائهم . ومنها ايضا تلك السوابق التي قتل فيها عرب ولم يطالب بالديّة احد حتى من ذوي القربى !
دمهم الازرق بالعملة الصعبة المغطاة ليس فقط بالذهب بل بالقوة النووية وادمان الشعور بالتفوق والتعالي، لهذا صدق المثل العربي الذي قال : من تعرف ديّته اقتله بلا تردد، وهذا ما تفعله اسرائيل منذ اكثر من ستة عقود لأنها الأدرى من ولية نعمتها اميركا بتسعيرة الدم ! ان صورة العربي الان في العالم ومن خلال الميديا المؤدلجة والمسيّسة لا تردع اي راغب في الاعتداء عليه بالعدول عن قراره، فهو ارخص من خروف، ويذبح كالخروف وقد يأتي وقت يباع فيه جلده في السوق السوداء .
منذ البداية كان لهم كامل الحق بالدخول الى اي بلد يشاؤون وفي قصف اية عاصمة لا يروق لهم الحكم فيها، حدث هذا تارة باسم ديموقراطية الهامبورغر وتارة باسم تحرير الشعوب من ثقافتها وتاريخها ووعيها وليس من الاستبداد كما يدّعون، لكأنهم اصبحوا يدركون ان العربي هو حاتم الطائي قدر تعلّق الامر بغزاته واعدائه، لكنه ابخل من تحدّث عنهم الجاحظ في كتابه البخلاء عندما يتعلق الامر بذويه وابناء جلدته !
دمنا مهدور في كل مكان، لأننا ابلغنا العالم من حيث لا ندري بأننا ان لم نجد من يقتلنا قتلنا انفسنا بايدينا، فالحياة لم تعد عزيزة تبعا لما تبثه ثقافة الموت وتطوير صناعته ومن يبدد الحياة بسفاهة لا يستحقها !
ان تكرار التسامح عن عجز وليس على طريقة العفو عند المقدرة مع من يذبحون ويقتلون ويشرّدون اغرى حتى الدجاجة بان تستأسد والفأر بأن يزأر ... فهل اصبحت مهنة أمة لم يتسع لها العالم ذات حضارة دفن موتاها في صمت ؟