أخبار البلد - خالد فخيدة
لن نزيد على الشاعر الذي حمل معاذ امانة السلام على وصفي وهزاع وشهداء الجيش العربي في الكرامة واللطرون وكل بقعة في هذا العالم سقطوا فيها لنشر رسالة السلم والاسلام والسلام؟.. ولكن سنقول لك يا معاذ (ابو كرم) بان رفاقك حرقوا الاخضر واليابس تحت اقدام القتلة المجرمين، وشردوا زعامات هذه العصابة الطاغية، ولدقة صيد نسور سلاح الجو، اعترف الدواعش برعب وهلع نار انتقامك الذي اقسم عليه الاردنيون قاطبة، بدءا من سيد الرجال عبدالله وليس انتهاء بكل من حمل اسمك يوم ارعبت «حارقوك» ببسالتك ورجولتك وايمانك وشموخك الذي انحنت له الجبال.
هل تدري ماذا فعلت يا «ابو كرم».. لقد اجليت الظلام بنورك الوهاج الذي لم تطفئه نارهم، وفتحت طريق الحق على مصرعيه للعالم اجمع، وحاصرت «طيور الظلام» في جحورها مثل الفئران المرعوبة تنتظر الموت.
6 ايام مضت على الجريمة، وقسم الدفاع عن الاسلام والوطن يتعالى كل لحظة، وحمم براكين غضب عمان والكرك وشقيقاتهما من المحافظات تزداد غليانا لزلزلة الارض من تحت اقدام داعش. وقلب الطاولة فوق رؤوسهم ليكونوا عبرة لمن اعتبر.
ما فعلته يا معاذ، انك وحدت العالم وغدا اسمك رمزا للسلم والسلام وعنوانا لمنبع الرجال. على روحك الطاهرة تعانقت المآذن واجراس الكنائس، وسما الاردنيون فوق خلافاتهم الصغيرة وزحفوا في الجمعة المقدسة الى التاريخ في المسجد الحسيني ليهتفوا بصوت واحد «اضرب اضرب عبدالله».
عجز الكلام عن الوصف يا معاذ، فشموخك وانت تطفيء نارهم بدمك الزكي الطاهر، وقائدك الذي انتفض للثأر، احرجت اكبر الزعماء في هذا العالم امام شعوبهم التي تمنت ان تكون « اردنية». فقد قطع جلالة الملك عبدالله الثاني زيارته الى الولايات المتحدة الامريكية وعاد الى ارض الوطن ليأخذ ثأرك، الذي اثبت للعالم بان الاردني ودمه اغلى ما يملك الاردن وقيادته اغلى من اي عرش.
اما قرآنك الكريم يا معاذ الذي اقسمت عليه ان يكون رفيقك في «الحلوة والمرة» لم يحفظ روحك فقط في جنات الخلد انشاء الله، بل حفظ الاردن من عتاة الارهاب ومن يقف خلفهم في الغرف المظلمة، وجعل كل ابناء جلدتك من اربد الى العقبة ومن الاغوار الى المفرق والرويشد يحلمون بارتداء شعار الجيش ولو مرة والاستشهاد بعدها في سبيل الله والوطن وحماية الانسانية في هذا العالم.
يوم اغتالوك يا «ابو كرم»، لم يجرؤ مخرجو هذه الجريمة تصوير الذي اوقد النار في جسدك الملتهب بالايمان او الذين احاطوا بك خوفا من ان تطفيء نارهم وتحلق نسرا من جديد، هل تعلم لماذا؟، لانهم خروا على ركبهم رعبا وهلعا من بأسك وبسالتك وتكبيراتك وصوتك الجسور يتلو ايات الذكر الحكيم وسط تلك المحرقة.
ما جرى يا معاذ، انك ازلت تلك الغمامة التي اخذت البعض من العزة الى الاثم تحت ديباجات الامبريالية، وخلعت عن تلك الطغمة الطاغية ثوب الاسلام واثبت للعالم انهم ليسوا اكثر من عصابات ومافيات دخلت الى المنطقة لتشويه صورة الاسلام وممارسة شهوتها بالقتل والذبح والحرق ونشر العنف والدمار في المجتمعات المستقرة والآمنة. واليوم يا « نور الشهداء» اختصرت استراتيجية العالم لمكافحة الارهاب على ثلاث مراحل، آنية ومتوسطة وطويلة الآمد، الى الآن الآن وليس غدا.
وروح معاذ التي وحدت صفنا واكدت لنا جميعا صحة مسارنا ونباهة وحنكة وحكمة قيادتنا وصدق رؤيتها لن ترتاح في مرقدها الا اذا « نظفنا « مجتمعنا الاردني من اصحاب الفكر المتطرف واستمرار اختبائهم تحت عباءة الدين واستغلال احكامه وايات ذكره الحكيم وسنة نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم لتنفيذ اجنداتهم التدميرية. والسؤال الذي يطرحه التحدي الاكبر الذي يواجهه الاردن للارهاب ما الذي ستتخذه الحكومة في بلادنا مستقبلا تجاه هذه التنظيمات، وكيف ستعمل للقضاء على هذه الثقافة العمياء؟ ومتى ستضع النقاط على حروفها بان يعاقب كل من يحاول تضليل الناس بفتاوى للمس بامننا الوطني واستقرارنا.
ما فعله معاذ وهو يقابل وجه ربه رضيا مرضيا، انه اخرج علماء الدين المعتدلين من عنق الزجاجة، ودفعهم الى هبة فطرية للدفاع عن الدين واحقاق الحق واخراج الناس من ظلمات تلك الفتاوي الجائرة التي لا تمت للعقيدة بأي صلة الى نور الاسلام الذي اخرج العالم من عبادة العباد الى عبادة رب العباد.
ان «الجاهلية الجديدة» التي تحاول ان تصنع لنفسها دولة في دول مجاورة لنا لا تحتاج فقط الى العسكر، فاخلاق وادبيات رسالة عمان جاهزة للانطلاق في انتفاضة فكرية، تبدأ من المساجد والمدارس والجامعات وتدخل الى المنازل عبر الشاشة الصغيرة والانترنت والهواتف المحمولة لتعيد البشرية الى رشدها بانها موجودة على هذه الارض لارساء العدالة السماوية والعيش بسلام.
معاذ الآن في عليين باذن الله مع الانبياء والشهداء بعد ان ادى المطلوب منه في مقاومة من أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بابادتهم، وحتى نكمل الرسالة فالمطلوب ان تكون سياستنا الضرب بيد من حديد لكل من يحاول ان يأخذ الدين الى مناحي جلب الدمار الينا.