لم تكد تمضي الساعات الـ72 التي منحها تنظيم "الدولة الإسلامية" لحكومة اليابان لتنفيذ مطالب التنظيم بدفع فدية مقدارها مئتا مليون دولار أمريكي، للإفراج عن الرهينتين اليابانيين، حتى قام مساء اليوم بإعدام أحد الرهينتين وهو صاحب شركة الأمن الخاصة هارونا يوكاوا (42 عاماً)، أما الرهينة الآخر فهو الصحفي كينجي غوتو.
اللافت في الأمر أن تنظيم "داعش" أعلن عن مطلب جديد يتعلق بالإفراج عن الرهينة "غوتو" وهو الياباني الآخر الذي ما يزال على قيد الحياة، يقوم على إطلاق سراح كل معتقليه في السجون الأردنية، وهو المطلب ذاته الذي أعلنت وسائل إعلامية عدة عرضه على الأردن من قبل التنظيم شرطاً للإفراج عن الطيار الأردني معاذ الكساسبة المعتقل لدى التنظيم منذ شهر، بعد أن سقطت طائرته فوق مدينة الرقة السورية في أثناء مهمة قتالية.
وكان تنظيم "الدولة" قد بث قبل أيام تسجيلاً مصوراً يظهر فيه الرهينتان اليابانيان، وهما بالزي البرتقالي، ويتوسطهما رجل ملثم طالباً من حكومة اليابان دفع مبلغ 200 دولار أمريكي كفدية، وهي القيمة ذاتها التي دفعتها طوكيو للدول التي تحارب تنظيم "الدولة"، ليأتي الشريط المصور ومطالب "الدولة" بعيد ساعات على المنحة اليابانية تلك.
الحكومة اليابانية وصفت عملية إعدام أحد رهائنها بـ"العمل غير المقبول"، في حين أعلن وزير الخارجية الياباني أن طوكيو تبذل كل ما بوسعها لإطلاق سراح رهائنها لدى تنظيم "الدولة الإسلامية"، معلنةً أنها لن تذعن لمطالب الخاطفين، في الوقت الذي ناشدت فيه والدة أحد الرهينتين تنظيم "الدولة" إطلاق سراحه.
وعلم من مصادر دبلوماسية مطلعة أن اليابان كانت قد أوفدت عدداً من العناصر الأمنية والدبلوماسية اليابانية إلى مبنى سفارتها في العاصمة الأردنية عمان، لإدارة المفاوضات مع تنظيم "الدولة الإسلامية" بهدف إطلاق سراح الرهينتين اليابانيين، إلا أن وزير الخارجية الياباني يسوهيد ناكاياما، وهو الذي يقود غرفة العمليات داخل مبنى السفارة، قد أعلن فشل الجهود اليابانية في التواصل مع تنظيم داعش لإطلاق سراح مواطنيهم المحتجزين لدى التنظيم.
وكانت اليابان تأمل أن يقوم الخاطفون بتمديد المهلة أو تخفيض قيمة الفدية، إلا أن الجهود كافة التي بذلتها السفارة اليابانية في عمان باءت بالفشل.
لماذا عمان؟
بحسب مراقبين فإن اليابان اختارت العاصمة الأردنية عمان لتكون مسرحاً لنقاشاتها مع الخاطفين من تنظيم "الدولة الإسلامية"، خاصة أن الأردن كانت قد قطعت شوطاً كبيراً من المفاوضات المباشرة وغير المباشرة مع التنظيم منذ أسر الطيار الأردني معاذ الكساسبة، وكسباً للوقت فقد وقع الاختيار على عمان للوصول إلى حلٍّ سريع يعيد الرهينتين اليابانيين إلى بلادهما سالمين.
خلط الأوراق
لكن وبحسب متابعين، فإن تنظيم "داعش"، أراد من مطلبه الأخير بالإفراج عن معتقليه كافة في السجون الأردنية مقابل الإفراج عن المواطن الياباني المحتجز لديه، خلط الأوراق ما بين عمان وطوكيو؛ إذ تشير التقديرات التي حصل عليها "الخليج أونلاين" مؤخراً، فإن الطريق للإفراج عن الطيار الكساسبة وعودته سالماً إلى الأردن ما يزال طويلاً؛ نتيجة رفض عمان لبعض المطالب التي وصفت بـ"التعجيزية" التي يفرضها التنظيم، وعليه أراد الأخير تنفيذ مطالبه عن طريق الرهينة الياباني الذي ما يزال محتجزاً وعلى قيد الحياة بين يدي "داعش".
يأتي هذا، وعمان تدين لطوكيو بالكثير من "الود"، نتيجة العلاقات الدبلوماسية الجيدة بين البلدين، خاصة في ما يتعلق بتقديم المساعدات العينية والمادية التي قدمتها اليابان للأردن لمساعدة الأخير على الخروج من أزمته؛ من جراء استضافته لما يقرب من مليون لاجئ سوري نزحوا إلى البلاد هرباً من المعارك الدائرة في سوريا.
وعليه أصبحت حياة الرهينة الياباني متوقفة على قرار يصدر من السلطات الأردنية، قبل فوات الأوان، ليبقى التساؤل مطروحاً، حول حقيقة الدور الذي ستقوده اليابان كضغوطٍ على الأردن لتنفيذ مطالب تنظيم "الدولة"، ومن ثم تكسب طوكيو حياة أحد مواطنيها بدلاً من خسارتهما معاً.
يأتي هذا وقد أجرى رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي الذي كان ضيفاً على الأردن قبل أيام اتصالاً هاتفياً مع العاهل الأردني عبد الله الثاني مساء اليوم، من المرجح أن الاتصال كان بهدف الدفع نحو دخول عمان على خط المفاوضات بشكلٍ أكبر للعمل على الإفراج عن الرهينة الياباني المتبقي على قيد الحياة.